قرر النظام العسكري في
مصر الاستثمار المباشر في
الإعلام، بعيدا عن الإملاءات اليومية المباشرة للإعلاميين والمعدين والمحررين، كما ظهر بشكل جلي في تسريبات قناة "مكملين" المعارضة في عام 2014، لرئيس مكتب وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح
السيسي.
وعلمت "
عربي21" من مصادر مطلعة، أن النظام قرر إطلاق باقة قنوات فضائية، من بينها قناة إخبارية، وأخرى عامة، تشرف عليها المخابرات الحربية بشكل مباشر، وسيكون نجومها لفيف من الإعلاميين والفنانيين والصحفيين والمحررين في بعض القنوات مثل قناة "القاهرة والناس"، "سي بي سي" ، و"أون تي في" من خلال انتقاء أشخاص بعينهم.
التمويل والإدارة
وقال المصدر لـ"
عربي21" إن هذه الخطوة سبقها امتلاك شركة الإعلانات "دي ميديا" المالكة لموقع "دوت مصر" الإخباري، بالإضافة إلى ملكيتها لراديو "9090"، وهي في سبيلها للتعاقد مع أسماء شهيرة، بعد أن أتمت التعاقد مع البعض كان آخرهم الممثل الساخر "أشرف عبد الباقي".
وعن مصادر التمويل، والإدارة، كشف المصدر أن "المخابرات الحربية استخدمت أحد رجال أعمالها، وهو طارق إسماعيل، كواجهة إعلامية على الورق للإنفاق على القنوات والموقع والراديو، وإدارتها من خلال وجوه معروفة بخبرتها في الوسط الإعلامي والإذاعي والصحفي والإنتاجي".
بالتوازي، كشف مصدر داخل مدينة الإنتاج الإعلامي، عن شراء شركة "دي ميديا" استديوهات كبيرة داخل المدينة، أحدها كان ملكا لشركة "المستقبل للقنوات الفضائية والإذاعة"، مالكة قنوات "سي بي سي" التابعة لرجل الأعمال الموالي للنظام المهندس محمد الأمين.
خطوات التحضير
ويجري التحضير على قدم وساق، من خلال فريق يقود جولات ماراثونية للاتفاق والتفاوض على الشراء والتعاقد والتجهيز والتخطيط لإطلاق القنوات في نهاية العام الجاري.
وأضاف المصدر، أن الذي يشرف على تدشين القنوات، هو "عماد ربيع" الرئيس التنفيذي لقطاع الإنتاج في قنوات "سي بي سي" سابقا، والذي تقدم باستقالته في آذار/ مارس الماضي، تساعده في ذلك مسؤولة الإنتاج السابقة بالقناة نفسها مروى طنطاوي، المشرفة على اختيار المذيعين والمذيعات.
ويخطط المدير الجديد لقنوات "دي إم سي" لاستقطاب عدد كبير من مشاهير الإعلام والفن، من أجل تقديم برامج "توك شو"، وأخرى "ترفيهية"، و"منوعة"، للسيطرة على الساحة الإعلامية.
قناة إخبارية
وكشف المصدر أن جميع المسؤولين في وزراء حكومة إسماعيل شريف، والمسؤولين الأمنيين، سيكونون في ضيافة تلك البرامج بشكل دائم، وسيُسمح لهم بالظهور بقوة على تلك القنوات، لتعد أحد أهم مصادر المعلومات للمشاهد، تمهيدا لمرحلة التعبئة التي تسعى لها المخابرات الحربية من إدارة وامتلاك القنوات.
وفقدت قناة "سي بي سي إكسترا" الإخبارية، التابعة لقنوات "سي بي سي"، أحد أهم أقطاب صناعة الأخبار، ومديرة الأخبار المركزية بالقناة، والمقربة من النظام، منال الدفتار. وقال المصدر: "ما لا يعرفه أحد إلا قليل، أن الدفتار تقدمت باستقالتها مع عدد من مساعديها، بعد خلاف مع مديري ورؤساء "سي بي سي"، للحاق بركب القنوات الجديدة".
هواجس الانقلاب
على الجانب الآخر، يقول الإعلامي عبد العزيز مجاهد؛ إن هذه طبيعة الانقلابات العسكرية الدموية في التخلي عن شركاء المرحلة، ثم التفرد بالأمر برمته.
وقال لـ"
عربي21": "نراه يؤمم الحياة السياسية بالسيطرة الأمنية على الأحزاب والبرلمان، ويؤمم الاقتصاد باستحواذ الجيش على الثروات والمشاريع، ويؤمم الإعلام بالتحول من التشارك مع إلى امتلاك وسائل إعلام؛ وهذا نابع من هاجس سحب البساط من تحت قدميه، فالمنقلب يعيش دائما في هواجس الانقلاب عليه".
التلاعب بالشعب
بدوره، قال الإعلامي بقناة الشرق، عبد الله الماحي، إن ما يتم التحضير له، "نوع من التلاعب بالعقل المصري، بعد أن انكشف تزييفه للحقائق عن طريق التسريبات المتكررة التي فضحت طريقة عمل الأذرع الإعلامية".
وأضاف لـ"
عربي21": "النقطة الثانية، أن فكرة السيطرة على رجال الأعمال أنفسهم يسمح للنظام بأن يكون الإعلام تحت وصاية المخططات الأمنية الاستخباراتية"، مشيرا إلى أن "دولة القمع والاستبداد كلما طال وقتها اشتد بأسها، واتخذت طرقا وسبلا جديدة للسيطرة والحزم لمواجهة احتمالات سقوطها".
وأكد أن هناك "رغبة كبيرة لدى النظام في خلق مواءمات مع رجال الأعمال تصب في صالحه، لتسويق صورته شعبيا بين المواطنين، والترويج لمشاريعه، وإنجازاته، التي يصورها كذلك للناس".