نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا حول أثر فوز المرشح جيريمي
كوربين في انتخابات رئاسة
حزب العمال البريطاني، عرض فيه آراء كريس دويل، مدير مجلس الحوار العربي البريطاني، حول التأثيرات المحتملة لصعود كوربين على سياسات المملكة المتحدة تجاه قضايا
الشرق الأوسط.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن فوز جيريمي كوربين يطرح تساؤلات عديدة، حول الموقف البريطاني من قضايا بيع الأسلحة لدول الشرق الأوسط، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتدخل في سوريا.
ونقل الموقع عن كريس دويل، أن "رئاسة كوربين لحزب العمال تعد في حد ذاتها تغيرا كبيرا، إذ لم يكن أحد يتوقع أن هذا الرجل البسيط سينجح في هذه المهمة الصعبة. ولكن الأسئلة المطروحة الآن: هل سيتمكن كوربين من الترشح لمنصب رئاسة الوزراء في سنة 2020؟ وهل سيتمكن من فرض آرائه داخل مجلس العموم البريطاني وداخل حزبه، خاصة فيما يخص التدخل في سوريا؟".
واعتبر دويل أن "نجاح كوربين سيؤدي لتغيير واضح في السياسة البريطانية تجاه الشرق الأوسط. فهذه المرة الأولى التي ينتخب فيها حزب العمال زعيما؛ يتبنى مواقف تختلف بشكل جذري وواضح عن مواقف حزب المحافظين ومواقف المعارضة التقليدية". ومن المرجح أن كوربين سيجعل حزبه يتخذ مواقف مشابهة لتلك التي اتخذها الحزب الوطني الأسكتلندي، المساند لفلسطين والمعادي للاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف دويل أن "الحزبين الرئيسيين في
بريطانيا حافظا خلال السنوات الماضية على مواقف مشتركة من قضايا الشرق الأوسط، ونجح في التقيد بسياسة موحدة بعيدا عن التجاذبات الحزبية. وحتى إبان غزو العراق في سنة 2003، حصل توني بلير على الدعم الكامل لحزب المحافظين. ولكن من هنا فصاعدا سيظهر تيار جديد، يتبنى مواقف مختلفة من قضايا المنطقة، وخاصة فيما يخص القضية الفلسطينية".
وأضاف دويل، في هذا الحوار الذي أجرته معه دانيا عقاد، أن "جيريمي كوربين يعارض بشدة التدخل العسكري البريطاني في سوريا، وقد كان من أبرز المشاركين في حملة "أوقفوا الحرب". ومن المؤكد أن الآراء الجديدة التي سيطرحها كوربين ستؤدي إلى فتح حوار جدي ومعمق في بريطانيا حول الظروف التي يمكن أن تبرر التدخل العسكري في الشرق الأوسط".
وبحسب دويل، "فإن كوربين يمكن أن ينجح في دفع بريطانيا نحو مراجعة سياساتها فيما يخص بيع الأسلحة للأنظمة التي تحفل سجلاتها بانتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما سيضع بلاده في موقف حرج جدا، بما أن اقتصادها يعتمد كثيرا على بيع الأسلحة لدول في الشرق الأوسط، وهو يعرضها لانتقادات كبيرة من المنظمات الحقوقية".
وقال دويل إن "كوربين سيطرح تساؤلات جدية حول سياسة الأمر الواقع التي تعتمدها بريطانيا، في مواجهة سياسة القيم والمبادئ التي ينادي هو بها. ولكنه سيواجه صعوبات كثيرة، بسبب وجود أصوات داخل حزبه تعارض أفكاره، خاصة وأن صناعة السلاح في بريطانيا توفر فرص شغل لآلاف العمال، وهو أمر لا يمكن لهياكل حزب العمال التغاضي عنه".
وتوقع دويل أن "جيريمي كوربين سيحقق الوعد الذي قدمه قبل انتخابه، بالاعتذار للشعبين البريطاني والعراقي، عن مشاركة بريطانيا في غزو العراق في سنة 2003. إذ لطالما عارض كوربين هذه الحرب واعتبرها من أكبر الأخطاء في التاريخ البريطاني الحديث، وهو موقف أصبح قسم هام من الساسة والمواطنين البريطانيين يتبنونه، بعد تبين الكارثة التي سببتها هذه الحرب".
وحول دعوة جيريمي كوربين لإشراك حزب الله وحماس في مباحثات السلام في الشرق الأوسط، فقد قال دويل إن "كوربين بصفته زعيما للمعارضة لا يستطيع فعل الكثير في هذا الشأن، ولكن بإمكانه القيام بتحركات ذات دلالة كبيرة، مثل لقاء أعضاء في حماس وحزب الله بصفته رئيسا لحزب العمال".
وبحسب دويل، "ستفتح هذه التحركات الباب لطرح إمكانية الجلوس على طاولة واحدة مع تنظيمات كانت دائما في خلاف مطلق مع بريطانيا، من أجل إيجاد حلول للصراعات التي تعصف بالشرق الأوسط، خاصة وأن سياسيين آخرين، حتى من أقصى اليمين، نادوا في السابق بإشراك حزب الله وحماس على أمل أجل إيجاد حلول سياسية لمشاكل المنطقة".
وذكر دويل أن "كوربين كان دائما معارضا للسياسات الأمريكية، ومطالبا بفصل
السياسة الخارجية البريطانية عن واشنطن، خاصة فيما يخص قضايا الشرق الأوسط. وهو ما يعني أن الولايات المتحدة ستشهد تقاربا مع حزب المحافظين، فيما ستتوتر العلاقة مع حزب العمال بوجود كوربين على رأسه".
أما فيما يخص تأثير كوربين على موقف بريطانيا من قضية استقبال اللاجئين السوريين، فقد قال دويل إن "حزب العمال رحب سلفا بقبول المزيد من اللاجئين القادمين من سوريا، ولذلك فإن كوربين لن يضيف الكثير في هذا الشأن. ولكن من الواضح أن الخلافات بين العمال والمحافظين ستكون كبيرة، فيما يخص سياسات منح حق اللجوء، واللجوء السياسي وقبول المهاجرين".