ظهر الأربعاء الماضي، قابلت مسؤولا مصريا مرموقا في مقر أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس بعد انتهاء الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من كلية الشرطة، وسألته سؤالا مباشرا: هل توجد مشكلات جديدة تتعلق بتشكيل
القوة العربية المشتركة؟
قبل معرفة الإجابة، أشير إلى أن مناسبة السؤال هي تواتر بعض التقارير عن وجود مشكلات وعراقيل تتعلق بتشكيل القوة العربية المشتركة، بل ذهبت بعض هذه التقارير إلى القول بأن التأجيل الأخير للاجتماع الذي كان مقررا عقده أخيرا في
القاهرة سببه بروز مشاكل متعددة حول هذه القوة.
وذهبت بعض هذه التقارير إلى القول بأن هناك
خلافات مصرية مع بعض بلدان الخليج، خصوصا السعودية بشأن هذه القوة، وأن بعض بلدان المغرب العربي لا تزال غير متحمسة للقوة أو غير مكترثة بالفكرة أساسا.
تقارير أخرى تحدثت عن خلاف بشأن جوهر الفكرة وطريقة تنفيذها أو تطبيقها على الأرض. وهل تكون قوة خاصة محددة تحت رئاسة واضحة تأتمر بأوامرها فقط، ولها مقر، وميزانية محددة؟ أم قوات يتم تجميعها من كل بلد على حدة فور اندلاع الأزمات، ثم تعود إلى بلدانها لاحقا؟ إضافة إلى كيفية اتخاذ قرار التدخل.
المسئول المصري الكبير رد على سؤالي، وقال إن غالبية هذه التقارير غير صحيحة، وفي أفضل الأحوال غير دقيقة، وإن الأمور تسير في طريقها الطبيعي.
يضيف المسؤول أن أبرز تطور حدث في هذا الأمر هو أن غالبية الدول العربية أدركت بجلاء أن الحاجة لمثل هذه القوة مسألة في غاية الأهمية، وليست شيئا ترفيا، وأن كل دولة مهما كانت كبيرة وصلت إلى قناعة بأنها غير قادرة بمفردها على حماية أمنها القومي، كما أدرك الجميع أن الأمر ليس مجرد حماس مصري للقوة، بل هي تلبي حاجة فعلية على أرض الواقع.
المسؤول المصري نفى وجود خلافات بين البلدان العربية بشأن القوة، قائلا إن نقاشات متعددة دارت حول أفضل السبل لإخراج هذه القوة إلى حيز الوجود، وهو يستغرب أن يصر البعض على افتعال أزمات غير موجودة، أو يتخيل أن الاختلاف في بعض وجهات النظر أحيانا داخل الأسرة الواحدة هو خلافات جوهرية.
المسؤول المطلع على تفاصيل ما دار من مناقشات ومجادلات، قال إنه واثق من أن القوة سوف تتحول إلى أمر واقع، وليس عيبا بالمرة أن نتحدث في كل التفاصيل، بل هو أمر مطلوب الآن، حتى لا نكتشف أي ثغرات مستقبلا.
وفي تقدير هذا المسؤول فإن هناك توافقا مصريا خليجيا، خصوصا مع الإمارات والسعودية والبحرين والكويت والأردن بشأن هذه القوة.
مراقب لما يحدث قال لي قبل أيام إن المشكلة قد لا تكون بين البلدان العربية، بل لدى أطراف إقليمية ودولية لا تبدى سعادتها بأن تتبلور هذه القوة على أرض الواقع، والبعض يريدها أن تكون -إذا تشكلت- مجرد أداة لتحقيق أهدافه.
في تقدير هذا المراقب أيضا، فإن بعض القوى الإقليمية والدولية تستخدم بلدانا عربية للأسف لعرقلة أي خطوة تقود إلى عمل عربي مشترك حقيقي وفاعل، وإن البعض حاول توجيه هذه الفكرة كي تزيد من تعميق الانقسام الطائفي والمذهبي المتنامي في المنطق، في حين أن الهدف الجوهري من التفكير في إنشاء القوة هو حماية الأمن القومي العربي حال تعرضه للتهديد، وهو ما جاء في قرارات القمة العربية الأخيرة التي عقدت في شرم الشيخ نهاية مارس الماضي.
لا يشغلنا كثيرا أن تتأخر القوة العربية لأسابيع أو لشهور، لكن شرط أن تولد قوية وراسخة، بدلا من ولادتها المتعجلة، وتعرضها للفيروسات المنتشرة في المنطقة، ما يقود إلى قتلها، لا قدر الله.
(نقلا عن صحيفة الشروق المصرية)