عندما أفلت جنرال الانقلاب صاحب الهاشتاج الشهير من الفضيحة في الأمم المتحدة، بعد أن قام بتبديل كلمته ليحل محل أوغندا، وتفادى بذلك الزفة التي كان ثوار أمريكا قد جهزوها لها، توقعتُ وقتها بأن الموضوع طالما تضمن أوغندا، فلا بد أن الكيان الصهيوني هو من خطط له ليفلت من المظاهرة التي تم تجهيزها له.
والأسلوب الذي طبقه الانقلاب وقتها في الولايات المتحدة، كان الاعتماد فيه على الكنيسة لحشد نصارى الولايات المختلفة لتأييده، ثم عندما وجدوا أن ذلك غير كافٍ اضطروا إلى لعبة تبديل الكلمة مع أوغندا وهو ما نجحوا فيه، فأفلت يومها من استقبال حافل كان قد جهزه له ثوار الولايات المتحدة، وظهر هذا على لهجته التي كنت تستطيع أن تشم فيها رائحة الانتصار لإفلاته من (الزفة).
وهو الأمر الذي لفت نظري وقتها إلى أن أجهزة المخابرات الصهيونية ربما تكون ضالعة في التخطيط لزياراته وتجنيبه الحرج، أما في ألمانيا فالوضع كان مختلفا، فنظرا للاستعدادات التي رصدتها أجهزة مخابرات الانقلاب، وفقر أعداد مؤيدي الانقلاب بها، اضطرت الكنيسة لحشد المؤيدين من دول أخرى، واضطر جنرال الانقلاب لاصطحاب غوازي الموالد الهاربات من الدير البحري لعل البعض يلتف حولهن، فيبدو أمام ميركل بصورة صاحب الشعبية، ولكن الاستعدادات التي اتخذها ثوار ألمانيا ونجاحهم في محاصرة الانقلاب منذ اللحظة الأولى في المطار، وما فعلته الثائرة الجميلة فجر العادلي نسفت كل جهوده بهتافها وفضحته وأفسدت عليه حفل (السبوع)، وتحولت فجر إلى حديث الصحف والقنوات الألمانية وانقلب السحر على الانقلاب، وتحولت الزيارة إلى كابوس، وظهرت ردود الفعل المرتبكة على الانقلاب وحاول إعلامه تبرير فضيحتهم، فزادوا الطين بلة، كأحمد موسى الذي تباهى برفض جنرال القرود للنزول من الفندق عندما شاهد مظاهرة ضده.
واليوم ونحن نحتفي بإلغاء قزم الانقلاب لزيارته لجوهانسبرج، قرأت ما كتبه الدكتور محمد الجوادي ونبهني عدد من الأصدقاء إلى احتمال أن يكون الخبر كله مجرد مناورة.
وأتفق تماما مع الجوادي في أن خبر إلغاء قزم الانقلاب لرحلة جوهانسبرج قد يكون مناورة يقومون بها، لتبريد الاستعدادات التي تجري لاستقباله هناك، خصوصا وأن الجالية المصرية في جنوب إفريقيا نشطة بشكل كبير، وتتحرك بشكل مؤثر ضد الانقلاب منذ بدايته، كما أن طبيعة الزيارة القصيرة قد لا تسمح باصطحاب غوازي المولد معه، خصوصا بعد موجات السخرية التي طالته بسبب زفة برلين.
ويدعم منطقية ذلك الطرح أن الكيان الصهيوني نجح خلال ستين عاما من حكم العسكر في بناء شبكة علاقات قوية بدول إفريقيا، والعبث في الساحة الخلفية لمصر، ولا يجب أبدا أن نستهين بذلك، فقد نجحوا في فصل جنوب السودان، وكان الكيان الصهيوني صاحب أول سفارة في جوبا، ونجحوا كما هو واضح في دفع أثيوبيا للوقوف موقف العدو من مصر والاستمرار في بناء سد النهضة، وشاويش الانقلاب من ناحية أخرى تنازل عن حصة مصر في النيل لأثيوبيا، نظير سعي أثيوبيا لإلغاء قرار تجميد عضوية مصر بالاتحاد الإفريقي في أعقاب الانقلاب.
ولا أشك لحظة في أن هناك تنسيقا بين أجهزة مخابرات الانقلاب والموساد في تنسيق الزيارات الخارجية لصاحب الهاشتاج، ولم نستبعد ذلك وقد زار وفد من مخابرات العسكر الأرض المحتلة للقاء أسيادهم في الموساد للتنسيق للإطاحة بالرئيس مرسي في مارس 2013، كما ذكرت صحيفة ذا تاور!
وجهة النظر التي يتبناها الدكتور محمد الجوادي وأراها منطقية، هي أن شاويش الانقلاب قد يفاجئ ثوار جنوب إفريقيا بزيارته في موعدها، أو قد يصل حتى إلى المطار قبل موعد إلقاء كلمته بدقائق، أو حتى يبدل موعد إلقاء كلمته، وإذا تم ذلك فلا شك أنه سيكون من تخطيط الكيان الصهيوني.
وأرى أنه يجب على ثوار جنوب إفريقيا الاستعداد في كل الحالات، وتجهيز ما لذ وطاب من البيض ومن ثمار الطماطم الفاسدة، وألا يبخلوا عليه بهتافاتهم ولافتاتهم بل وأحذيتهم، فهو يستحقها بجدارة.