تستمر الاشتباكات العنيفة بين فصائل
الجيش الحر والوحدات الكردية التي تتمركز في حي
الشيخ مقصود، على أطراف مدينة
حلب، فيما يتحدث الطرفان عن سقوط مدنيين، كل من طرفه.
ويتبادل الطرفان الاتهامات باستهداف المدنيين، سواء قنصا على يد القوات الكردية، أو قصفا على يد فصائل الجيش الحر.
وتدور حاليا معارك على مقربة من الحي الذي تسيطر عليه
الوحدات الكردية، فيما يتهم الجيش الحر الوحدات باستخدام المدنيين داخل الحي دروعا بشرية، كما سبق أن اتهم الجيش الوحدات الكردية بقنص المدنيين الذين يمرون عبر طريق الكاستيلو، وهو المنفذ الوحيد الذي بقي متاحا لسكان مدينة حلب، باتجاه ريف حلب الغربي، في حين حاولت الوحدات الكردية مرارا قطع الطريق، ما يعني حصارا كاملا على المدينة بعدما سيطر النظام سابقا على الطريق الوحيد نحو الريف الشمالي.
ويقول عدنان، وهو مقاتل في الجيش الحر في ريف حلب الشمالي، إنه ليس أمام فصائل الجيش السوري الحر سوى احتمالين لا ثالث لهما، "إما أن يقصفوا حي الشيخ مقصود حتى يتم تدميره وقتل كل من فيه، سواء كان من القوات الكردية أو من المدنيين الذين تتخذهم دروعا بشرية، أو التوقف عن المعارك ضدهم، وهذا يعني أنهم قد يتسببون في حصار حلب بالكامل"، كما قال لـ"عربي21".
ويضيف: "قوات الـ(ب ي د) هي التي تقتل المدنيين، ويكون ذلك بمنعهم من مغادرة الحي، ومن خلال تواصلنا مع عدد من المدنيين في الحي قالوا إن القوات الكردية تخبرهم أن لا مجال للخروج، وأنهم يجب أن يبقوا دفاعا عن أرضهم، مثلهم مثل كل المقاتلين الأكراد، وأن مصيرهم واحد ومشترك".
وبحسب عدنان، فإنه "ولو سمح القادة العسكريون الأكراد للمدنيين بالخروج إلى أماكن آمنة فلن يتعرض أي منهم للإصابة أو للموت"، وفق تأكيده.
وكانت مسألة خروج المدنيين من الحي طُرحت كمبادرة، لكنها لم تلق اهتماما حقيقيا، وكان ذلك على لسان بعض قادة فصائل الجيش الحر والفصائل الإسلامية الأخرى المشتركة في معركة حي الشيخ مقصود.
وتقول المبادرة بخروج كل المدنيين من حي الشيخ مقصود إلى عفرين، الخاضعة أيضا لسيطرة الوحدات الكردية، وأن تقوم الفصائل في ريف حلب الشمالي بتأمين خروجهم حتى يصلوا إلى قرى وبلدات عفرين، التي تعدّ آمنة بالنسبة لهم.
وبينما يتبادل الطرفان الاتهامات، يستمر سقوط الضحايا المدنيين في الحي. ويقول المركز الإعلامي لوحدات الحماية الكردية إن كلا من الطفلة فرح إبراهيم والمسن خليل عثمان قتلا في حي الشيخ مقصود بقصف من فصائل الحر، كما سقط ثمانية جرحى. وتحدث المركز أيضا عن مقتل 22 مقاتلا من الجيش الحر، إلى جانب قتلى من القوات الكردية أيضا.
من جانبه، يرى خليل، وهو أحد الشبان الأكراد الذين غادروا حي الشيخ مقصود منذ شهور طويلة، إن "موضوع مبادرة إخراج المدنيين من الحي أمر لن يتحقق، فالثقة معدومة بين الطرفين، كما يُخشى من تكرار حوادث سابقة تتعلق بخطف وأسر مدنيين أكراد من قبل بعض الفصائل، إذ إن هكذا سلوك حدث سابقا من قبل فصائل الجيش الحر وجبهة النصرة"، كما قال.
ويضيف لـ"عربي21": "حتى لو تم الاتفاق على ذلك، وتعهدت الفصائل بتأمين خروج آمن للمدنيين من الحي؛ فقد يحدث أي طارئ جديد يؤدي إلى عدم الالتزام بالاتفاق"، معتبرا أن "كثرة الفصائل المتواجدة في ريف حلب الشمالي تجعل اتخاذ أي قرار مشترك أمرا صعب التحقق، ولو قامت مجموعة صغيرة بخرق اتفاق خروج المدنيين لحدثت كارثة، بالإضافة إلى سبب فشل رئيسي آخر يتعلق بموافقة القادة العسكريين (الأكراد) الموجودين الحي، والذين هم أيضا سيصعب التوصل بينهم إلى اتفاق وقرار قابل للتنفيذ في هذا المجال".
وكان المتحدث باسم جيش الإسلام، النقيب إسلام علوش، نفى ما تردد عن استخدام أسلحة محظورة دوليا في معارك الشيخ مقصود الأسبوع الماضي، لكنه أشار إلى أنه تمت إحالة أحد القادة الميدانيين لمحكمة عسكرية تابعة لجيش الإسلام؛ لاستخدامه سلاحا غير مصرح به. وقال إن هذا السلاح هو صواريخ غراد معدلة، وهي غير معدة للاستخدام في مناطق يتواجد فيها مدنيون، كما قال علوش.
وقد تسببت الاتهامات باستخدام أسلحة كيماوية في قصف الحي جدلا داخل الهيئة العليا للتفاوض، التي تضم المجلس الوطني الكردي، فيما يُشغل ممثل جيش الإسلام في الهيئة منصب كبير المفاوضين، حيث طالب المجلس الهيئة بإدانة هذه "الجريمة".
وفي الأثناء، احتج بعض الناشطين على قصف الحي من قبل الفصائل المقاتلة. وكتبت الناشطة هبة حفار على فيسبوك: "ثوار حلب الأعزاء، ماذا عن قصف المدنيين في الشيخ مقصود؟ إن كنتم ستقولون أن القوات الكردية هي السبب لأنها تتحصن بين المدنيين، فأنتم تبررون حجج النظام عندما يقصف المدنيين ويتحدث عن السبب ذاته، الثورة والثوار أسمى من هذه التصرفات غير المسؤولة، أعاتبكم؛ لأنني لا أرضى لكم أن تمارسوا أساليب النظام، أنتم لستم مثله، ولن تكونوا".