قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن سقوط مدينة
الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، يعد انتصارا عظيما لتنظيم الدولة، وضربة موجعة للحكومة
العراقية المدعومة من الولايات المتحدة، التي يقودها حيدر العبادي.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أن سقوط الرمادي يعد ضربة للجهود العراقية الهادفة إلى هزيمة
تنظيم الدولة، واستعادة المدن التي يسيطر عليها منذ صيف العام الماضي.
وتبين الصحيفة أن دخول التنظيم إلى مدينة الرمادي يأتي بعد 24 ساعة من إعلان الحكومة العراقية إرسال تعزيزات عسكرية للأنبار، من أجل مواجهة التنظيم. وقد ترك المدافعون من قوات الأمن والجيش ومقاتلي العشائر أماكنهم، وهربوا من المدينة، ما فتح الباب أمام دخول المقاتلين، وبرزت مشاهد فوضوية من المدنيين والجنود الفارين من تقدم قوات التنظيم.
ويلفت التقرير إلى أن المقاتلين أصبحوا لا يبعدون عن العاصمة بغداد سوى مئة ميل، ولم تكن الطرق المؤدية إلى العاصمة بمأمن من هجماتهم.
وتنقل الصحيفة عن الممثل عن محافظة الأنبار في البرلمان العراقي أحمد السلماني قوله: "أصبحت الرمادي بكاملها تحت سيطرة تنظيم الدولة".
ويذكر التقرير أن التطورات يوم الأحد أدت بالعبادي إلى الاستنجاد بقوات الحشد الشعبي، وهي
المليشيات الشيعية المتهمة بارتكاب ممارسات ضد المدنيين السنة، وهو ما يعقد الجهود الأمريكية في الحملة التي تقودها واشنطن ضد المتشددين من تنظيم الدولة، التي شملت غارات جوية على الرمادي. وقد عبر المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم من الدور الانقسامي والتأثير القوي الذي تمارسه المليشيات المدعومة من
إيران.
وتورد الصحيفة أن العبادي كان قد أعلن عبر التلفاز الحكومي ليلة الأحد عن الخطة التي لم يقدم فيها إلا تفاصيل قليلة، وناشد فيها القوات الموالية عدم التخلي عن مواقعها في الأنبار.
ويجد التقرير أن التفكك السريع الذي أصاب القوات الحكومية أعاد الذكريات المؤلمة عن الهزيمة الفادحة التي تكبدها التنظيم في مدينة الموصل والمدن الأخرى، في الحملة التي أدت إلى سيطرته على ثلث أراضي العراق.
وتوضح الصحيفة أن القوات الحكومية تراجعت من منطقة الملعب في الساعة الواحدة والنصف، مخلفة وراءها 60 عربة عسكرية، بينها عربات همفي، بحسب قائد قوات الشرطة العقيد ناصر العلواني. ونصف العربات التي تركها الجيش هي التي أرسلتها الحكومة العراقية يوم السبت لتعزيز قوة الحي، وتراجعت القوات البالغ عددها 400 تحت إمرة العقيد العلواني أيضا. فقد حاصرهم مقاتلو تنظيم الدولة في كل شارع، ما أجبرهم على الانسحاب مشيا على الأقدام، مخلفين عتادهم وراءهم. كما تراجعت قافلة عسكرية إلى قاعدة الحبانية.
وبحسب التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، فقد وصف العلواني الانسحاب بأنه "فوضى كاملة، ولم يكن منظما"، مبينا أن الهجوم على المدينة كان من مئات المقاتلنين التابعين لتنظيم الدولة. وكان التنظيم قد نشر بيانا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وصف فيه سيطرته الكاملة على الرمادي.
وتفيد الصحيفة بأن المقاتلين في الموصل قد وزعوا الحلوى، وأطلقوا العيارات النارية في الهواء، بحسب أحد المواطنين داخل المدينة، الذي قال: "كانت الشوارع مليئة بالسيارات التي تطلق الصفارات، وكان الناس يهتفون الله أكبر".
وينوه التقرير إلى أن رئيس الوزراء العراقي قرر إرسال القوات غير النظامية بعد موافقة مجلس محافظة الأنبار على دخول قوات "الحشد الشعبي".
وتنقل الصحيفة عن المساعد لرئيس المجلس صباح كرحوت، قحطان عابد، قوله: "لقد اتخذنا القرار؛ لأننا لم نجد من نعتمد عليه، ولأننا فقدنا كل شيء".
ويشير التقرير إلى أن العراقيين، خاصة في محافظة الأنبار، يخشون من المليشيات العراقية ومن الحكومة الشيعية في بغداد. وقد استثمر تنظيم الدولة هذه المخاوف.
وتورد الصحيفة أن دبلوماسيين ومحللين يقولون إن المليشيات الشيعية تهدد بتقويض الحكومة العراقية والعلاقات الطائفية في البلاد، فبدعم من إيران قامت هذه الجماعات بسلسلة من الهجمات ضد الجنود الأمريكيين أثناء غزو العراق، وقد أثبتت قدرتها في الآونة الأخيرة على مواجهة تنظيم الدولة.
ويذهب التقرير إلى أن مسؤولا في عصائب الحق، وهي واحدة من المليشيات القوية، قد أكد أن جماعته قد حشدت قواتها. وقال عمر العلواني من أبناء العشائر الموالية للحكومة، إنه لم يبق أحد للدفاع عن الطريق السريع المؤدي إلى بغداد. وأضاف أنه كان واحدا ممن انسحبوا من منطقة الملعب. وقدر عدد القوات بحوالي 500 جندي ومقاتل، وتركوا وراءهم دبابات ومدافع رشاشة وشاحنات.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول العلواني إن "تنظيم الدولة قام بالسيطرة على مركز الشرطة والمسجد الكبير"، وأضاف أن مقاتلي تنظيم الدولة حاصروا وقتلوا العقيد مثنى الجبوري، وهو أحد قادة الأمن الكبار.