نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للصحافي جون كينان، حول طموح
دبي بأن تكون "أسعد مدينة في العالم" مع نهاية العقد الحالي، قال فيه إنها تلقت صفعة مع نشر "
تقرير السعادة العالمي"، الذي شهد تراجعا للإمارات من المرتبة 20 إلى المرتبة 28.
ويذكر الكاتب أن تقرير السعادة، الذي يصنف 156 بلدا بحسب مستوى السعادة فيها، يقول إن "عدم المساواة في السعادة" زاد بشكل كبير "في معظم البلدان في مناطق العالم كلها، ولسكان العالم كلهم".
ويشير التقرير إلى أنه في خطوة لمحاولة مقاومة هذا التوجه، قامت دبي، وهي إحدى سبع إمارات في
الإمارات العربية المتحدة، بإطلاق "مؤشر سعادة" خاص بها، يهدف إلى جمع المعلومات حول كيفية تأثير الخدمات الحكومية على السعادة، كما تم توزيع أجهزة ذكية في أنحاء المدينة، 23 محطة حاسوب تعمل باللمس في البنايات العامة والمراكز الحكومية، وتحث الناس على تسجيل رضاهم أو عدمه من الخدمات من خلال ثلاثة خيارات على الشاشة.
وتنقل الصحيفة عن مدير مجموعة الاستثمار "دبي هولدنغز"، أحمد بن بيات، قوله أمام مؤتمر قمة للحكومة العام الماضي: "خلق السعادة هو النتيجة النهائية لبرنامج المدينة الذكية، فعندما نستطيع إدارة تجارب الناس وتلبيتها سنستطيع الصعود على مؤشر السعادة، وهذا ضروري؛ لأنه إن كان الناس غير سعداء فلن يبقوا في المدينة وسيغادرون".
ويلفت كينان إلى أن أمير دبي ورئيس وزراء الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أعلن الشهر الماضي عبر "تويتر" بأن حكومته الجديدة ستتضمن أول "وزيرة دولة للسعادة"، عهود الرومي، وشدد على أن هذا ليس مجرد مناورة لخلق شعور جيد، بل إن المبادرة ستدعمها خطط ومشاريع وبرامج ومؤشرات.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن المسؤول التجاري في مؤسسة "فيوتشر سيتيز كاتابولت"، التي تمولها الحكومة البريطانية، والتي تهدف إلى "تسريع الأفكار المدنية للسوق لتطوير الاقتصاد، وتحسين المدن"، ويعد أحد داعمي جهود دبي، سكوت كين كتب حديثا: "إن الإماراتيين يأخذون مسألة السعادة بشكل جدي، وبعد تعيين أول وزيرة للسعادة، والإعلان أن دبي ستكون أسعد مدينة في العالم مع حلول عام 2019، فإن (فيوتشر سيتيز كاتابولت) ستقوم بدعم تقدم المدينة نحو طموحاتها".
وأضاف كين: "دعيت مؤخرا لتقديم وجهة نظر (كاتابولت) حول السعادة والرفاهية في المدينة، وتعرضت لبعض القضايا التي ستشكل صعوبة في البيئة الإماراتية، ويبدو أن ذلك لم يثنهم؛ لأنهم قدموا لي جائزة تفاجأت بالمقدار الذي كانت فيه مجزية".
وتذكر الصحيفة أن كين سيكون في دبي أواخر الأسبوع ليحضر اليوم الدولي السنوي الرابع للسعادة في 20 آذار/ مارس، الذي ستحتفل به هذه المدينة الصحراوية في سلسلة من الأحداث، ويقول كين إن "الأبرز في زيارته سيكون مقابلة وزيرة السعادة نفسها، وسماع ماذا يمكن للمدن الأخرى في المملكة المتحدة وخارجها أن تتعلم من جهود دبي".
وينوه الكاتب إلى أن بعض المراقبين استغربوا إعلان الإمارات عن "مشروع السعادة"، خاصة أنه يأتي وسط مخاوف حول
حقوق الإنسان، حيث تقول منظمة "هيومان رايتس ووتش": "تستخدم الإمارات في العادة ثراءها للتغطية على مشكلات الحكومة الخطيرة المتعلقة بحقوق الإنسان، فالحكومة تعتقل تعسفيا، وبعض الأحيان تغيب قسريا أشخاصا انتقدوا السلطات، وتواجه قواتها الأمنية تهما بتعذيب المحتجزين".
ويفيد التقرير بأن "هيومان رايتس ووتش" أبرزت قانونا جديدا ضد التمييز "يزيد من تعريض حرية التعبير للخطر"، ويثير المخاوف بخصوص تعرض عمال البناء الوافدين للاستغلال، وكذلك الخادمات المستثنيات من القوانين التي تحكم قطاعات العمل الأخرى.
ويقول كين للصحيفة إن "دبي أكثر تقدما في نواح كثيرة من جاراتها، وكثير من مسؤوليها الكبار من النساء، بما في ذلك وزيرة السعادة". ويضيف أن مؤسسته "فيوتشر سيتيز كاتابولت" ليست جهة استشارية للسياسات الحكومية العامة، لكنها تتبع توجهات الحكومة.
ويشير كينان إلى أنه في الوقت الذي تسعى فيه الإمارات نحو المزيد من السعادة، فإن دول شمال أوروبا لا تزال تسيطر على المراتب الأولى على مستوى العالم في السعادة، حيث كانت الدنمارك في المرتبة الأولى، تتبعها سويسرا فأيسلندا فالنرويج ففنلندا، وأتت الولايات المتحدة في المرتبة 13 في التقرير الجديد، أي أعلى بدرجتين من العام الماضي، لافتا إلى أن التقرير تصدره شبكة التطوير والحلول المستدامة التابعة للأمم المتحدة.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول المحرر المشارك، جفري ساكس، وهو مدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا: "يجب أن يكون قياس السعادة التي يعبر عنها الناس بأنفسهم، وتحقيق الرفاه على برنامج عمل أي دولة، عندما تبدأ بالسعي لتحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة، وبدلا من المقاربة الضيقة، التي تركز فقط على النمو الاقتصادي، يجب أن نشجع مجتمعات مزدهرة وفي الوقت ذاته مستدامة بيئيا".