نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية؛ تقريرا حول إعلان
تنظيم الدولة عن سيطرته على مدينة الرمادي، واستنجاد رئيس الوزراء
العراقي حيدر العبادي بالمليشيات الشيعية، جاء فيه أن "إشراك هذه المليشيات في الحرب الدائرة؛ أصبح شرا لا بد منه".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إن زعماء العشائر السنية منقسمون حول المشاركة في تحرير محافظة الأنبار، ورئيس الوزراء حيدر العبادي يمر بأوقات عصيبة. فبعد سقوط الرمادي بأيدي مقاتلي تنظيم الدولة، الأحد الماضي، دعا العبادي وحدات "
الحشد الشعبي" إلى إنقاذ الرمادي.
وأضافت أن مجلس محافظة الأنبار اجتمع خلال نفس اليوم في بغداد، وبناء على تجارب الماضي؛ فقد صوّت مباشرة لقرار إرسال مجموعات غير نظامية في اتجاه محافظة الأنبار، الواقعة على بعد 110 كيلومترات من بغداد غربا.
وبحسب الصحيفة؛ فقد طالب زعماء عشائر سنية بالاعتماد على هذه القوات، بعد أن سئموا انتظار الدعم من الحكومة المركزية والولايات المتحدة، وبعد أن فشلت القوات العراقية النظامية، المكونة من مئات العناصر المنتمين للجيش والشرطة والقوات الخاصة، والمتحالفة مع أبناء العشائر السنية المحلية، في الوقوف أمام الهجوم الذي أطلقه تنظيم الدولة يوم الخميس الماضي ضد مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار السنية.
وذكرت الصحيفة أن القوات العراقية تخلت عن مركز القيادة في المدينة، بما يحتويه من مخزون هام من الأسلحة الثقيلة وعشرات المدرعات.
ونقلت عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إحسان الشماري، قوله إن "هذا التطور الأخير هزيمة قاسية لحيدر العبادي، ولاستراتيجية الاعتماد على المقاتلين السنة في الحرب على تنظيم الدولة".
وأضافت أنه في شهر نيسان/ أبريل الماضي، خلال عملية استعادة تكريت، المعقل السابق لصدام حسين في شمال بغداد، وعد رئيس الوزراء بأن يكون تحرير الأنبار هو الخطوة القادمة، وكان يفترض أن يتم هذا الهجوم بمشاركة قوات الأمن العراقية، وإسناد جوي أمريكي، وبمساعدة قوة مكونة من العشائر السنية، تسلحها وتمولها الحكومة، مع عدم مشاركة
المليشيات الشيعية.
وقالت إن هذه القوة القبلية السنية التي هي بصدد التشكيل؛ لم يتجاوز عدد أفرادها الستة آلاف رجل، مشيرة إلى أن القوات العراقية أثبتت مرة أخرى فشلها رغم التدريب المكثف الذي تلقته على يد المستشارين العسكريين الأمريكان.
وبحسب الصحيفة؛ فإنه مع انطلاق عملية استرجاع تكريت، التي خططت لها المليشيات الشيعية وإيران وراء ظهر رئيس الوزراء، فقد تكفلت هذه المليشيات بقيادة العمليات، وتلقت دعما مخابراتيا من قبل طائرات بدون طيار، وخلايا استخباراتية تابعة للحرس الثوري الإيراني، في غياب الدعم الجوي الأمريكي.
وأشارت إلى أن حيدر العبادي قرر خلال تلك العملية نشر قوات نظامية على الميدان، لكي لا يترك المجال فارغا للمجموعات الموالية لإيران، وبعد أن تمكن المقاتلون الشيعة من التقدم في مواجهة القناصة والعربات المفخخة؛ فقد طلب منهم العبادي التراجع وفسح المجال للقوات النظامية المسنودة بالضربات الجوية الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن الصحفي العراقي مصطفى حبيب، قوله إن "علاقة رئيس الوزراء بقادة المليشيات الشيعية متوترة، وقد تزايدت الخلافات في بغداد بين المجموعات الموالية لإيران وتلك الموالية للحكومة العراقية، ثم جاء سقوط الرمادي ليجبر حيدر العبادي على التنازل عن موقفه، والاستنجاد بنفس المجموعات التي كان يحاول الحد من دورها".
وأضافت أن زعماء عشائر الأنبار أيضا منقسمون حول مسألة مشاركة المليشيات الشيعية في تحرير المحافظة، لأن الكثيرين يخشون من تكرار الانتهاكات التي ارتكبتها في مناطق أخرى بعد استرجاعها من قبضة تنظيم الدولة، كما أنهم يخشون من تزايد نفوذ هذه المليشيات الموالية لإيران.
وذكرت الصحيفة، نقلا عن مصادر عراقية، أن السفير الأمريكي في بغداد قدم ضمانات حول تواصل الضربات الجوية في الأنبار، بشرط أن تقوم المليشيات الشيعية بالتحرك تحت قيادة الحكومة العراقية، عوضا عن المستشارين العسكريين الإيرانيين.
ونقلت عن الشيخ فارس محمد فارس الدليمي، أحد زعماء العشائر السنية في الأنبار، قوله: "لدي أكثر من ألف رجل جاهزين للقتال، وظللنا منذ أشهر نطلب الأسلحة من الحكومة العراقية والجيش الأمريكي.. بإمكاننا تحرير الأنبار خلال ثلاثة أشهر إذا حصلنا على الدعم، ولكن للأسف أدى سقوط أسعار النفط، والحرب ضد تنظيم الدولة، إلى إفراغ خزينة الدولة، كما أن حيدر العبادي يتأرجح بين ضغوطات عديدة ومتناقضة، من قبل المليشيات الشيعية والولايات المتحدة، وهو ما تركنا في مأزق كبير بين مطرقة تنظيم الدولة وسندان إيران".
وقالت الصحيفة إن المليشيات الشيعية تؤكد على دورها المحوري في الحرب ضد تنظيم الدولة، سواء مع تأطير إيران أو بدونه، حيث قال نعيم العبودي، المتحدث باسم
عصائب أهل الحق، المليشيا المقربة من طهران: "لقد أكدنا من قبل أننا القوة الوحيدة القادرة على تحرير الأنبار".