نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن "رؤية 2030 "، المبادرة التي أقدم عليها الرجل القوي في المملكة، محمد
بن سلمان. وذكرت أن هذه الخطة تضع على الطاولة خيارين اثنين؛ إما دولة الاستثمارات التي تستدعي تغييرات بنيوية على المستوى الاجتماعي أو التحالف الملكي مع السلطة الدينية.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أنه قبل مرور قرن على تأسيس الدولة
السعودية الحديثة في عام 1932، تحاول العائلة المالكة تنفيذ إصلاحات جديدة، في الوقت الذي لا يمكن للمملكة العربية السعودية مواصلة الاعتماد على المخزون
النفطي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المبادرة الطموحة "رؤية 2030"، تتمركز على دعم
الاقتصاد، لكنها تتطلب أيضا تغييرات بنيوية على المستوى الاجتماعي؛ حيث يجتمع العديد من المحللين حول أنه من دون هذه التغييرات الجذرية لن تحقق هذه الرؤية نتائج ملموسة.
وأوردت الصحيفة أن مقترح التغيير ينص على أن "المملكة على استعداد من أجل بناء بلد مزدهر؛ يمكن لجميع المواطنين فيه أن يحققوا أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم"، وبالتالي تضمن إنشاء مجتمع نابض بالحياة، واقتصاد مزدهر وأمة طموحة.
وقالت الصحيفة إن الرؤية تخطط أيضا إلى النهوض بالاقتصاد في المملكة كي تصبح البلاد ضمن أكبر 15 اقتصادا في العالم ورفع متوسط العمر من 74 إلى 80 عاما.
وعلى المستوى الاجتماعي والثقافي، تسعى المملكة إلى تشجيع العائلات على الإنفاق في سبيل الثقافة والترفيه، كما أنها تسعى إلى المضاعفة من مواقع التراث الملكية المدرجة ضمن قائمة اليونسكو.
وبينت الصحيفة أن هذه الإجراءات الأخيرة تبدو ثورية في بلد تبدو فيه القواعد الاجتماعية صارمة للغاية. فالمملكة تتبع سياسة تقييد الحرية الشخصية إلى أقصى حد؛ ابتداء من الملابس ووصولا إلى وسائل الترفيه.
والجدير بالذكر أنه داخل المملكة يُحظر إنشاء دور السينما والمسارح والنوادي الليلية، إضافة إلى التدخل في الحياة اليومية، فضلا عن التمييز الجنسي، وعدم الاعتراف بحرية التعبير أو تكوين الجمعيات.
ونقلت الصحيفة قول مدير شؤون الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، مسعود أحمد، أن "القضية الرئيسة هي كيف تترجم هذه الأهداف العقلانية والطموحة إلى تغييرات حقيقية".
وأشارت الصحيفة إلى الاتفاق الضمني بين الأسرة المالكة ورعاياها، فهي توفر لهم الاحتياجات المادية مقابل عدم التدخل في سلطتها المطلقة. لكن أمام انخفاض عائدات النفط، أصبح من الضروري أن ينخرط السكان في المساهمة في تنمية البلاد.
وأوردت الصحيفة قول المحلل الأمريكي برايان داونينغ بأن "السعوديين يحاولون تكرار النموذج الصيني، من خلال تسهيل النمو والفرص للشباب دون تقديم تنازلات سياسية كبيرة".
ويقول أحد المراقبين الأوروبيين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه في كثير من الأحيان يسافر إلى السعودية، أنه "من الصعب أن نرى كيف يمكن تنفيذ هذه التغييرات، إذا حافظت المملكة العربية السعودية إلى حد الآن، على التحالف بين النظام الملكي والمؤسسة الدينية".
وبينت الصحيفة أن هذا التحالف يرجع إلى القرن الثامن عشر، وحتى الآن، لا يزال أحفاد الشيخ عبد الوهاب يسيطرون على المؤسسات الدينية التي امتد تأثيرها إلى كل جوانب المجتمع.
وتجدر الإشارة إلى أن الإعلان الأخير عن القيود المفروضة على الشرطة الدينية، هي محاولة من العائلة المالكة لكبح جماح قوة السلطة الدينية، ومع ذلك فإن الرؤية حذرة جدا في مخططاتها وتصر على الجذور الإسلامية للبلاد. وفي هذا الإطار تعتبر مقترحات بناء "أكبر متحف إسلامي" أو تشجيع الرياضة، مثيرة للجدل بالنسبة للسلطة الدينية.
وبحسب وسائل الإعلام المحلية، أصابت هذه المبادرة السعوديين بخيبة أمل؛ حيث إنه سيكون لها إسهام متواضع في رفع مشاركة الشعب السعودي في العمل من 22 في المئة إلى 30 في المئة فقط، خلال السنوات الـ15 المقبلة، كما أن البلاد ما زالت تحظر القيادة على المرأة في بلد يعتبر فيه النقل العام في المناطق الحضرية غير متوفر.
وأشارت الصحيفة إلى أن العائلة المالكة تشير دائما إلى أن أولئك الذين ليسوا على استعداد لرفع هذا الحظر هم العلماء، الذين أصبح بالنسبة لهم عزل المرأة عن المجتمع من رموز سلطتهم.
كما أن آل سعود، كانوا دائما حذرين جدا مع رجال الدين، لأنه تاريخيا، كانت الجماعات الدينية مصدر التحديات الرئيسة التي تواجه حكومة العائلة المالكة.
وقالت الصحيفة إن الأمير محمد بن سلمان، دعا إلى إصلاح التعليم، وذلك بإنشاء "نظام تعليم حسب ما يتماشى مع احتياجات السوق"، وبالإضافة إلى التعديل في مناهج التعليم، يجب تغيير عقلية السكان في المملكة؛ ما يضمن حبهم للعمل وتفانيهم فيه.
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من حماس وسائل الإعلام المحلية والليبراليين، بدا بعض السعوديين متشككين من نتائج هذه الرؤية الاقتصادية. وفي هذا الإطار، كتب أحد السعوديين على موقع تويتر، كتعليق عن هذا الإعلان "بدون تعليق"، وأرفق ملاحظته بصورة تربط بين وعد الأمير محمد بتخليص المملكة من الاعتماد على النفط بحلول عام 2020، ووعد والده في عام 1978 بتحويل الرياض واحدة من أكبر المدن في العالم بحلول عام 1985.
ولفتت الصحيفة إلى قول ابن الملك أن "الرؤية ليست حلما ولكنها مبادرة من شأنها أن تتحقق". وختمت بالقول: "لم يبق لنا سوى انتظار نتائج هذه المبادرة".