بحثا عن نصر زائف، ومجد وهمي، قارن إعلاميون
مصريون وعرب (مساندون للانقلاب) خلال اليومين الماضيين بين استقبال
السعودية لكل من الرئيسين المصري: عبدالفتاح السيسى، والتركي رجب طيب
أردوغان، إذ استقبل السيسى كل من العاهل السعودي وولى العهد، فى حين خرج محافظ جدة لاستقبال أردوغان، واستنتجوا من ذلك أن الرئيس المصرى أعلى مقاما وكعبا من الرئيس التركى!
وقد أثارت طريقة التغطية جدلا حتى داخل المعسكر المؤيد للانقلاب، حيث وصف أحد الكتاب في جريدة الوطن مقالا قال فيه إن "الطنطنة" لاستقبال الملك للسيسي في المطار بأنها مثيرة للرثاء.
وكان
الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز، ونائب ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، وعدد من المسئولين السعوديين في استقبال
السيسي.
وعلى الجانب الآخر، لم تشهد مراسم استقبال الرئيس التركي في جدة أي مظاهر استقبال رسمية، إذ كان في استقباله محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز.
ولم يؤد السيسي مناسك العمرة كما هو معتاد من الحكام المسلمين الذين يزورون المملكة، واستغرقت زيارته للسعودية ما يقرب من 3 ساعات فقط، في حين استمرت زيارة الرئيس التركي ثلاثة أيام، وتخللتها جلسة مباحثات مغلقة مع العاهل السعودي.
وتمجيدا في الزيارة، تحدثت وسائل الإعلام المصرية عن حديث وسائل الإعلام السعودية عن أهمية زيارة السيسي إلى الرياض، ولقاء القمة الذي جمعه بالملك سلمان، مؤكدة أنه جرى خلاله بحث كل الملفات العربية والإقليمية والدولية، وفى مقدمتها مكافحة الإرهاب، وتشكيل قوة عربية مشتركة.
فجر السعيد
وقارنت الإعلامية الكويتية المؤيدة للسيسي "فجر السعيد" بين زيارتي السيسي وأردوغان للسعودية، وكيفية استقبالهما.
وقالت -عبر حسابها الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى تويتر-: "خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز كان في مقدمة مستقبلي الرئيس السيسي في مطار الرياض بينما العثماني أردوغان يستقبله أمير المنطقة".
وأضافت: هل وصلت الرسالة للإخونجية أم ما زالوا يكابرون، ويتوهمون، وخرفانهم تصدق؟
المسلماني.. وعيسى
وتطرق المحلل السياسي والإعلامي أحمد المسلماني في برنامج الفضائي الزيارة بالقول إن الإعلام احتفل بها بقوة، مشيرا إلى أن السيسي قدم رؤية واضحة في القمة المصرية - السعودية تتمثل في: عدم المساس بأمن البحر الأحمر، وحماية الدولة السورية ومؤسساتها، ووحدة أراضيها.
أما الرسالة الثالثة للزيارة -وفق المسلماني- فتتعلق بليبيا، إذ أكد السيسي مواصلة ضرب الإرهاب ودعم الحكومة والجيش هناك، دون رفض للتسوية السياسية، بحسب المسلماني.
وقدم الإعلامي القريب من السيسي "إبراهيم عيسى" تحليلا للزيارة فقال إن محصلتها هي أن العلاقات بين البلدين استراتيحية وقوية، وأن الأهداف واحدة، وأنه ليس هناك تغير دراماتيكي في العلاقات، مشيرا إلى أن الاختلاف بينهما، لا يؤثر على قوة العلاقات، وأن الأزمات الاقتصادية قد تكون ورقة تفاوض قوية للدول التي تعاني منها في مواجهة القوى الإقليمية.
ويعني عيسى بذلك التقليل من أهمية المساعدات الخليجية والسعودية المقدمة لمصر، بعد انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، وأن مصر السيسي غير مرتهنة في مواقفها السياسية بتلك المساعدات!
من جهتها ركزت قناة العربية على زيارة السيسي القصيرة للرياض، وأفردت مساحات واسعة لها في التغطية، وأجرت حوارا خاصا مع السيسي، فيما تعاملت ببرود مع زيارة الرئيس التركي أردوغان التي استمرت لعدة أيام.
وبحسب ناقد إعلامي خليجي، طلب عدم الكشف عن هويته، فإن العربية تضبط إيقاع تغطياتها وفقا للسياسة السعودية، ولكنها أيضا تأخذ بعين الاعتبار المزاج السياسي للدولة المستضيفة لها وهي الإمارات، مشيرا إلى أن العربية لا تريد أن تواجه مصيرا مشابها لقناة العرب التي أوقفت البحرين بثها بعد ساعات من انطلاقها، بسبب ما قالت المنامة إنه مخالفة للأعراف الخليجية.
الطنطنة.. والشرشحة
وتعليقا على أداء الإعلام المصري، في تغطية زيارة السيسي، ومقارنتها بزيارة أردوغان، قال أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة الدكتور محمود خليل -في مقاله الثلاثاء بجريدة "الوطن" تحت عنوان: "الطنطنة والشرشحة"- إنه في لحظات الضعف تحنّ الأمم، كما يحنّ الأفراد، إلى أية لفتة أو موقف يدعمها نفسيا".
وأضاف: "هذا الأمر إنسانى للغاية، بل قل إنه سمة من سمات بنى آدم فى كل زمان ومكان، والمثل المصرى المعروف يقول: "الغرقان يتعلق بقشاية". أقول ذلك بمناسبة هذا الجانب الذى توقف أمامه الكثيرون فى مسألة استقبال العاهل السعودى، الملك سلمان بن عبدالعزيز، للرئيس عبدالفتاح السيسى أمس الأول".
وتابع: "لا خلاف على أن من حقنا أن نحتفي بأي شيء يضيف إلى رئيس البلاد، لأنه في النهاية يمثل مصر، لكن الاستغراق في هذا الجانب أمر، وإهمال القضايا المهمة التي تم تناولها على هامش زيارته للمملكة العربية السعودية أمر آخر".
وتابع: "عندما يأتى هؤلاء (يقصد الإعلاميين المؤيدين للسيسي) فى الختام ليرقصوا "عشرة بلدي" لأن محافظ جدة استقبل أردوغان الذي يسبّونه ليل نهار، في حين استقبل الملك رئيس دولتنا، فإن منظرهم يدعو إلى الرثاء، تماما مثلما تدعو وجوههم الممتقعة، عندما كانوا يستمعون إلى اعتذار السيسي عن بذاءاتهم!
واستطرد: "الاحتفاء بمثل هذه الأمور وارد، لكن الإفراط فيه يعبّر عن حالة من حالات الضعف والهزال. وحالة الضعف التي نعاني منها حاليا هي ما يجب أن يشغلنا، والجهد الواجب بذله في هذا السياق لا بد أن ينصرف إلى البناء، وليس إلى الشرشحة، أو الطنطنة"، على حد قوله.