فشلت الدعوة التي أطلقتها حركة شباب "6 أبريل" في جسر الهوة بين فرقاء ثورة يناير بمصر، حيث تسبب الخلاف حول رحيل قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي في تجدد الخلافات بين الإخوان وباقي القوى التي شاركت في الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك في 2011.
وكانت "6 إبريل" قد دعت إلى حوار وطني بين من وصفتها بالأطراف المتنازعة في
مصر، قبل حلول الذكرى الخامسة لثورة يناير، على أن يكون السيسي ونظامه جزءا منه، وهو ما رفضه الإخوان بشكل قاطع.
وتضمنت المبادرة إعادة ترسيم العلاقات المدنية العسكرية، واختيار حكومة تكنوقراط تتولى انتشال البلاد من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة ووضع ميثاق شرف إعلامي.
مبادرة للخنوع
وأعلن "الإخوان المسلمون" تمسكهم بعودة الرئيس المنتخب محمد مرسي إلى منصبه للقبول بأي حوار لاحق، كما شددوا على ضرورة ألا يكون قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي مشاركا في الحوار.
وشدد محمد سودان، القيادي بالجماعة، على رفض التفاوض مع المتورطين في دماء آلاف الشهداء، والذي سجنوا وانتهكوا حقوق عشرات الآلاف".
وانتقد سودان، في تصريحات صحفية، مبادرة "6 أبريل" قائلا إنها لم تشر إلى أن النظام الحالي استولى على الحكم بانقلاب عسكري، كما لم يشر أيضا إلى اعتقال وتعذيب واغتصاب الآلاف داخل المعتقلات، مستنكرا تركيز "6 أبريل" فقط على الحوار حول الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد، دون انتقاد النظام الذي تسبب في هذا الفشل.
وهاجم المبادرة قائلا إنها تتسم بالخنوع والتنازل عن الكرامة نظير لقمة العيش، وهو ما يرفضه جميع الأحرار، مشددا على أن التمسك بمطالب ثورة يناير يعني تلقائيا التمسك بنتائج الاستحقاقات الانتخابية التي بنيت عليها، ومن يتمسك بأهداف الثورة يجب أن يتمسك بمخرجاتها، وإلا أصبحنا ندور في حلقة مفرغة لا نهاية لها.
وأكد سودان أن الظروف أصبحت لا تسمح بمناقشة مثل تلك المبادرات وتضيع الوقت في بحث شروط الحوار، مطالبا الجميع بالعمل كل على قدر استطاعته على إسقاط هذه الانقلاب.
كما اتهم أيمن صادق، القيادي الإخواني، "6 أبريل" بتقوية موقف النظام الحالي، بإعلانها رفض دعوات التظاهر في ذكرى ثورة يناير المقبلة، مضيفا أن تركهم للتظاهر والمطالبة بالحوار فقط يحمل الكثير من علامات الاستفهام.
6 أبريل: مطالب الإخوان ستخرب البلاد
في المقابل، قالت حركة "6 أبريل"، إن الصراع الدائر بين الإخوان ونظام السيسي هو صراع على الحكم، وليس لمصلحة البلاد، محذرة من أن إصرار الإخوان على مطالبهم -وفي مقدمتها عودة مرسي- سيؤدي إلى خراب البلاد التي تعاني أصلا من أوضاع متدهور في الوقت الحالي.
وأكد محمد نبيل، عضو المكتب السياسي للحركة، إن هجوم الإخوان على "6 أبريل" بعد طرح مبادرتها يؤكد أن الجماعة لا تضع مصلحة الوطن نصب عينيها، وتقدم عليها مصلحة التنظيم، مطالبا جميع الأطراف بالتناول حتى يبدأ الحوار.
وتابع نبيل، في تصريحات صحفية، بأن المبادرة تم توجيهها إلى كل الأطراف، بما فيها النظام الحاكم والإخوان، موضحا أن السيسي هو جزء من المشكلة، ولا بد من تواجده في الحوار حتى تنتهي الأزمة قبل انفجار الوضع.
وأضاف أن الحركة فضلت أن تخرج المبادرة عامة ومعلنة أمام الجميع بعيدا عن الحوارات في الغرف المغلقة، مشيرا إلى أن "6 أبريل" ستتواصل مع جميع القوى السياسية المدنية والإسلامية بعيدا عن الإخوان والنظام الحاكم؛ لطرح المبادرة عليهم في حالة رفضهما المشاركة.
بيان عجوز من الشباب
وانتقد الصحفي وائل قنديل بيان "6 أبريل"، مؤكدا أنه لا يمت بصلة إلى تلك الروح الوثّابة والتحدي للمستحيل التي ميزت الحركة منذ تألقها عام 2008، تيارا شبابيا ثائرا على استبداد زمن حسني مبارك وفساده.
وأضاف قنديل، في مقال كتبه يوم السبت في صحيفة "العربي الجديد"، أن البيان تبدو لغته أقرب إلى أدبيات ومقولات "دولة العواجيز"، تلك التي أسست "6 إبريل" مشروعها السياسي الشاب والديناميكي ضد بقائها.
ويقول محللون إن دعوة "6 أبريل" لم تختلف كثيرا عن مبادرات أخرى سبقتها ولم يكتب لها النجاح، حيث قال حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لوكالة أنباء "الأناضول" إن كافة الظروف في مصر غير مهيأة للمصالحة، لا من جانب الإخوان ولا النظام، كما توقع محمد حبيب، النائب الأسبق لمرشد الإخوان والمنشق عن الجماعة، أن تتم المصالحة بعد أن يتنازل الإخوان عن بعض مواقفهم.
ورحب مكتب الإخوان المسلمين بالخارج بالحوار مع القوى السياسية والثورية لكسر الانقلاب والقصاص لدماء الشهداء، لكنه اشترط، في بيان أصدره السبت، عودة الرئيس مرسي باعتبارها نقطة انطلاق لأي حوار وطني.
كما شددت مها عزام، رئيس "المجلس الثوري المصري"، عبر "فيسبوك"، على أن أي دعوات للاصطفاف الوطني يجب أن تحافظ على مبادئ الثورة ومكتسباتها، وألا تنتقص من الشرعية وإرادة الناس.