ساعة بعد أخرى، تتزايد الدعوات التي تطلقها قوى ثورية وسياسية وشعبية وحزبية ونشطاء ومثقفون وحركات
مصرية من اتجاهات مختلفة (معارضة ومؤيدة لنظام السيسي)، للتظاهر، غدا
الجمعة، في الميادين والشوارع المصرية، ضد "تنازل" سلطة الانقلاب عن جزيرتي
تيران وصنافير لصالح السعودية.
وتأتي تلك الدعوات في مشهد يعيد أجواء ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، قبل الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، وفي تحرك احتجاجي مرتقب قد يكون هو الأكبر بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، خاصة أن بعض هذه القوى لأول مرة يدعو للاحتجاج والتظاهر بعد الانقلاب العسكري، حيث لأول مرة يتفق الكثير من المعارضين والمؤيدين على مطلب بعينه (رفض التنازل عن الجزيرتين)، رغم استمرار بعض الخلافات والمشاحنات بينهم.
التصعيد
وأعلنت سابقا حركات الاشتراكيين الثوريين، و6 أبريل، وشباب ضد الانقلاب، ومجلس أمناء الثورة، وأحزاب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والدستور، ومصر القوية، وجماعة الإخوان المسلمين، وتحالف دعم الشرعية، والتيار الشعبي، والمجلس الثوري، مشاركتها في تلك التظاهرات الاحتجاجية.
ودعت أحزاب تحالف التيار الديمقراطي (ذات توجه يساري) السيسي إلى التراجع فورا عن هذه الاتفاقية، وإقالة المسؤولين عن التفاوض بشأنها، والذين "فرطوا بكل سهولة في سيادة مصر على تيران وصنافير المصريتين".
وقالوا، في بيان لهم مساء الأربعاء: "إذا كان للأشقاء في السعودية أية ادعاءات أو مزاعم تتعلق بملكية الجزر، فإن الأمر له قنوات متعددة يمكن طرقها، على أن يكون ذلك في الوقت الذي تكون مصر قد استقرت أوضاعها الاقتصادية والسياسية والأمنية، بدلا من التنازل هكذا وببساطة عن أراضينا بناء على مراسلات بين مسوولين ووثائق مجهولة ومحرفة عن سياقها وقصاصات صحف، فهذا أمر مشين ومخجل ولا يمكن القبول به".
وحذرت الأحزاب والحركات والشخصيات المستقلة الأعضاء في تحالف التيار الديمقراطي من "العواقب الخطيرة لتلك الاتفاقية التي تم توقيعها في الخفاء وبعد مفاوضات سرية لم يطلع عليها الرأي العام، ولم يتم التمهيد لها بأي شكل من خلال نقاش مجتمعي موسع، بل إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي صرحت أنها اطلعت على نية مصر نقل سيادتها على تيران وصنافير إلى السعودية قبل أسبوعين، بينما الرأي العام المصري، صاحب الحق الأصيل، مغيب ولم يتم إطلاعه أن مفاوضات تجري من الأساس مع السعودية بشأن سيادتنا على أراضينا".
وأشاروا إلى أن كافة الحقائق القائمة على الأرض تؤكد أن السعودية لم تمارس السيادة على هذه الجزر ولو ليوم واحد منذ إنشاء المملكة، بينما بذلت مصر دماء شهدائها دفاعا عن هذه الأرض وسيادة مصر على مدخل خليج العقبة وهذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية.
وشددوا على أن التنازل عن جزء من أرض الوطن أمر لا يمكن أن يخضع لا لموافقة البرلمان، ولا للاستفتاء الشعبي، وهو أمر مرفوض بشكل قاطع وفقا للدستور نفسه، والذي ينص بوضوح على أنه لا يجوز التفريط في أي شبر من أرض مصر، وأن رئيس الجمهورية ملتزم بحماية سلامة الوطن ووحدة أراضيه.
حملة شفيق
ودعا شريف عبد العزيز، القيادي بحملة الفريق أحمد شفيق سابقا، جموع الشعب المصري للمشاركة في
الاحتجاجات المقاومة والرافضة لبيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، قائلا "عبد العزيز": "يجب على كل مصري أن يشارك في تظاهرات يوم الجمعة السلمية، لإعلان موقفهم الرافض من قضية الجزيرتين، وأي قضية أخرى تهم المصريين مثل سد النهضة والمشاريع الاقتصادية الوهمية، وارتفاع الأسعار، وتعامل النظام مع المصريين بمنتهى الاستخفاف والاستبداد".
وشدد في تصريح لـ"
عربي21" على أن أوضاع البلاد في ترد، وأن الإدارة الحالية فاشلة بكل المقاييس، حيث تسببت بدورها في عدة أزمات ما بين السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، وانتهت بصفقة بيع الجزيرتين، والتي لم تتبع فيها أي شكل معروف من التفاوض، وتمت في خفاء وسرية شديدتين.
ورأى أن "نظام السيسي حتما إلى زوال، لأنه أكثر الأنظمة فشلا وفاشية في تاريخ مصر بكل المقاييس"، مضيفا: "يجب على القوات المسلحة المصرية أن تختار ما بين شعبها الذي يثق فيها وما بين الرجل الذي جاؤوا به ليمثلهم"، لافتا إلى أن "هناك غضب واسع بين عدد كبير من أنصار (شفيق) من ممارسات نظام السيسي".
وحول تراجع "شفيق"، عن موقفه السابق من جزيرتي تيران وصنافير خلال أقل من 24 ساعة، كشف عن أن "هناك ضغوطا سعودية تمت ممارستها على (الإمارات) كي يتراجع (شفيق) عن موقفه، وهو ما حدث بشكل جزئي وليس كليا".
وأوضح أن هناك "خلافات قديمة وكبيرة بين شفيق والمجلس العسكري وصولا إلى نظام السيسي، حتى قبل انتخابات الرئاسة في 2012، على الرغم من ترويج البعض أنه كان مرشح الجيش، وهذا غير صحيح تماما، لأن شفيق من المؤمنين بضرورة عودة الجيش لثكناته ودون أن يتدخل في الحياة السياسية، وقد اتضحت تلك الخلافات للجميع بعد ما جرى في 3 يوليو 2013، حيث لم يعد شفيق إلى مصر، كما كان يتوقع الكثيرون".
وأقر "عبد العزيز" بوجود صراع للأجهزة داخل نظام السيسي، "لأنهم ليسوا جميعا على قلب رجل واحد، فهناك إقالات وصراعات بعضها معلنة، كما أن هناك أشياء كثيرة تحدث في الخفاء منها اعتقالات ومحاكمات داخل صفوف الجيش وبعض الأجهزة السيادية"، مضيفا: "إلا أن الخلاف بينهم قد لا يصل لمرحلة التخلص من بعضهم البعض كما يتوقع البعض، إلا أنني أتمنى أن يتدخل الجيش ويوقف نزيف الكرامة والموارد والدم في أسرع وقت".
تمرد
واستنكر القيادي بحركة تمرد مسعد المصري، اتفاقية الترسيم الحدودي مع السعودية، قائلا: "إننا في حركة تمرد نادمون على استمارة تمرد، إحنا غلطانين مكناش نعرف إننا لما طلعنا بالاستمارة إنها هتكون سبب في بيع مصر".
ودعا القيادي بتمرد في تصريح صحفي إلى "تنظيم مظاهرات ووقفات احتجاجية بميدان التحرير يوم الجمعة، رفضا لتلك الاتفاقية".
طلاب ضد الانقلاب
كما أعلنت حركة "طلاب ضد الانقلاب" انضمامها "لجموع المصريين في مظاهرات الغد، تلبية لدعوات من وصفتهم بالمخلصين من أبناء الوطن الداعين للانتفاض والثورة"، مؤكدة "رفضها الكامل للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، ومشددة على تمسكها بكل شبر من أرض الوطن".
ودعت الحركة في بيان لها "كافة الحركات والقوى الشبابية وجموع الشعب المصري للمشاركة في هذه التحركات"، مشيرة إلى أن "تحركاتهم ضد سلطة الانقلاب وإجرامها وفسادها متواصلة حتى انتزاع كل حقوقهم الطلابية والوطنية".
طلاب مصر
وقال حازم رضا، منسق تنسيقية اتحاد طلاب مصر، إن "الطلاب هم النبض الحقيقي للثورة"، مؤكدا "مشاركة 12 حركة طلابية من مختلف الاتجاهات"، داعيا "الشعب كله إلى المشاركة في تلك الفعاليات للحفاظ على تراب الوطن الذي راح من أجله الشهداء".
وأضاف في بيان له الخميس أنه "يجب الالتفاف حول ذلك المطلب لتوحيد القوى السياسية والثورية من جديد، تحت الراية الوطنية التي تجمع الجميع وهي مصر"، مشيرا إلى أن "شعاراتنا وهتافاتنا الموحدة- لا حزبية ولا طائفية ولا أيديولوجية- هي التي ستُنجح تلك الفعاليات وستسقط تلك الاتفاقية".
وذكر "رضا" أن "المستفيد الوحيد من بيع الجذر هو الكيان الصهيوني؛ لكي يحقق حلمه في إنشاء قناة (بن غوريون)"، مطالبا بأن "ينضم من وصفهم بشرفاء الجيش المصري إلى الشعب لإسقاط النظام الذي دمر البلاد بحجة الأمن القومي".
غد الثورة
وطالب حزب غد الثورة الذي يتزعمه المعارض أيمن نور بتفعيل "الدستور الذي يتشدقون به، وطرح هذه المؤامرة التي يسمونها اتفاقا للاستفتاء الشعبي"، مؤكدا أن "نتائجها لن تقتصر على إيقاف "هذه المهزلة، بل تتجاوزها لمحاسبة من ورائها".
وقال في بيان له الخميس: "في سابقة لم تحدث من قبل لا في مصر ولا في أي دولة في العالم، أعلن النظام في ركوع مثير للاشمئزاز أنه يتنازل عن جزء من أرض مصر المخضمة بدماء المصريين إلى السعودية مقابل بعض الوعود اعتقد النظام أنها مكاسب لترسيخ مكانته وأنها قد تزيد قوته وقبضته على إرادة هذا الشعب، فقد انتهك هذا النظام شرف الأمة معتقدا أنه يستطيع تمرير هذه الجريمة في غفلة من الزمن، ولن يحدث ذلك ولن يترك الشعب ما حدث يمر".
شباب من أجل التغيير
وأعلنت أيضا "حركة شباب من أجل التغيير" انضمامها للاحتجاجات التي ستنطلق الجمعة، داعية "كل القوى السياسية الباقية على ثوابت يناير للمشاركة في تلك الاحتجاجات للمطالبة بإلغاء اتفاقية العار التي لا تقل خسة عن كامب ديفيد في التنازل عن حقوق الشعب المصري وأراضيه".
وأكدت في بيان لها "على استمرار الاحتجاجات والفعاليات في كل مكان في مصر حتى إسقاط الاتفاقية"، مضيفة: "هذا الشعب الذي دفع أبناؤه الفاتورة كاملة من دمائهم واستشهدوا من أجل تحرير كل حبة رمل في الأراضي المصرية، قادر على صعق نظام الكبر والتعالي، قادر علي الوقف أمام الثورة المضادة وتحالفها الرجعي".
المثقفون والرموز
كما دعا فنانون وأدباء ومثقون مصريون (لم يعلنوا عن هوياتهم) لفعالية مساء الجمعة بميدان طلعت حرب بوسط القاهرة، لمدة ساعة، ضد ما أسموه "الاستهانة البالغة بالوطن والمواطن"، تحت عنوان "لا للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير"، وفق بيان أصدره المثقف والكاتب اليساري، محمد هاشم.
وقال القيادي بحزب الوسط محمد محسوب، في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "يوم الأرض.. الشعب هو الداعي، وهي دعوة لا يملكها أحد ولا تمنع أحدا".
الجبهة السلفية
ودعت الجبهة السلفية لرفض "كل هذه الإجراءات الإجرامية بحق شعب مصر وتاريخها وحدودها وجغرافيتها"، مؤيدة "جميع دعوات التظاهر ورفض نظام الدم والدعوة لإسقاط النظام كله دون تجزئة بين رأسه ومؤسساته"، مضيفة: "نحن كأحد ثمار ثورة يناير وأحد مكوناتها ووقود تضحياتها، لن تقف الجبهة مكتوفة الأيدي أمام ما يجري بحق الدين والوطن والأمة والملة والأرض والعرض".
وأضافت في بيان لها الخميس: "خرج رأس النظام العميل متهافتا مرتعدا ليبرر جرائمه في حق الشعب، إذ لم يكتف بما أراق من الدماء المصرية أنهارا، ولا بتدمير سمعة مصر بممارسة الإجرام نفسه بحق ريجيني والمكسيكيين. بل راح يبيع ثرواتها ومقدراتها وأرضها قطعة قطعة دون خجل أو روية، فهجر أهلنا في سيناء وقتل أبناءهم ودمر بيوتهم لصالح العدو الصهيوني".
واستطردت قائلة: "ها هو اليوم يبيع جزيرتي تيران وصنافير لوكلاء العدو نفسه في نظام آل سعود، كما فرط في حقول الغاز من قبل لقبرص واليونان ودولة الكيان الصهيوني، ووقع اتفاقية سد النهضة المزعوم".
وأكدت الجبهة على "وعيها التام بأن هذه الإجراءات الخطيرة وغير المسبوقة في العمالة وتدمير البلد ليست إلا حلقة من حلقات تنفيذ مخططات الهيمنة العالمية وإعادة ترسيم حدود مصر بما يخدم مصالح العدو الصهيوني والأمريكي، ومبالغة من السيسي في إظهار الولاء لأسياده الداعمين له، في محاولة للتغطية على فشله الواضح وشراء المزيد من الدعم له".
حزب الأصالة
وجه رئيس حزب الأصالة إيهاب شيحة نداءا لكل مصري، قائلا إن النزول فى جمعة رفض بيع مصر هو لأجل قضية جامعة، قضية وطن، قضية سيادة وكرامة، ليست من أجل ثوار ولا سياسيين، ليست من أجل إخوان ولا سلفيين، ولا من أجل ليبراليين أو يساريين، مضيفا: "دعوة الغد دعوة تلقائية عفوية لا صاحب لها ولا كفيل".
وأضاف "شيحة": "سيزايد المزايدون، وسيتاجر المتاجرون، وسيسعى البعض لرفع شعارات أخرى، فلا تعرها انتباها، ولا تكن سببا فى شهرتها ولا فى إفشال الحدث بالتعامل مع أى قضايا جانبية سلبا أو إيجابا".
وختتم بقول: "فلنلجأ جميعا إلى الله ليعيننا، فالخير قادم لا محالة، وثورة يناير منصورة شاء من شاء وأبى من أبى، وسيكون لقاؤنا قريبا بإذن الله فى ميادين مصر نحتفل ونبدأ رعاية نبتة الحرية التي سقاها أفضل وأشرف من فينا بدمائهم ورعاها الشرفاء بحرياتهم".
ضد الأخونة
وفي نفس السياق، أعلنت الجبهة الشعبية لمناهضة أخونة مصر والتجمع الحر من أجل الديمقراطية والسلام مشاركتهم في تظاهرات الغد ضد نظام السيسي الذي أكدوا أنه يعتمد التفريط منهج والبيع عنوان، نظير البحث عن شرعية واعتراف دولي لنظام لم يجد المصريون منه إلا التردي والإخفاق والفشل والظلم والقهر، بحسب بيان لهم منذ قليل.
وأشاروا إلى أن موقفهم يأتي بعد تدني وتقزم مصر أمام كل الدول، وأصبح "التسول" عنوان لها، نظير مليارات تأتي وتذهب لمكاسب قادة النظام ومغانمهم ونهمهم الذي لا ولن يشبع، في حين أزداد المصريون بؤسا وفقرا بعد إدارة كارثية لكل الملفات، وبعد أن عم الفساد وتم التأسيس له من جديد باقصاء مناهضيه.
وهاجموا خطاب السيسي الأخير، قائلين:" إنه يتوعد الجميع بهذيان ينذر بكوارث قادمة، فلقد أعطى لنفسه الحق المطلق في المعرفة والقرار"، مضيفين :" نحذر الجميع من استخدام يأتي لنا بجنرال آخر، فقد آن الأوان للخروج الكامل للجيش من السياسة فورا ومرحليا من الاقتصاد، وأن تؤول الأمور لقوى مدنية قادرة على تحقيق أهداف ثورة بموجتيها، وندعو القوى المدنية والغيورين على أرض مصر بالتصدي للبيع الجائر والغير مسؤول لأرضها".
الداخلية تحذر
قالت وزارة الداخلية المصرية، في بيان لها، إنها "تعرب عن تقديرها واحترامها الكامل لحقوق المواطنين في حرية التعبير عن الرأي تجاه مختلف القضايا القومية في الحدود التي رسمها القانون، وفي ضوء ما توافر من معلومات مؤكدة لدى الأجهزة الأمنية بإطلاق جماعة الإخوان دعوات تحريضية منظمة وتوزيع نشرات تدعو لتنظيم مسيرات تستهدف إثارة الفوضى ببعض الشوارع والميادين واستثمارها في خلق حالة من الصدام بين المواطنين وأجهزة الأمن".
وأضافت وزارة الداخلية أنها "تهيب بالمواطنين بعدم الانسياق وراء الدعوات المغرضة، وتحذر من أي محاولات للخروج على الشرعية وانطلاقا من مسؤوليتها في الحفاظ على أمن الوطن سوف تتخذ كافة الإجراءات القانونية الحاسمة حفاظا على حالة الأمن والاستقرار".