نشرت صحيفة إلموندو الإسبانية تقريرا حول تنامي
خطر الإرهاب في
العالم، قالت فيه أن البطالة وانعدام المساواة وانسداد آفاق المستقبل، كلها عوامل تساعد على ظهور
التطرف في أوروبا، سواء كان تطرفا دينيا أو سياسيا، ودعت إلى معالجة هذه المشاكل الاجتماعية كشرط أساسي لنجاح الحرب على الإرهاب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن التاريخ يظهر أن فقدان الفرص وانتشار البطالة، وبقية المشاكل الاقتصادية التي تسبب الاحتقان الاجتماعي، تؤدي غالبا لجنوح السكان نحو التطرف.
وأضافت أن أحد أبرز الأمثلة على ذلك، هو صعود النازية في ألمانيا، فهذا البلد خرج مثخنا من الحرب العالمية الأولى، وانقاد نحو توقيع اتفاقية فرساي، وعانى المواطنون من أوضاع اقتصادية صعبة وتعرضوا للإذلال من قبل الحلفاء، وهذا شكل بيئة مناسبة لانتشار الفكر النازي المتطرف.
كما يمكن ملاحظة التغير الذي طرأ على توجهات المواطنين اليونانيين، حيث أدى الضغط المتواصل المفروض على البلاد بسبب أزمة الديون، والشروط التقشفية المجحفة التي فرضها الاتحاد الأوروبي في مقابل خطة الإنقاذ المالي، إلى صعود حزب الفجر الذهبي الذي ينتمي لفئة أحزاب النازية الجديدة. حيث يرفض هذا الحزب القومي المتطرف بشكل قاطع استقبال المهاجرين ومساعدتهم، ويتبنى نشطاؤه استعمال العنف.
واعتبرت الصحيفة أن نفس هذا المنطق يفسر انجذاب بعض الشباب الأوروبي نحو تنظيم الدولة، فارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب، والركود الاقتصادي، واتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء، أثر على جيل كامل من الشباب في أوروبا، وهو ما أكده تقرير صادر عن البنك الملكي لأسكتلندا إثر هجمات باريس.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التقرير الذي أنجزته مجموعة من الباحثين، أكد على خطورة معدلات البطالة التي تجاوزت العشرة بالمائة في أغلب الدول الأوروبية، وحالة الفقر التي يعيشها أغلبهم، حيث تشير إحصائيات البنك المركزي الأوروبي إلى أن المواطنين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، يملكون أقل من خمسة بالمائة من مجموعة المدخرات في البنوك في منطقة الأورو.
وأضافت الصحيفة أن تقرير البنك الملكي لأسكتلندا؛ حذر من أن غياب الفرص والأمل وتدهور النظام الاجتماعي، كلها عوامل تدفع بالناس إلى تبني العنف والشعور بالنقمة تجاه مجتمعاتهم التي يعيشون فيها.
واعتبرت أن حي مولنبيك في بروكسيل يعتبر مثالا عن ذلك، فاسم هذا الحي يظهر عند التحقيق في كل هجوم إرهابي في أوروبا، وهو في نفس الوقت يعد أحد أفقر الأحياء في العاصمة، ويسجل أعلى معدلات البطالة في بلجيكا، وهي كلها ظروف تمثل بيئة مناسبة لانتشار الفكر المتطرف.
وخلصت الصحيفة إلى أن هذه الظواهر تؤكد أن محاربة الإرهاب تبدأ من العمل على إصلاح الاقتصاد ومعالجة الفروق الاجتماعية ودعم الشباب، كما يجب مضاعفة الجهود لاستقبال المهاجرين ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع الأوروبي، وعدم غلق الباب أمامهم ومفاقمة الكارثة الإنسانية التي حلت بهم.