كتب رئيس قسم التحقيقات في موقع "الجزيرة" الإنجليزية كليتون سويشر تقريرا، تحت عنوان "مبارك لطارق ابن رئيس السلطة الوطنية عباس".
ويقول الكاتب إن ابن رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس، الذي يملك فيلا في عمّان، وشقة على سطح بناية عالية في بيروت، لديه أملاك في
بريطانيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه بحسب مراجعة السجل الرسمي البريطاني لوثائق مؤسسة تسجيل الأراضي، التي تعود إلى عام 2012، فإن طارق سجل تحت اسمه القانوني شقة من غرفتين بقيمة 1.2 مليون دولار في "ميرتشانت سكوير إيست"، التي تعد من المشاريع الإعمارية الفارهة في لندن.
ويذكر الموقع أنه بحسب جمعية أصحاب العقارات المعروفة باسم "ريلتور"، التي تصيدت عنوان طارق الجديد، فإن الشقة في "بناية مرموقة على النهر"، و"أنيقة، وذات شكل معماري معاصر، وفيها وسائل راحة، وفرش متميز"، حيث لا تبعد إلا مسافة خطوات عن منطقة مليئة "بالحانات الإنجليزية التقليدية، والبارات الجديدة، والمطاعم"، مشيرا إلى أن البناية تعد جزءا من مشاريع التطوير الجارية في منطقة بادينغتون، من أجل زيادة قيمة الاستثمار وثمن البيوت.
ويلفت سويشر إلى أن "شقة طارق بقيت فارغة منذ شرائها، ما يعني أنه ليس بحاجة إلى تأجيرها، والحصول على دخل ليدفع ثمنها، مع أنه يستطيع الحصول، وبسهولة، على مبلغ 4300 دولار في الشهر. وظلت مهملة لدرجة أن المحامين الذين يمثلون (ميرتشانت سكوير) قدموا في عام 2014 دعوى قضائية ضده بسبب (خرقه التزاماته)، ولعدم دفعه 6700 دولار مستحقات عليه لموقف السيارات وأجر التخزين، وهو مبلغ دفعه لاحقا".
ويقول الكاتب إن "طارق لم يرد على أسئلة طرحتها (الجزيرة)، حول ماليته، أو كيف استطاع شراء الشقة، وهو يعرف بلا شك أن معظم الفلسطينيين، الذين يبلغ مستوى دخلهم السنوي حوالي 3060 دولارا، لا يستطيعون استئجار شقة ابن الرئيس ولو لشهر واحد".
ويضيف سويشر أن "طارق ليس المليونير الوحيد من عائلة عباس، حيث بنى ياسر، النجل الأكبر لعباس ثروته من احتكار بيع السجائر المصنعة أمريكيا في المناطق الفلسطينية، فقدم ماركات مثل (لاكي سترايك) وغيرها من المواد المسببة للسرطان للمدمنين على السجائر في فلسطين، وهو ما يترك الكثير من الفلسطينيين يتساءلون: هل البركات المالية التي يتمتعون بها هي "للنخب الأول من رجال الأعمال"، كما تحدث ياسر مرة؟
ويعلق الكاتب بأن الأخوين عباس يتمتعان بثروة مالية لا يستطيع الحصول عليها أبناء وطنهما كلهم تقريبا، ولا يمكن في هذه الحالة أن يخطئ الفلسطيني العادي لو تساءل عما إذا كان (البابا الرئيس) قد أدى دورا، (مع أن المحامين الذين يمثلون ياسر يقولون إن العكس صحيح؛ لأن السياسة عادة ما تؤثر سلبا في تجارة عباس)".
ويتابع سويشر قائلا: "الحمد لله، لدى الرأي العام اليوم معلومات كثيرة، تمكنه من تكوين رأيه، وبحسب ما ورد في صحيفة (هآرتس)، فإن الوثائق المسربة من الشركة البنمية (موساك فونيسكا) أظهرت أن طارق يملك حصصا بقيمة 982 ألف دولار في شركة الاستثمار العربي الفلسطيني، وهي شركة بريطانية مسجلة في فيرجين آيلاند، حيث يعمل عضوا في مجلس إدارتها".
وينوه التقرير إلى أن الشريحة ذاتها من أوراق بنما كشفت أن صندوق الاستثمار الفلسطيني يملك 18% من أسهم شركة الاستثمار العربي الفلسطيني، مشيرا إلى أن عباس بصفته رئيسا للسلطة الوطنية، فإنه يتمتع بنفوذ في نشاطات صندوق الاستثمار الفلسطيني.
ويقول الكاتب: "افترض أن أولاد عباس يريدون إقناعنا بأنه عندما يترك والدهم الغرفة في أي وقت، فإن نشاطات شركة الاستثمار العربي تذكر في واجباته الرسمية، وليس غريبا أن يظهر استطلاع نظمته (أسوشيتد برس) في أيار/ مايو 2016، أن غالبية الفلسطينيين، وبنسبة 95.5%، تعتقد أن هناك فسادا داخل حكومة عباس".
ويستدرك سويشر قائلا:"لكنك لا تسمع كثيرا حول هذه الشكاوى في المنطقة الصغيرة، الدويلة التي يديرها عباس بصفته قيصرا صغيرا، وهي المنطقة التي يختفي فيها المعارضون، ويعذبون، وتغلق مواقع الإنترنت، ويتم التحرش بالصحافيين ومراقبتهم، إلا أن هذا لا يمنع الناس من التفكير بأن
الفساد مستشر، ولأن أبناءه لا يقومون بجهد لتصحيح الانطباع العام، فإنه يمكن الاستنتاج بأنهم لا يهتمون، ولماذا يهتمون؟، حيث كانت آخر مرة واجه فيها عباس الناخبين قبل 10 أعوام، ولا توجد انتخابات مستقبلية".
ويقول الكاتب: "بالنسبة للتعامل مع التغطية الإعلامية السلبية، فإن على طارق أن يعرف أمرا أو أمرين حول كيفية التقليل منها، خاصة أنه تولى مناصب قيادية خلال السنوت الماضية في شركة (سكاي) للإعلان في رام الله، وهو الآن مديرها، وخلال فترة رئاسة طارق، فإنه ساعد على جلب عدد من الشركات الدولية ذات الوزن الثقيل، بينها شركة (كيوتل الوطنية) القطرية، و(كنتاكي فرايد تشيكن)، وحتى (بي بي سي) و(ورلد سيرفس)، وما لم يذكر على موقع (سكاي) هو علاقة طارق السابقة مع عقود الولايات المتحدة، التي كشفت عنها وكالة أنباء (رويترز)، حيث حصلت شركته (سكاي) للإعلانات على حصة كبيرة من مناقصة قدمتها وكالة التنيمة الأمريكية (يو أس إيد) بقيمة مليوني دولار عام 2006، وكانت مهمة سكاي هي (تصحيح صورة الولايات المتحدة في المناطق الفلسطينية)، حيث كانت كما هي الآن بحاجة للتصحيح".
ويواصل سويشر قائلا: "كان الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش قد قدم (خريطة الطريق) عام 2002، التي صادق عليها الرئيس عباس، وهدفت إلى إقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005، وتوقفت الموسيقى، حيث جاء عام 2005 وذهب، ولا شك أن مسؤولي السلطة الوطنية الفلسطينية شعروا بالخجل والغضب، وربما أرسلهم الأمريكيون للقيام بمهام كاذبة، لكنهم كانوا خيرين بطريقة كافية، حيث أعطوا ابن الرئيس عقدا للحصول على بعض المال".
ويتابع الكاتب قائلا: "ويا للأسف، بعد 10 أعوام نعرف أن طارق كان لطيفا بدرجة أنه أعاد تدوير الدولارات، التي حصل عليها في المناطق المحتلة، في الاقتصاد الغربي، وفي دولة أعطت فرصة لبروز وعد بلفور، الذي وعد شعبا آخر بوطن، حيث عاش والده مرة، وتخلى الرجل الثمانيني عن حقه بالعودة والعيش في صفد يوما ما".
ويخلص سويشر إلى أن "إمكانية حل الدولتين، الذي آمن به الرئيس عباس طوال هذه السنين أصبح بعيدا الآن أكثر من أي وقت مضى، وبالنسبة لابنه، فإن لم يكن هناك فلسطين، فإن لندن ستكون دائما موجودة، وأشك أن ابن العز لا يهتم إن كنت تعلم أنه بإمكانه الاستمتاع بها (الشقة) في أي وقت قريب".