مازال
الشعب المصري في غيبوبة عدم الفهم لما يدور حوله من أحداث تتمثل في واقع الأفراد الذين يحكمون البلاد بعد أن سطوا عليها، وانقلبوا على رئيسهم الشرعي، حتى أن بعض المغيبين ينبهرون بما يقدمه الطغاة من قتل وسحل وإعدامات وسجن للأبرياء.
إن الدمار الاقتصادي الذي لحق بالبلاد، وانهيار مقومات
الدولة، وتهديد مستقبلها السياسي والدولي لأمر لا يخفى على الجميع، حتى أن هيبة الدولة في رئيسها وحكوماتها وممثليها أصبحت فكاهة هذه الأيام في المحافل الدولية والجرائد العالمية والمنتديات السياسية.
إننا بحاجة أن نبين للناس حقيقة الانقلاب العسكري الغاشم الذي أتى ليهلك الحرث والنسل بلا وعي ولا تفكير، حيث أن الانقلابيين لا يملكون أي رؤية لإدارة صحيحة للبلاد سوى تشديد القبضة الأمنية، وإذلال الشعب وإخضاعه بالقوة المسلحة، والتفريط فى الحقوق وإهدار الثروات. لقد بات فشل الانقلاب وشيكا بعد أن فشل في كل شيء، في إدارة الحياة العامة والحياة السياسية والحياة الدولية، كما أنه فشل في المشروعات التي قدمها للناس جميعا.
ونحن بحاجة لأن نصبر على الآخرين لنوضح لهم ما نرجوه لهم وما نهدف إليه من إسقاط الانقلاب، وعودة الشرعية، ورد الأموال المنهوبة سواء قبل الانقلاب أو بعده، وذلك بشرح برامجنا لهم، ونشر الوعي بالثورة وعدم الانجرار للعنف، ونشر الأمل في تحقيق أهداف الثورة، ومحاربة كل صور اليأس التي يحاول إعلام الانقلاب إشاعتها.
أضحى مشاركة الغير في تحقيق الشرعية أمر أوجبه فرض الوقت، فلن يستطيع الإسلاميون أن يتحملوا عبء تبعة هذه المرحلة وحدهم، ولن نستطيع أن نترك المغيبين في دائرة الغفلة ليزداد الانقلابيون بهم عددا. لأن استيعاب كافة الطاقات والكفاءات وممارسة الشراكة الحقيقية معهم في العمل الوطني، وتوسعة دائرة التحالف، لاستعادة وحماية الثورة والمسار الديمقراطي لأمر أصبح من الضروري التوجه إليه سريعا، والعمل على تحقيقه في التو واللحظة.
إننا نوقن أن إرادة الشعب في الحرية وعودة الشرعية سوف تتحقق، ولكننا نرجوا اختصار الوقت وتقليل الجهد والخسائر البشرية التي يقوم بها الانقلابيون من قضاة وعسكر وشرطة، ومن تحالف معهم يوما بعد يوم مما يؤلم الأحرار في أعراضهم ودمائهم وأموالهم وممتلكاتهم. كما أننا نؤمن بأن التضحية والبذل والعطاء لن يضيعوا سدا فهم عند الله بمكان، ونرجوا من الله أن يتقبل ممن بذل وضحى وأعطى مما يملك.
لقد مرت بالمؤمنين أوقات عصيبة، وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكرم الخلق على الله، لكن الكرامة لا تمنع تقديم التضحيات وتحمل التبعات ولا تمنع جريان السنن الكونية على البشر وعلى المؤمنين ليتعلموا الدروس ويصححوا الأخطاء.
إن سنة الله في الكون غالبة، ومن سننه إنتصار أهل الحق وإن طال بهم الزمان ( كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا ورُسُلِي إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (21) سورة المجادلة. وقد أوجب الله الأخذ بالأسباب والثبات على طريق الحق ومن ثم النصر بقوته وعزته سيكون حليفا للمجاهدين الصابرين الثابتين.
(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز) (40) سورة الحج