تقول المحررة المشاركة ومحررة الشؤون الدولية في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية رولا خلف، إن
الشرق الأوسط سيشهد مع نهاية عام 2014 حربا جديدة ومختلفة، لن تسفك فيها دماء ولن تترك أرامل ويتامى، ولن تكون صراعا على الأراضي أو تؤدي لملايين من اللاجئين. مبينة أنها معركة لن تكون صراعا على الأيديولوجية والدين، ومع ذلك تعد المعركة القادمة صراعا على مستقبل الشرق الأوسط وموقعه في العالم.
وتشير الكاتبة هنا إلى الخلافات حول أسعار
النفط، المصدر الذي يعطي المنطقة أهميتها الاستراتيجية. فرغم وجود ما هو أهم من النفط في الاعتبارات الجيوسياسية في هذه المنطقة المضطربة، لكن لا شيء يعدل أهميته أي النفط.
وترى خلف أن الدولة التي تقود المعركة في المنطقة هي
السعودية، التي تعد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، وتتزعم منظمة أوبك منذ فترة، وتكافح من أجل موقعها كملكة للطاقة العالمية.
وتجد الصحيفة أنه من هنا فالمحافظة على هذا الموقع ليس مهما لاقتصاد المملكة، ولكن كونها مركز قوة في منطقة الخليج، وأهم حليف عربي للغرب.
وتذكر الكاتبة أنه بناء على ما تقدم فقد ثارت تساؤلات حول عدم استعداد أو قدرة السعودية لوقف معدلات انخفاض أسعار النفط، فهل تؤدي الرياض دورا في هذا لأنها تريد تدمير
اقتصاديات منافسيها في المنطقة، أي إيران. وهل تشارك الولايات المتحدة في مؤامرة لتكثيف الضغوط على روسيا؟
وتعتقد خلف أن أيا من الافتراضين لم يكن صحيحا كما ثبت لاحقا؛ لأن السعودية لم تتخل عن سياستها التقليدية التي تفصل بين استراتيجية إنتاج وتصدير النفط وبين سياستها الخارجية، حتى لو استمتعت بآثار تصرفاتها على الدول التي لا تتفق معها.
ويوضح التقرير أنه بالنسبة للرياض هناك أمر أهم على المحك، فمن خلال إظهار موقف صارم، كالذي أظهرته العام الماضي، فهي تعرض نفسها للخطر الناتج عن انخفاض أسعار النفط كمحاولة للحفاظ على حصتها النفطية في السوق العالمية التي تشهد طلبا قليلا وزيادة في التصدير بسبب انتعاش إنتاج النفط المنتج من الزيت الصخري.
وتلفت الكاتبة في هذا السياق إلى تصريحات وزير النفط السعودي علي النعيمي، الذي التزم الصمت لمدة طويلة بشكل أثار التساؤلات، والتي قال فيها إن السعودية ترفض خفض الإنتاج مثل بقية الدول غير الأعضاء في أوبك، وإن بلاده تحاول إثبات أن القدرة على النجاة هي للأفضل.
ويضيف النعيمي أن "الأفضل في هذه الحالة هو السعودية، التي تنتج النفط بكلفة قليلة ولديها أقل مستوى من الديون واحتياطي هائل من النقد الأجنبي، أكثر من 700 مليار. فالسعودية لا تدافع فقط عن حصتها من النفط، لكنها تحاول إظهار أن الدول الأكثر كفاءة في إنتاج النفط هي التي تستحق الحصة الأكبر"، كما نقلت عنه النشرة الإخبارية لـ"ميدل إيست أيكونومي سيرفي".
وتذهب الصحيفة إلى أنه رغم حل النعيمي للغز دوافع السعودية، إلا أنه ترك الباب مفتوحا أمام سلسلة من الألغاز، وهي التي تدفع أسعار النفط والتي ستحدد إن كانت حسابات السعودية صحيحة أم لا.
وينقل التقرير عن وليد خدوري، محرر "ميدل إيست إيكونومي سيرفي"، قوله إن النعيمي لديه أعصاب من الحديد، وهو مصمم على مواصلة تنفيذ أية استراتيجية يختارها، ومع ذلك فهو يتبنى "سياسة لا تقدم أجوبة كثيرة، وفيها تتحكم السعودية بإنتاجها النفطي ولا شيء آخر".
وتبين خلف أنه لا يعرف إن كان لدى السعودية سعر أدنى للنفط يدفعها كي تخفض من معدلات إنتاجها. وهناك سؤال يتعلق بمدى قدرة السعودية الحفاظ على الإجماع ضد خفض إنتاج النفط حتى بين حلفائها من الدول العربية في منظمة أوبك، وبعضها ليست لديه القدرة مثل السعودية لتحمل المصاعب المالية.
وتؤكد الصحيفة أن السؤال الأصعب هو من داخل المملكة، وتعبر عنه الميزانية التي أعلن عنها لعام 2015، وفيها زيادة طفيفة للإنفاق العام، وخفض واضح للعائدات، من أجل تبديد قلق المشككين من أن انخفاض فواتير النفط سيؤدي إلى بطء في النمو الاقتصادي.
ولا يزال النعيمي، الذي يعد الأقوى من التكنوقراط ممن هم ليسوا من أبناء العائلة المالكة، يتمتع بدعم وثقة الملك العجوز. ورغم التذمر في المجتمع الاقتصادي فالقرار الحيوي بشأن إنتاج النفط تم اتخاذه دون الحصول على دعم واسع من الأمراء الكبار، وفق الصحيفة.
وتختم الكاتبة بالقول إن المعركة مع النفط المنتج من الصخر الزيتي، الذي تتصدره الولايات المتحدة، بدأت وقد تكون طويلة الأمد، وستقوم بامتحان الإجماع المحلي الهش، وكم هي المدة التي ستتحملها قبل أن تغمس المملكة يدها في احتياطها من العملة الأجنبية الصعبة؟