نشرت صحيفة الغارديان مقالا لمراسلها إيان بلاك حول أوضاع اللاجئين السوريين في الأردن، بدأه بالحديث عن برنامج خاص يبث على إذاعة البلد في عمان، حيث أول خبر في نشرة الظهيرة يتحدث عن الاتجار بالبشر وزواج القاصرات من اللاجئين السوريين في الأردن. والموضوع الذي يليه مقابلة مع رئيس بلدية الرمثا الحدودية، التي كان للحرب في
سوريا آثار مدمرة على اقتصادها، وفي آخر البرنامج يتصل أحد المستمعين بالإذاعة، ويشكو تسول السوريين في مدينة المفرق شمال الأردن.
ويقول الكاتب إن هذه التشكيلة أصبحت معهودة في برنامج "سوريون بيننا"، وهو برنامج مصمم لمساعدة هذا البلد العربي الصغير لاستيعاب الضغط الذي تسببت فيه الأزمة في بلد جار أكبر منه.
ويشير بلاك إلى أن الإذاعة، وهي إذاعة شعبية، تقوم بتغطية أخبار اللاجئين، وفي الوقت نفسه تعمل على محاربة العدائية ضد السوريين الذين هربوا إلى الأردن منذ أن بدأت الثورة ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد في 2011.
ويرى بلاك أن وجود البرنامج نفسه أمر جيد، حيث يقوم مراسل البرنامج حزم المازوني، وهو ناشط يدعو للديمقراطية من حماة، بإعداد التقارير عن أبناء بلده في
مخيمات اللجوء، بينما تطبق السلطات الأردنية سياسات أكثر شدة. ويوجه اهتمامه الآن لآلاف اللاجئين العالقين في المناطق الحدودية بين الأردن وسوريا، حيث يواجهون الأفاعي والعقارب والمستقبل المجهول.
وتنقل الصحيفة عن المازوني قوله: "يضطرون للعيش على 200 مل من الماء في اليوم .. وقد مات منهم ثمانية في الشهرين الماضيين، أحدهم كان طفلا في السابعة من عمره".
ويورد التقرير قول الصحافية الأردنية ضحى برقاوي: "يفاجأ الناس هنا بالسماع عن الظروف الصعبة التي يعيشها
اللاجئون السوريون.. نسمع الكثير عن العنف ضد النساء والأطفال ومشاكل في المدارس".
ويفيد التقرير أنه بحسب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين فإن هناك 640 ألف لاجئ سوري في الأردن، مع أن الحكومة تقول إن هناك ضعف هذا العدد، والتكلفة غالية لبلد صغير يعاني من نقص المياه وتكاليف الطاقة، ويعاني من أكبر نسبة بطالة بين الشباب في العالم العربي. ويداوم الطلاب فيه فترتين؛ وذلك لاستيعاب الأطفال السوريين. كما أن نظام الرعاية الصحية لا يستطيع تحمل العبء.
ويبين بلاك أن لدى السوريين، الذين يتمتع عدد كبير منهم بمهارات عالية، الاستعداد للعمل بأجور أقل من تلك التي يطلبها الأردنيون، بل أقل من العمال المصريين. وارتفعت الإيجارات والأسعار بشكل كبير. ولا تسمع سوى الشكاوى والضنك والغضب في كل مكان. يقول فلسطيني من الطبقة المتوسطة: "من وصلنا هم فقراء المجتمع السوري .. ويقول المثل العربي إن الضيافة مدتها ثلاثة أيام، ولكن هذا الوضع قد يستمر لسنوات".
وتذهب الصحيفة إلى أن السوريين هم الموجة الكبيرة الثالثة من اللاجئين، الذين يصلون للأردن منذ استقلاله عام 1946. ففي أولها أتى الفلسطينيون عام 1948 عند قيام إسرائيل، ومرة أخرى عام 1967 بعد الحرب، ووصل إليها العراقيون عام 1991، ومرة أخرى عام 2003.
ويذكر التقرير أن الثورة ضد الأسد فتحت بابا واسعا آخر لتدفق اللاجئين، وكما يقول دبلوماسي مقيم في عمان إن مشكلتها تكمن في أن اللاجئين بشكل عام يبقون فيها.
ويلفت الكاتب إلى أنه قد أشيد كثيرا بالأردن وجهوده، ووصلته مبالغ كبيرة للقيام بواجبه تجاه اللاجئين، ولكن من الواضح أن صبره بدأ ينفد. ولبنان الذي استوعب 1.2 مليون لاجئ أعلن هذا الشهر أنه لا يستطيع استيعاب المزيد، ولن يقبل إلا الحالات الاستثنائية. أما الحكومة الأردنية فتصر على أن حدودها مفتوحة، ولكن تغيرا واضحا حصل الأسبوع الماضي. فبحسب إحصائيات مفوضية اللاجئين دخل الأردن 6000 لاجئ في شهر أيلول/ سبتمبر، بينما لم يدخل في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سوى 250 لاجئا، وبحسب أحد المسؤولين فإن "الأعداد تضاءلت من أعداد قليلة إلى الصفر تقريبا".
ويجد التقرير أن المخاوف الأمنية هي السبب، ففي العامين الأولين كان معظم السوريين القادمين إلى الأردن من وسط وجنوب سوريا، وخاصة منطقة درعا، ولكن في الأشهر الأخيرة تم إغلاق المعبرين الغربيين، وبدأ القادمون يأتون من المناطق الشمالية والشرقية من سوريا، وهي مناطق حلب والحسكة ودير الزور، التي تقع بشكل جزئي أو كامل تحت سيطرة تنظيم الدولة.
وينقل التقرير عن أندرو هاربر، مدير مكتب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في عمان، قوله: "المخاوف الأمنية طغت على الحجج الإنسانية القوية"، مضيفا أنه من المفارقات أن لدى المفوضية أماكن للاجئين في مخيم جديد بالقرب من الأزرق، بعد أن اكتظ مخيم الزعتري.
ويؤكد التقرير أن المسؤولين الأردنيين يغضبون من أي انتقادات، ويحتجون بأن الاتحاد الأوروبي ليس مؤهلا لأن يقدم المواعظ حول اللاجئين والسياسات تجاههم، فهم من أوقفوا الدعم لعملية مير نوسترم لإنقاذ اللاجئين من الغرق في المتوسط. ويقول محمد المومني المتحدث باسم الحكومة "هل علينا إثبات قدرتنا؟ .. نحن عملنا أكثر من أي بلد في العالم (لمساعدة اللاجئين)".
وتكشف الصحيفة عن وجود إشاعات مفادها أن السلطات الأردنية تتعاون مع الجيش السوري الحر؛ لإبقاء اللاجئين بعيدا عن حدود الأردن، ويقول المسؤولون في عمان إن المساعدات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة للسوريين في سوريا دون موافقة الحكومة السورية خففت كثيرا من الضغط. كما أن هناك أدلة تشير على جهود للسلطات الأردنية لإجبار السوريين على الانتقال من السكن المستأجر إلى مخيمات اللجوء، وتقوم بترحيل من يرفض.
وقالت هيومان رايتس ووتش في تشرين الثاني/ نوفمبر إن السلطات الأردنية رحلت لاجئين سوريين معرضين للقمع إلى سوريا، خارقة بذلك التزاماتها الدولية. كما كانت هناك تقارير الأسبوع الماضي بمنع تقديم الخدمات الطبية للاجئين، ولا بد للقضية أن تبحث بين الملك عبدالله الثاني وأوباما هذا الأسبوع، بحسب التقرير.
ويختم بلاك بالإشارة إلى قول مدير مكتب المفوضية هاربر: "إن الأردن عمل أكثر مما يمكن لأي شخص أن يتوقعه من بلد صغير.. وقد قام بعمل كبير، ولكن هناك محدودية لطاقته. وأن كنا نعاني في عام 2014 فأين سنكون في 2015 و 2016 وبعد ذلك؟ فلا أحد لديه فكرة كم سيدوم هذا الصراع".