انتشرت الأسبوع الماضي؛ صور لمذيعة في قناة "سما" الموالية للنظام السوري، وهي تلتقط "سيلفي" مع جثث لعناصر من الثوار قتلوا في
حلب. لكن هذه الصور أثارت أيضا تساؤلات عن مكان التقاطها والعملية التي قتل فيها هؤلاء المقاتلون؛ الذين تبين أنهم يتبعون لفصيل
جيش المجاهدين.
هؤلاء العناصر قُتلوا في عملية وُصفت بأنها "كبيرة" لجيش المجاهدين في غرب حلب، وأُطلق عليها اسم "معركة تحرير أبواب حلب الغربية".
وقد جرت العملية عند مدخل مدينة حلب الغربي مساء 26 نيسان/ أبريل الماضي باستخدام شبكة للصرف الصحي. وبحسب بيان صادر عن جيش المجاهدين في اليوم التالي للعملية، فقد قتل 21 من عناصره الذين أورد أسماءهم في البيان، وذلك بعد جدل كبير في أوساط ناشطي المعارضة، مع تداول أنباء عن مقتل أكثر من 50 من عناصر الجيش بهذه العملية، وخاصة بعد نشر صفحات موالية للنظام صورة لمذيعة قناة سما، كنانة علوش، مع عدد من هذه الجثث، ما أثار سخطا واستنكارا كبيرين تجاه سلوك المذيعة.
من جانبه، يرى القيادي في جيش المجاهدين، وقائد "غرفة عمليات الراشدين الجنوبي"، النقيب أمين ملحيس، أن العملية هذه تعتبر، رغم فشلها، من أقوى عمليات
الجيش الحر ضد قوات النظام في حلب، موضحا أنه لو كتب لها النجاح، لكانت الأكاديمية العسكرية غربي حلب بقبضة الجيش الحر.
ويضيف النقيب ملحيس، في حديث خاص لـ"
عربي21": "كان الهدف من العملية السيطرة على المنطقة المقابلة للأكاديمية العسكرية، وهو حي حلب الجديدة، لكي تكون منطلقا لهجوم أكبر نحو الأكاديمية، أكبر معقل لقوات النظام في حلب، ومن أجل السيطرة على قرية منيان المجاورة، وجعلها نقطة انطلاق للسيطرة على منطقة معمل الكرتون وضاحية الأسد".
ونفى قائد "غرفة عمليات الراشدين" أن تكون أسباب فشل العملية تعود لتسريب معلومات لقوات النظام أو خيانة من أحد ما، مرجعا السبب "للضجيج الناجم عن حركة 600 مقاتل مع عتادهم في نفق تحت الأرض"، مؤكدا أنه "لو كانت هناك أية خيانة لما عاد أي مجاهد سالما"، بحسب قوله.
وكشف النقيب ملحيس تفاصيل العملية التي قال إنها بدأت بتسلل 600 مقاتل من الجيش في نفق للصرف الصحي الذي يبلغ طوله نحو 4 كيلومترات، وبقطر 1.5 متر، مشيرا إلى أن العناصر استغرقت مدة خمس ساعات تحت الأرض قبل أن تكتشف قوات النظام العملية، حيث قامت مجموعة من عناصرها بوضع فتحة في النفق وإلقاء قنابل غازية ودخانية داخله، وهذا ما دعا جيش المجاهدين إلى توجيه نيران المدفعية التابعة له على طول النفق، ما دعا عناصر قوات النظام التي هاجمت النفق للانسحاب من فوق الفتحة، لكنها قبل انسحابها ألقت لغما وفجرته ظنا منها أنها قطعت الطريق على منفذي العملية.
ويضيف ملحيس: "لكن العناية الإلهية كانت موجودة، حيث لم ينقطع الطريق وكان المقاتلون مزودين بمطارق وأزاميل، تمكنوا بواسطتها توسيع النفق مكان الانفجار، لينسحبوا منه".
العملية هذه أدت إلى مقتل 21 من عناصر جيش المجاهدين داخل النفق، تسعة منهم بقوا داخل النفق ولم يتمكن زملاؤهم من سحبهم، إضافة إلى إصابة 64 آخرين، فيما تمكن البقية من الانسحاب، ومن بينهم عشرة تمكنوا من الوصول إلى آخر النفق والخروج منه، لكنهم اضطروا للانسحاب والعودة إلى النفق، بعد تفجيره من قبل قوات النظام، بحسب النقيب ملحيس.
ورغم وقوع هذه الخسائر البشرية في صفوف جيش المجاهدين، إلا أن النقيب ملحيس يؤكد أن "العملية أرعبت النظام وخلخلت صفوفه، حتى إنهم ما يزالون يعيشون هذا الرعب حتى الآن، ويقومون بالبحث في المنطقة المحيطة بالنفق ومحيط حي حلب الجديدة، خوفا من أن يكون هناك عناصر من الجيش الحر مختبئين هناك"، موضحا أن "هذا الرعب جعل العدد الكبير من عناصرهم ينسحبون بسلام".
وتابع: "المهم أننا حاولنا أن نحرر أرضنا، وأثبتنا للعالم أن الجيش الحر قادر على تنفيذ أعمال عسكرية نوعية ومميزة، وأنه قادر على تقديم 600 انغماسي، وما زلنا مصرين على تحرير أرضنا، ولنا جولات ونعد لعدة أعمال كبيرة مستقبلية"، معتبرا أن هذه العملية ورغم فشلها "حفزت الكثير من الفصائل الأخرى على القيام بأعمال عسكرية كبيرة"، وفق قوله.
ويرد قائد غرفة عمليات الراشدين على الاتهامات التي وجهت لقيادة جيش المجاهدين بأنهم بقوا خارج النفق وتركوا العناصر يلقون حتفهم داخله؛ بالقول إنها اتهامات "غير صحيحة" حيث إن العملية كان يقودها من داخل النفق أعلى الرتب في جيش المجاهدين، ومنهم القيادي يوسف زوعة، والنقيب علاء نجار، والنقيب أحمد عبد القادر، وعدة قادة آخرين.
وكانت "غرفة عمليات فتح حلب"؛ قد أصدرت بيانا عقب بيان جيش المجاهدين، حيث أشادت الغرفة بقدرات مقاتلي جيش المجاهدين "وصمودهم الأسطوري" في وجه قوات النظام في العملية الأخيرة على أبواب ريف حلب الغربي، وذلك بعد تعرض "جيش المجاهدين" لسيل من الاتهامات والانتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.