وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها أجواء
باريس ليلة الجمعة بأنها كانت "باردة ولكنها مليئة بالإثارة، خاصة أن الفريق الفرنسي كان سيلعب مع الفريق الألماني على الملعب الوطني. وتابع المباراة الرئيس الفرنسي فرنسوا
هولاند مع الجماهير. ومن ثم جاء صوت حاد لا يمكن لأحد أن يخطئ في تحديده، وهو انفجار، تفوق على هدير المتفرجين. وبعدها شعر الحضور بالرعب الذي سيطر على الإستاد:
الإرهاب للمرة الثانية يضرب باريس هذا العام".
وتقول الصحيفة إن "التماثل لم يكن مثيرا للدهشة، فعام باريسي بدأ بالدم والفوضى نتيجة الهجمات على المجلة (
شارلي إيبدو) وعلى متجر يهودي، أصبح له مقطع ختامي. ولأن الأحداث لا تزال مبهمة والتفاصيل غير واضحة، تقول السلطات إن أكثر من مئة شخص قتلوا في سلسلة من الهجمات في أنحاء متفرقة من باريس، وأخذ العشرات رهائن في مسرح باريسي".
وتضيف أنه "بشكل عاجل دوّى صوت صافرات الإنذار وملأ الجو، حيث انطلقت سيارات الشرطة مسرعة في شوارع المدينة، وهي لا تعرف أي أذى جديد سيحدث. وقامت سيارات الأجرة بنقل الناس إلى بيوتهم دون أخذ أجرة، وصرخت سيارات الإسعاف وهي تسير مسرعة بين الشوارع المشجرة.. حيث بدأت العاصمة الفرنسية المندهشة والمتشوشة بالتساؤل: لماذا نحن، مرة أخرى؟".
وينقل التقرير عن نائب عمدة باريس باتريك كلوغمان، قوله في تغريدة له على "تويتر": "ضرب الإرهاب الليلة باريس مرة ثانية".
وتشير الصحيفة إلى حالة الرعب التي سادت باريس في كانون الثاني/ يناير، حيث لاحقت الشرطة الشقيقين سعيد وشريف كواشي، اللذين هاجما "شارلي إيبدو"، وهي عملية ملاحقة انتهت بمقتلهما. وزاد الرعب عندما هاجم حميدو كوليبالي، متجرا يهوديا قبل أن تداهم الشرطة المبنى وتقتله.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن تلك الهجمات تركت فرنسا في حالة غضب ولعدة أشهر، وزاد مدى الحزن والرعب والحنق. وأثارت أيضا نقاشا حول حرية التعبير وحالة الإسلام في فرنسا، وهو موضوع يقسم الفرنسيين، و"بالتأكيد سيزيد النقاش حوله".
وتقول الصحيفة إن "أسماء المهاجمين، وإن كانوا مرتبطين بالإسلام الراديكالي، ليس معروفا بعد. ولكن بعض الشهود وصفوا بعض المهاجمين بأنهم كانوا يهتفون (الله أكبر) قبل إطلاق النار".
ويلفت التقرير إلى أن "فرنسا تعيش في مزاج متعكر، حيث الاقتصاد يعيش ركودا، وتقوم جماعات اليمين المتطرف بتغذية المشاعر المعادية للمهاجرين، خاصة زعيمة الجبهة الوطنية مريان لوبان. وقد سخرت لوبان من الرئيس هولاند، ووصفته بالضعيف، وأثارت مشاعر الفرنسيين عندما تعهدت بإغلاق الحدود. وبالتأكيد ستزيد شعبية لوبان في الاستطلاعات مع قرب الانتخابات في 16 كانون الأول/ ديسمبر".
وتنقل الصحيفة عن لورنس باغوت، وهي سيدة أعمال فرنسية، قولها: "بالطبع ستقوم لوبان باستغلال الحادث". وتضيف أنها "تقوم باستخدام تهديدات بأنها ستغلق الحدود وتقوم بزيادة الأمن القومي، وهو ما حصل الآن".
ويذكر التقرير أن السلطات الفرنسية، التي تعرضت لانتقادات حادة بسبب فشلها في مراقبة الجهاديين داخل فرنسا، والمعروفين لدى السلطات الفرنسية، قد تعهدت بتشديد الرقابة على خلايا الإرهاب، وحماية البلد. ولكن الهجمات، كما تقول سيدة الأعمال، حدثت بعد قرار السلطات الفرنسية تخفيف الإجراءات الأمنية التي شددت بعد هجمات "شارلي إيبدو". وتقول: "أشعر أننا خلقنا وحشا، حيث يعرف الإرهابيون المناورة بشكل أفضل من قواتنا الأمنية".
وتبين الصحيفة أن ليلة الجمعة تحول فيها ليل الباريسيين الحالم إلى فوضى. ففي إستاد فرنسا أصاب المتفرجين الذعر، حيث ضربت المتفجرات الملعب، وقوضت الثقة كلها، التي ربما عادت إليهم منذ الهجمات على المجلة.
ويورد التقرير نقلا عن مشجع للفريق الفرنسي قوله: "طبعا، أنا خائف من المستقبل. فنتيجة للغارات التي ضربت سوريا، نحن لسنا في أمان". ويضيف أن "هجمات (شارلي إيبدو) أثرت على نفسيات السكان، حيث إنهم لا يزالون يتحدثون عنها في المدارس، وهذه الهجمات تأخذ الأمور إلى مستوى جديد. وأنت ترى شيئا مثل هذا مرة أخرى يشعرك بالخوف من المستقبل".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن كريم لاوري وشقيقه سامين وصفا الهجمات بأنها مثل الألعاب النارية، ويقولان: "لم نعرف ما حدث حتى بدأنا نتلقى رسائل هاتفية من عائلاتنا تخبرنا بإطلاق نار حدث في مناطق في باريس، حيث كان أهلنا يريدون معرفة ما إذا كنا في أمان".