قالت صحيفة "الغارديان" إن
إيران استخدمت برقية مزورة منسوبة إلى موقع
ويكيليكس؛ كي تشوه سمعة المبعوث الخاص للأمين العام لملف
حقوق الإنسان، وزير خارجية جزر المالديف السابق
أحمد شهيد.
وجاء في تقرير أعده مراسل الصحيفة في طهران سعيد كمالي دهقان، أن إيران شنت حملة متقنة ضد شهيد، الذي يحقق في قضايا انتهاكات حقوق إنسان، من خلال نشر برقية مزورة، قالت إنها وثائق من موقع ويكيليكس، تتهم المسؤول الأممي بتلقي "رشاوى" من المملكة العربية السعودية.
ويقول الكاتب إن الجمهوريه الإسلامية قامت بجهود منظمة لتشويه مصداقية شهيد في عيون الرأي العام الإيراني، وقامت وسائل الإعلام الرسمية ومواقع الإنترنت شبه الرسمية بنشر تقارير زعمت فيها أن السفارة السعودية في الكويت دفعت للمبعوث شهيد مليون دولار؛ من أجل أن يتخذ موقفا متشددا من الحكومة الإيرانية، وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران. مشيرا إلى أن تلك التقارير قد تصدرت الصفحات الأولى لصحف يوم الثلاثاء الماضي، واستخدمت الحكومة الإيرانية لاحقا ما ورد فيها لمساءلة مصداقية شهيد.
ويضيف دهقان أن موقع ويكيليكس نفسه تحدى مصداقية المعلومات التي نسبتها الحكومة الإيرانية له. وجاء في تغريدة على الحساب الرسمي للموقع المعروف بنشره برقيات ووثائق سرية: "من فضلكم أظهروا لنا على أي برقية بنيتم هذا الزعم، وفشلتم بربط أي برقية للمقال الذي تم نشره". ونفى شهيد نفسه المزاعم التي وردت في التقرير.
ويشير التقرير إلى أن فحصا دقيقا للوثيقة المزورة، التي تزعم تلقي المسؤول رشاوى، عندما قورنت بالوثائق الحقيقية للبرقيات السعودية التي نشرها الموقع، يظهر أن الوثيقة المزعومة مزورة، لافتا إلى أن عملية
التزوير قد تمت باستخدام الحاسوب، حيث تم دمج وثيقتين مختلفتين مروستين باسم الخارجية السعودية؛ من أجل إصدار نسخة جديدة غير موجودة، ثم تم وضعها على "علوينوز.كوم" و"أودنيوز. كوم"، وهما موقعان يستخدمان لنسخ مواد من مصادر أخرى.
ويرى الكاتب أن الحملة الواضحة والموجهة ضد شهيد تشبه نشاطات مشابهة تقوم بها الحكومة الإيرانية ضد ناشطين ومعارضين وحتى صحافيين، من خلال نشر معلومات عنهم، مشيرا إلى أنه قد استخدم الأسلوب ذاته عام 2013؛ مع عدد من موظفي هيئة الإذاعة البريطانية، القسم الفارسي، الذين تتهمهم الحكومة الإيرانية بارتكاب مخالفات جنسية.
وتجد الصحيفة أن توقيت الحملة الأخيرة ضد شهيد مثيرا للفضول. فقد جاءت بعد نشر موقع ويكيليكس سلسلة من البرقيات المنسوبة لوزارة الخارجية البريطانية، وتظهر هوس السفارات السعودية حول العالم بإيران.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه من بين البرقيات وثيقة تظهر أن السعودية دفعت مكافأة قيمتها آلاف الدولارات لأحد أبناء الوزير الإصلاحي آية الله مهاجراني، الذي يعيش حاليا في المنفى في لندن. ولم يرد مهاجراني، لكن الوثيقة أحرجت المعارضة الإيرانية، التي تعد المعارض الإصلاحي واحدا منها. واستخدمت إيران البرقية دليلا لتثبت أن المعارضة الإيرانية تخضع لتأثير السعودية.
ويذكر دهقان أنه على خلفية ما يبدو أنها برقية حقيقية تتحدث عن مهاجراني، انتهزت إيران الفرصة لتوجيه اتهامات مقصودة، رغم أنها غير صحيحة، لشهيد. وقد استخدم التلفاز الإيراني وبقية الصحف الموالية للنظام موقع "علوينيوز.كوم" مصدرا رئيسا للقصة عن شهيد.
وتبين الصحيفة أن رئيس المجلس الأعلى لحقوق الإنسان التابع للدولة محمد جواد لارجاني قام يوم الأربعاء بالتعامل مع الاتهامات على أنها حقيقة، وقال إنها ليست مصادفة أن يقيم كل من مهاجراني وشهيد في لندن. ولكنه نفى لاحقا أن يكون قد أطلق هذه التصريحات، مع أنها ظهرت في عدد من وكالات الأنباء شبه الحكومية، بما فيها "إسنا" و"فارس".
وينقل التقرير عن لارجاني قوله إن "إيران هي ديمقراطية كبيرة في المنطقة". وأضاف: "في بعض دول المنطقة لا يسمح للمرأة بقيادة السيارة، ويطلق النار على الناس في الشوارع للتصويت، لكن لأن هذه الدول حلفاء للغرب، لا أحد يدقق في سجل حقوق الإنسان فيها". وقامت وكالات الأنباء لاحقا بشطب المعلومات والمقابلة، ونشرت نفيه للتصريحات.
وينوه الكاتب إلى أن وزير الخارجية المالديفي السابق شهيد، يقوم بمتابعة ملف حقوق الإنسان في إيران، وقدم للأمين العام عددا من التقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية، خاصة تنفيذ حكم الإعدام واعتقال الناشطين السلميين.
وتفيد الصحيفة بأن إيران شجبت تقارير شهيد، ووصفتها بالمتحيزة والمعادية لها، وقالت إنها لا تقوم على حقائق. ولم تسمح إيران لشهيد بزيارتها منذ أن عُين في المهمة في عام 2011. ودعا مع عدد من منظمات حقوق الإنسان الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن يبني على نجاحه في الملف النوي بتحقيق تقدم في مجال حقوق الإنسان.
وينقل التقرير عن هادي القائمي من الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، قوله إن الحملة ضد شهيد هي استمرار للحملة المستمرة التي يقوم بها المسؤولون الإيرانيون لتشويه عمله وشخصيته. ويضيف: "الهجمات ضد شهيد ليست جديدة، وتقوم صحف المعسكر المتشدد، ومنذ سنوات، بمحاولة تشويه شهيد، وتدمير مصداقية عمله".
ويتابع القائمي للصحيفة: "مع توقيع الاتفاق النووي والمطالب بإصلاحات سياسية واجتماعية، يحاول الجناح المتشدد القيام بضربة وقائية، تمنع زخم الإصلاح. ومن خلال تدمير عمل المبعوث الخاص، الذي يحظى عمله بالتقدير الدولي، والذي دعا بشكل واضح للتركيز على حقوق الإنسان، بعد توقيع الاتفاق، فهو ينفذ واحدة من الطرق للوصول إلى هدفه".
ويقول قائمي إن حملة التشويه هي طريقة من الطرق من أجل حرف النظر عن سجل حقوق الإنسان السيئ، ويضيف: "فمن خلال ضرب مصداقية شهيد تحاول السلطات التأثير على الرأي العام الإيراني. والاتهامات الحالية هي محاولة مفضوحة للحصول على الدعم المحلي لرفض الحكومة التعاون مع المبعوث الخاص، وخلق ما يفترض أن تكون حقائق على الأرض، لدعم حملة شيطنة شهيد".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن ماني مصطفى من جماعة إمباكت إيران، التي تعمل من أجل لفت الانتباه حول حقوق الإنسان في إيران، قال إن ويكيليكس موقع من السهل البحث في محتوياته، والبحث عن أحمد شهيد لا يظهر نتائج لدعم الاتهامات الغريبة التي نشرتها الحكومة ضده.