كتب الصحفي الأسترالي ومراسل قناة "
الجزيرة" بالإنجليزية بيتر
غريستي، مقالا نشرته صحيفة "الغارديان"، عن تجربته المرة في السجن.
ويقول غريستي في مقاله، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إنه "لا يوجد هناك شيء اسمه عدل قليل، إما تحقيق العدل أو عدم تحقيقه، وفي حالتي أنا وزملائي، حيث اعتقلنا في
مصر في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2013، واتهمنا بالتعامل مع منظمة محظورة، فإنه لم يتحقق العدل".
ويضيف الكاتب: "لقد حوكمنا بمحاكمة شجبت دوليا، ووصفت بأنها زائفة، وصدرت علينا أحكام بالسجن لمدة سبعة أعوام، فيما حصل زميلي باهر محمد على ثلاث سنوات إضافية، لحيازته مخزن بندقية فارغا. وحتى محكمة الاستئناف المصرية رفضت
المحاكمة باعتبارها قاصرة ومتناقضة، وألغت الأحكام. وفي شهر شباط/ فبراير، قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي ترحيلي خارج البلد، وقبل أن تبدأ المحاكمة. وفي جلسة الاستماع الأولى قبل أسابيع تم الإفراج بكفالة عن زميلي باهر محمد ومحمد فهمي وأربعة آخرين في القضية".
ويستدرك غريستي بأنه "بالرغم من أننا لا نفهم لماذا قرر الرئيس السيسي ترحيلي، إلا أنه من الصعب الاستنتاج أنه كان يستجيب لضغوط دولية غير مسبوقة بعد صدور الحكم علينا. وفي العام الماضي عبّر الملايين عن غضبهم؛ ليس لأنه تم سجن الصحفيين دون أدلة فقط، بل لما عدوه جريمة ضد المبادئ الأساسية لحرية التعبير، ودور
الصحافة الحرة في المجتمعات التي تزعم بأنها ديمقراطية".
ويبين الكاتب أنه "في غمرة النشوة وحالة الارتياح التي تبعت الإفراج عني، ضاعت حقيقة واحدة، وهي أن ثلاثتنا قدمنا لمحاكمة دون وجود أدلة، وأنني كنت أواجه خطر المحاكمة بناء على اتهامات لا أساس لها، ولكن في هذه المرة بفضل تصرف القضاء المصري الغريب".
ويشير غريستي إلى أنه "في آخر جلسة استماع يوم 9 آيار/ مايو طلب مني القاضي الحضور أمام المحكمة، أو يتم صدور حكم غيابي علي. وبناء على القانون المصري فإن أي شخص لا يحضر إلى المحكمة يعد مدانا بشكل تلقائي، مهما كانت نتيجة المحاكمة لأي شخص، والخطر هو أنني سأحمل تهمة الإرهاب في قضية لا يعتقد أحد أنني قمت بها، إلا النيابة المصرية".
ويقول الكاتب: "حتى أكون واضحا، أنا لست هاربا، وأعيش خارج مصر، ولا أستطيع حضور المحكمة؛ لأن الرئيس أمر بترحيلي، ولهذا السبب عرضت تقديم أدلة عبر الفيديو، ويعمل المحامي على التقدم إلى المحكمة، والطلب منها رسميا حضور المحكمة تحت القسم من أستراليا".
ويجد غريستي أن "هذا أمر غير عادي وغير مسبوق في المحاكم المصرية، ولكن قضيتنا هي غير عادية أيضا، فلم يتم ترحيل أي شخص في أثناء محاكمته، ولكن إن كان المبدأ الأول للنظام القضائي هو الحصول على الحقيقة، فعليه فإن من المنطقي القيام بكل جهد ممكن لوضع الأمور في نصابها الصحيح".
ويلفت الكاتب إلى أنه "ليس لدي ما أخفيه، وأنا مستعد للمساءلة إن كان ذلك يساعد القاضي في فهم أننا لم نكن نفغل شيئا شريرا، وأن عملنا ينحصر في كوننا فريقا صحفيا محترفا".
ويفيد غريستي في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن هذا "يقتضي تدخلا سياسيا من أجل تعبيد الطريق، مع أنني لا أطلب تأثيرا على نتائج المحاكمة، وكل ما أطلبه هو فرصة للدفاع عن نفسي، وإظهار أنني لست هاربا من العدالة".
ويذكر الكاتب أن "هذا الأمر يعني الكثير لنا الثلاثة، فنحن جاهزون لفعل ما نستطيع لتنظيف أسمائنا، ولكن محاكمتنا أصبحت رمزا لمبادئ أكبر من ذلك بكثير".
ويرى غريستي أن "قبول الأحكام الصادرة علينا، مع أنني فعليا لست في السجن، سيكون إهانة ليس للعدالة ولمن يحاكمون في القضية فقط، ولكن للملايين الذين دعموا قضيتنا في المقام الأول، لكل واحد من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلى الأمين العام للأمم للمتحدة بان كي مون، إلى رئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت، الذين تحدثوا وشجبوا اعتقالنا".
ويشير الكاتب إلى أن "المئات من أصدقائنا المحترفين (ومنهم الكثيرون ممن عارضونا)، التقطوا لأنفسهم صور (سيلفي) وأفواههم ملصقة، ويحملون لافتات كتب عليها: (هاشتاغ حرروا فريق الجزيرة)، وخلال فترة اعتقالنا تلقى (الهاشتاغ) حوالي ثلاثة مليارات تعليق".
ويقول غريستي: "قد أدت قضيتنا إلى غضب الكثير من الناس، ولكنها قامت بدفعهم وإلهامهم. وفي الوقت الذي تتعرض فيه حرية التعبير للهجوم أكثر من أي وقت مضى، فإنه من المهم أن نعمل ما يمكننا فعله لحمايتها".
ويخلص غريستي إلى أنه "إن أردنا الحصول على محاكمة عادلة وتنظيف أسمائنا، فإنه سيكون بمقدورنا تبرئة أنفسنا وكل من وقف بجانبنا، والتزموا معنا بتعاطف شديد".