نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الإجراءات التعسفية التي اتخذتها الحكومة
الإسرائيلية، للتضييق على
الجمعيات التي تعمل على فضح ممارساتها غير الإنسانية وتورطها في العنف والعنصرية والإرهاب.
وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الحكومة الإسرائيلية اتخذت عددا من الإجراءات التي تهدف إلى التضييق على الجمعيات المعارضة لسياستها القمعية، وآخرها تقديم قانون مثير للجدل تسعى الحكومة الإسرائيلية من خلاله إلى قمع الجمعيات وقطع التمويل عنها إذا خالفت سياستها.
وذكرت الصحيفة أن القانون الجديد الذي تبنته وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريجيف، تضمن بنودا أثارت تحفظات الوسط الفني المقرب من اليسار الإسرائيلي، لكن ريجيف واصلت تحدي الجمعيات الإسرائيلية المناهضة لسياسة الحكومة، وصرحت، في تعليق على قانون "الولاء"، بأنها "تشعر بالفخر؛ لأن الجمعيات المناهضة للحكومة الإسرائيلية ستُحرم من دعمها".
وأضافت الصحيفة أن القانون المثير للجدل الذي بادرت باقتراحه الحكومة الإسرائيلية وصادق عليه النائب العام، أفيخاي مندلبيت، ستتم مناقشته في الكنيست خلال الأيام القادمة قبل أن يدخل حيز التنفيذ.
وتنص بنود القانون بصفة واضحة على قطع التمويل، وملاحقة الجمعيات التي تقوم بممارسات من شأنها "التشكيك في شرعية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية أو المساس برموز الدولة"، وفق نص مشروع القانون.
وقد شهد القانون عديد التعديلات بعد أن صادق عليه النائب العام الإسرائيلي، فالقانون المثير للجدل يعطي للحكومات الإسرائيلية بصفة واضحة كل الصلاحيات لتجميد النشاطات الثقافية للجمعيات المناهضة لها، وهو ما دفع عددا من الجمعيات والمنظمات لاتهام رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين
نتنياهو، بمحاولة قمع العمل الثقافي المعارض لتوجهات حكومته، التي أصبحت تشعر بالارتباك بسبب الانتقادات التي توجه إليها.
وذكرت الصحيفة أن القانون الجديد أثار جدلا واسعا بين الأوساط الفنية والثقافية، التي عبرت عن استيائها من الإجراءات القمعية للحكومة الإسرائيلية. ومن بين المواقف الساخرة ما نشره الممثل الإسرائيلي ليور أشكينازي على صفحته على فيسبوك، حيث قال: "منذ هذه اللحظة، سيكون علينا بموجب القانون الجديد أن نضع علمين فوق المسرح في كل عرض فني أو تظاهرة أو مؤتمر، لنتذكر من أين جئنا وإلى أين سنذهب".
وأضافت الصحيفة أن القانون الجديد الذي تبنته ريجيف يأتي في سياق التوترات الأيديولوجية بين اليمين المتطرف والوسط الثقافي في إسرائيل، التي بلغت أوجها في كانون الثاني/ يناير الماضي، عندما قامت جمعية إسرائيلية متطرفة تدعى "إيم تيرتزو" بوضع قائمة تضم أسماء الفنانين الذين صنفتهم كـ"أعداء محتملين للدولة الإسرائيلية".
وشنت جمعية إيم تيرتزو حملة شعواء ضد عديد الشخصيات الفنية الناشطة في الجمعيات اليسارية الإسرائيلية، ومن بينها جمعية "كسر الصمت" التي تعمل على فضح انتهاكات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في حق الفلسطينيين. وقد شملت القائمة السوداء لجمعية "إيم تيرتزو" كتّابا بينهم دافيد كروسمان ودافيد أوس.
وذكرت الصحيفة أن القانون الجديد الذي تبنته ريجيف، يندرج في إطار "الانتقام التاريخي"، وإعادة توزيع الامتيازات لصالح اليمين المتطرف الذي تبنت مواقفه المتطرفة خلال توليها مناصب عديدة في الحكومة الإسرائيلية.
وريجيف التي أصبحت وزيرة للثقافة والرياضة الإسرائيلية؛ كانت في السابق المتحدثة الرسمية باسم الجيش الإسرائيلي، ما يعكس رغبة نتنياهو في تعبئة كل أجهزة حكومته لخدمة الأهداف العسكرية لإسرائيل.
وقالت الصحيفة إن تعيين ريجيف يعكس رغبة نتنياهو في قمع كل أشكال المعارضة، وهو ما بدا واضحا من خلال مواقف ريجيف التي اعتبرت بعض الفنانين والمثقفين المعارضين لحكومتها "مجرد منافقين وناكري جميل".
وفي الختام، قالت الصحيفة إن الجبهة الداخلية في إسرائيل شهدت انقساما حادا بين الجمعيات الثقافية واليمين المتطرف، بعد تبني الحكومة للقرار الجديد، وهو ما يعكس هشاشة في البنية الثقافية والاجتماعية.