قالت مجلة "إيكونوميست" البريطانية إن الدول العربية والإسلامية تقوم وبشكل متزايد بالسيطرة على المساجد، سواء من خلال مراقبة ما يجري فيه من نشاطات، عبر تركيب كاميرات للرقابة، أو فرض
خطبة جمعة على خطباء المساجد في أنحاء البلاد كلها، واقتراح موضوعات للمناقشة، فيما تقوم دول أخرى بمنع مناقشة الموضوعات السياسية، وتشجيع المصلين للشكوى على الإمام إن تجاوز الخطوط المسموحة له.
ويشير التقرير إلى أن
مصر قامت، منذ انقلاب تموز/ يوليو ،2013 الذي قامت فيه بالإطاحة بالحكومة المنتخبة للإخوان المسلمين، بإجراءات متعددة من منع الخطباء عن مناقشة السياسة، وفرضت على الخطباء أن يكون لديهم تصريح للخطابة، ومنعت صلاة الجمعة في المصليات الصغيرة، وحددت موضوعات للخطابة، وأقامت خطاً ساخناً لتشجيع المصلين على الشكوى في حال تجاوز الإمام الخطوط المسموح له بها.
وتضيف المجلة أن مصر طالبت الوعاظ والأئمة بالحصول على شهادات من المعاهد المعترف بها من الحكومة، وفصلت الدولة عدداً من الأئمة. وفي الوقت الذي أبقت فيه على عدد من المصليات التابعة للجماعة السلفية التي دعمت الانقلاب، إلا أنها أعلنت في أيلول/ سبتمبر عن خطط لاستعادة السيطرة عليها (حوالي 7.000
مسجد)؛ بسبب دعوة خطباء فيها إلى الامتناع عن شراء الصكوك الحكومية بفوائد.
ويلفت التقرير إلى خطط الحكومة
السعودية لنصب كاميرات في المساجد، التي تقول إنها من أجل منع السرقة وتنظيم استخدام الطاقة، ولكن لا يشك الكثير من السعوديين في أنها محاولة لمراقبة ما يجري في المساجد.
وترى المجلة أن لجوء الحكومة لهذه الخطوة جاء بعد قلقها من انتقادات الأئمة على تحمسها للحرب ضد الإخوان المسلمين، ودعمها لحملة القمع ضدهم في مصر، ولانتقادات عدد من الأئمة لها بسبب مشاركتها في التحالف الدولي ضد
تنظيم الدولة الإسلامية، فقد شجع صعود الأخير عدداً من السعوديين على القيام باستهداف الأجانب ومساجد الشيعة في شرق البلاد.
ويقارن التقرير منطق الدولة الحالي مع الطريقة التقليدية السابقة للسيطرة على المساجد، من خلال الترغيب والترهيب وإغداق المال والإكراميات على الأئمة، وحجبها في حال تجاوزهم الخطوط الحمراء، وعندما لا ينفع المال كانت تقوم بطردهم من العمل أو رميهم بالسجن.
وتجد المجلة أن الخطة السعودية لمراقبة المساجد تظل متأخرة ولينة، مقارنة مع دول مثل طاجكستان وأوزبكستان وكازاخستان، التي تستخدم وبشكل روتيني الكاميرات.
ويبين التقرير أن دولة الكويت قامت بتركيب مسجلات لمراقبة خطبة الجمعة. وفي الإمارات العربية المتحدة لا يحتاج الخطباء لإعداد خطب الجمعة، باستثناء عدد من الخطباء الموثوق بهم، فهم يقرأون خطبة معدة ترسلها وزارة الشؤون الدينية التي تدفع رواتبهم.
وتذكر المجلة أن الوزارة أرسلت إليهم خطباً في موضوعات مثل "حماية الشباب من الأفكار المدمرة، وعلمنا الوطني، رمز الولاء والانتماء".
وتشير المجلة إلى تركيا، التي تسيطر على الخطاب الديني ومنذ عقود، ومن خلال وزارة "ديانت" التي يعمل فيها 121.000 موظف، وبميزانية 2.3 مليار دولار. وعادت تونس لتشديد الرقابة في المساجد، بعد أن خففت منذ ثورة كانون الثاني (يناير) 2011. وذلك بعد دخول السلفيين المتشددين إليها.
وتتابع "إيكونوميست" أن المغرب، الذي يعد فيها الملك ممثلاً للدين والدولة، ويترأس دروساً في رمضان، قام بدعم برامج ورصد ميزانيات لتدريب الأئمة، وزاد عدد الطلاب الأجانب بشكل ملاحظ في السنوات الأخيرة. والهدف غير المعلن عنه هو مواجهة انتشار الفكر السلفي في مناطق مثل نيجيريا ومالي.
ويرى الكثيرون أن سياسات الدول للسيطرة على المساجد وفرض رؤية واحدة فيها مضللة، بل خطيرة، كما يقول عمرو عزت، الواعظ المصري. فستفقد المؤسسات الدينية الشرعية، مما سيدفع المواطنين العاديين لتبني الأفكار المتشددة، وفق التقرير.
وتخلص المجلة إلى أنه من خلال تأدية الدول دور الإمام، فهي تقوم بفرض الأخلاق؛ فالدولة في مصر قامت بحملة ضد الشذوذ من خلال حملات متعددة على الحمامات في القاهرة .