كشف الأستاذ المساعد في كلية الهندسة في جامعة عين شمس، الدكتور محمد حسن سليمان، النقاب أنه اطلع على ورقة الامتحان الخاصة بالطالب
إسلام عطيتو، بالفرقة الرابعة في الكلية، الذي قُتل عقب أدائه امتحاناته، يوم 19 أيار/ مايو الحالي، الذي زعمت وزارة الداخلية تورطه في قتل أحد ضباطها، ومصرعه في تبادل لإطلاق النار بينه وبين قواتها.
فقد قال سليمان على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الخميس: "اطلعت على إجابات إسلام على أسئلتي في آخر امتحان له، وإجاباته تستحق تقدير جيد جدا".
وأضاف: "ما عند الله خير وأبقى". واختتم متهكما على الداخلية: "إن الكهف اللي كان يختبئ فيه كان مكيفا، ويساعد على التركيز.. نتيجتك عند ربنا".
وبهذه الشهادة، تتزايد الأدلة التي تؤكد أن "إسلام عطيتو" تمت تصفيته بدم بارد على يد داخلية
السيسي، التي كانت زعمت في بيان بصفحتها على "فيسبوك"، أنه "أمكن تحديد مكان اختباء أحد عناصر لجنة العمليات النوعية المتورطة في الحادث، وهو الإخواني إسلام صلاح الدين أبو الحمد عطيتو، في أحد الدروب الصحراوية، وحال مداهمة القوات لمكان اختبائه بادر بإطلاق الأعيرة النارية تجاههم، فقامت القوات بمبادلته إطلاق الأعيرة، ما أدى إلى مصرعه".
ونفت أسرة الطالب تلك الرواية، وأشارت والدته لوجود آثار تعذيب وكسور على جسد ابنها.
ورفض زملاء عطيتو رواية الداخلية. وقال عضو اتحاد طلاب كلية هندسة عين شمس، الطالب عمرو خطاب: "عطيتو اختطف من أمام الحرم الجامعي.. لدينا تسجيلات كاميرات المراقبة في الكلية التي تثبت ذلك".
وأكد اتحاد طلاب الكلية حضور إسلام الامتحان، واعتقاله أمام الكلية، وأعلن أعضاء الاتحاد استقالتهم، احتجاجا على ما وصفوه بـ"اختطاف عطيتو" من الجامعة، وقتله.
إعادة التحقيق في القضية
من جهتها، تسلمت نيابة أمن الدولة، الأربعاء، أوراق التحقيقات في حادث مقتل
طالب الهندسة، تمهيدا لبدء التحقيق في القضية من جديد.
وكان مدير نيابة حوادث شرق القاهرة، انتقل إلى الكلية، للوقوف على صحة حضور الطالب الامتحان.
وتبين أنه حضر بالفعل. وشاهدت النيابة كاميرات المراقبة الخاصة بالجامعة، وتبين ظهور الطالب فيها لحظة دخوله وخروجه من الامتحانات، إذ يخرج من بوابة الكلية، ليختفي عن المشهد، ثم يعود مسرعا بالاتجاه الآخر، بينما يسرع خلفه شخصان في زي مدني.
وقال مراقبون إن هذه الأدلة المتزايدة تميط اللثام عن تورط وزارة الداخلية في تصفية الطالب بعد اختطافه، وهو أعزل، ما يفتح الباب واسعا لفتح ملف مسلسل كبير من جرائم تصفية معارضي الانقلاب، خاصة بين طلاب الجامعات، التي لجأت إليها داخلية السيسي، في تكتم شديد، منذ قيامه بانقلابه الدموي، في الثالث من تموز/ يوليو 2013.
فتح ملف التصفيات الجسدية
ويشير معارضون للانقلاب إلى قائمة عريضة من تلك التصفيات سواء داخل أقسام الشرطة أو المنازل، أو الاختطاف والإلقاء في جوف الصحراء، وعدت منهم: عبد الرحمن سيد، ومحمد علاء خليفة، وإسلام عطيتو، وسيد شعراوي، ومؤمن حشمت أحمد، وكريم حسني عويس، وأحمد جبر، ومحمد صابر العسكري، وكريم حمدي.
وفاقم من مخاوف المراقبين حالات مشابهة لحالة إسلام عطيتو، والأسوأ أنها تمت داخل الجامعات نفسها، دون تحقيق، ومنها مقتل محمد رضا، الطالب في الفرقة الأولى بهندسة القاهرة، في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، ومقتل طالبين في مواجهات مع المتظاهرين بجامعة القاهرة، يوم 16 كانون الثاني/ يناير 2014.
بالإضافة إلى واقعة ضرب الطالب في كلية العلاج الطبيعي، أنس المهدي، من قبل أفراد الأمن الإداري، في إحدى المظاهرات، يوم 19 نيسان/ أبريل 2015، وعلى إثرها دخل الطالب في غيبوبة، حتى توفي بعدها، متأثرا بإصابته.
قضية رأي عام
ويوما بعد يوم، تتحول قضية مقتل إسلام عطيتو إلى قضية رأي عام.
فقال مدير تحرير صحيفة "اليوم السابع" المؤيدة للانقلاب، سعيد الشحات، إن قصة إسلام عطيتو تحتاج إلى قول فصل عبر تحقيق جاد وشفاف، لأجل المصلحة الوطنية العامة.
وشدد على أن ذكر الحقيقة التي تبرئ طرفا، وتدين آخر، يعني سد المنافذ التي يتسلل المتربصون منها، فتزداد مساحات عدم الثقة في الأجهزة المعنية في حفظ الأمن، وتحقيق العدل، ولو تحقق ذلك سيكون الجائزة الكبرى لكل من يستهدف خلخلة البلد، وإدخاله في نفق مظلم.
وأضاف الشحات أنه منذ أن تفجرت القضية، وهناك تطورات تحدث حولها، ويجب علينا الأخذ بعين الاعتبار والأهمية أن هناك دوائر عبرت عن موقفها الغاضب نحو الموضوع، وفي مقدمتها اتحاد طلاب الكلية، ثم موقف حركة 9 مارس، التي تضم أساتذة من الجامعة.
من جهته، قال محمد صلاح البدري في مقال في جريدة "الوطن": "قُتل إسلام بطريقة غامضة تبعث الشك الذي قد يصل إلى اليقين أن هناك شيئا ما غير طبيعي قد حدث، فاختباؤه في أحد الأوكار، بطريق صحراوي، وإطلاقه النيران على قوات شرطية يتناقض وبشدة مع ذهابه إلى كليته يوم الامتحان".
وتابع البدري: "قُتل إسلام بطريقة ما، ولسبب ما، لا يعلمه أحد حتى الآن، سوى قاتله بعد الله، ليتحول إلى خالد سعيد آخر، سيظل شبحا على رقاب كل من أخفى معلومة تكشف ما حدث، وسيظل في ذاكرة زملائه ما بقي لهم من العمر، ليشهد على ممارسات غريبة لجهة يفترض أنها من تحفظ الأمن في ربوع الوطن، وهي من تطبق القانون، ولكن يبدو أنه قانون البلاد الذي فيه صحراء فقط"، وفق تعبيره.