إن الحشد للمشاركة يوم 30 يونيو 2013 هو الجريمة الكبرى، وهو أساس بداية اشتعال فتيل الصراع، وهو أساس الانقلاب، ولم تكن المشاركة يوم 30 يونيو هي البداية، بل كان نتاجا لما ظل يمارسه هؤلاء ضد الرئيس محمد مرسي لمدة 64 يوما كاملة، فالمشكلة بدأت يوم الجمعة 26 نيسان/ إبريل 2013.
وواهم من يعتقد أن المشاركة أو عدم المشاركة يوم 30 يونيه هي المشكلة، فالانقلاب مر بثلاث مراحل رئيسة: المرحلة الأولى هى الحشد وقد استمر لمدة أكثر من شهرين أي أنها الجريمة الأطول، ثم انتقل إلى المرحلة الثانية وهي النتيجة الصغرى وتعتبر الإصابة التي نجحت في 30 يونيو حيث إن نجاحها كان بنزول ناس ضلوا الطريق الصحيح سواء عن عمد أم بغير عمد، ثم انتقل إلى المرحلة الثالثة وهي النتيجة الكبرى يوم 3 يوليو التي أردت ثورة يناير قتيلة بعقول وبأرجل ثوارها.
وحتى نكون منصفين فإن من يقول لك "أنا لم أشارك في 30 يونيو ولم أتواجد بالميدان"، فلا يخدعنك قوله بل بادر بسؤاله "وما موقفك منها؟".. وهذا السؤال سيكشف لك عورات المتحدث أنه أيدها وحشد لها، وهناك فرق كبير بين أن تؤيد حق الناس في التعبير والتظاهر، وأن تؤيد مطالب تفتئت على الديموقراطية وتطيح بأول رئيس منتخب.
وهناك أيضا فرق بأن تطالب الرئيس بالتنحي نتيجة أنك خُدعت بإعلام لميس وأديب وعكاشة، وبين أن تطالبه بالتنحي هذا اليوم حتى لا يقع انقلاب على الرئيس واللحاق بأي حل ديموقراطي لا يصل بنا إلى حكم العسكر مرة أخرى.
إن من شارك فى 30 يونيه قد يكون متفرجا أو محتفلا أو مشاركا أو مستفيدا، أما من حشد فهو فاعل أصلي وشريك أساسي ومدبر للانقلاب.
إن جريمة التخطيط للحشد هي الطامة الكبرى التي سبقت نزول الآلاف في الشوارع، والحقيقة أنني ضد من يقول دائما إنها حشود مزيفة صورها خالد يوسف، فلا تنس عزيزي القارئ أن دولة مبارك بهيكلها البيروقراطي قد تتجاوز الأربعة ملايين، بين موظف وكنسي وأزهري وقبلي وعسكري وفلولي.. فتقديري أن من اشترك في 30 يونيو على مستوى الجمهورية لا يتعدى الأربعة ملايين مشارك، وهو ذات الحشد تقريبا الذي كان يملكه الإخوان حينها لو دعوا للنفير العام لولا خداع السيسي لهم.
ونعود إلى هذا المُخطط الذي حذف من صفحاته على السوشيال ميديا موقفه من المشاركة في 30 يونيو، وترك على صفحاته موقفه من الإخوان، وتريقته على الحارة المزنوقة وعلى القرد والقرداتي وعلى دونت ميكس وأهلي وعشيرتي... إلخ.
الحقيقة أن الرئيس محمد مرسى تعرض لعام مليء بالسخافات وكان كيسا ورصينا واتخذ الصبر مسلكا ولم ينتصر لنفسه، إلى أن أتت نصرة الرئيس محمد مرسي من أفعال السيسي نفسه خلال عامين، لدرجة أن السيسي لا يستطيع أن يقول حرفا في خُطبه من خطب المفوه محمد مرسي.. أقسم بالله.
إن من بين كل الحاشدين إلى 30 يونيو الذين لا أبتلع موقفهم ولا أستسيغ ما فعلوه هم هؤلاء "الإكس إخوان"، الذين يعتبر كل منهم مشروع هلباوي وخرباوي صغير.. فكيف يكون حنقهم على الإخوان كشباب انفصل أو حُول للتحقيق في جماعة الإخوان، يصل بهم إلى الحشد ضد الجماعة التي ترعرعوا فيها ويصبح فكرهم هو نفس فكر التيارات العلمانية والليبرالية والدولة العميقة في تخوفهم من الإخوان والرئيس الاسلامي عامة؟!
وبرغم أن هؤلاء "الإكس إخوان" عانوا أيضا كثيرا حيث إن الكتلة المدنية حين تختلف معهم تتهمهم بأنهم إخوان خارجون بتمثيلية من المرشد ليصبحوا مدسوسين وسطهم، ورغم ذلك فإن حقدهم على جماعة الإخوان أكثر من غيرهم فظلوا على السلم معلقين، لا وصلوا إلى أعلى ولا نزلوا إلى الأرض، وهم أنفسهم لديهم مشكلة في الانخراط في المجتمع لأنهم قادمون من مجتمع منضبط ملتزم نمطي منغلق على نفسه اسمه الجماعة.. فلا يستطيعون إلا أن يغووا آخرين من داخل الجماعة ويكونوا فصيلا آخر لا هو إخوان و لا هو كارلوس، فهل من حق البعض أن يتهمك في تلك اللحظة أنك بعت وطنك كما بعت جماعتك؟!
عزيزي الحاشد لـ30 يونيو والمشارك في 30 يونيو والداعم لـ30 يوليو.. الوطن يحتاجك، فصالح نفسك واعترف بخطئك وانضم إلى صفوف الأحرار في الشوارع، فمصر تحتاجنا جميعا.. جهزوا لـموجة عاتية تجتز الانقلاب من جذوره وتعيد مصر إلى طريق الديموقراطية.