شرع أقدم حزب سياسي معارض بالجزائر في أداء دور "الوساطة" بين السلطة والمعارضة، عبر إطلاقه مبادرة سياسية بعنوان "الإجماع الوطني"، وبدأ بحشد التأييد لمبادرته عبر إطلاقه مشاورات "الإقناع" مع كافة التشكيلات السياسية.
المبادرة أطلقها حزب "جبهة القوى الاشتراكية" اليسارية، وهو ألد أعداء السلطة بالجزائر منذ تأسيسه في العام 1963، أي بعد إستقلال البلاد عن فرنسا بسنة واحدة.
وبدأت قيادة الحزب، مشاورات مع الأحزاب السياسية، سواء المنتمية للموالاة أو المعارضة، وسط تساؤلات الطبقة السياسية، إزاء الدور الجديد الذي بات يؤديه حزب كان إلى وقت قريب "يكفر" بكل شيء يأتي من السلطة.
ويرى مراقبون أن الدور الجديد، الذي بات يلعبه الحزب الذي يعرف إختصارا بالجزائر "
الأفافاس"، ينم عن تحضيره "للمشاركة بالحكومة"، بعدما دأب النظام على عرض حقائب وزارية على قياداته، لكنهم كانوا في كل مرة يرفضون توليها.
لكن قراءة أخرى أعطيت لمبادرة "الأفافاس"، وهي أن "النظام عقد صفقة مع "جبهة القوى الإشتراكية"، من أجل تقزيم إئتلاف المعارضة، ضمن "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" المتكونة من خمسة أحزاب، والتي طرحت منذ شهر يوليو/ تموز الماضي مبادرة "الانتقال الديمقراطي"، عن طريق تغيير النظام دون إشراك هذا الأخير في التغيير.
وعكس ذلك، تدعو"جبهة القوى الاشتراكية" التي كان يتزعهما، حسين أيت أحمد، المقيم بسويسرا إلى "تغيير النظام بإشراك النظام نفسه".
وحسين أيت احمد هو الأب الروحي لـ"جبهة القوى الاشتراكية" وكان من بين المجموعة التي فجرت ثورة أول نوفمبر 1954.
لكن أيت احمد (93عاما) انسحب من الحزب، مارس/ آذار العام 2013، لأسباب مرضية.
وقال الناشط السياسي والإطار السابق بـ"الأفافاس"، محند فراد، لـ"عربي21"، "أستغرب الدور الذي بات يلعبه أعرق حزب معرض بالجزائر، حيث كان على قيادته الانضمام إلى تنسيقية الانتقال الديمقراطي، لا أن يقود مبادرة وساطة بين السلطة والمعارضة".
وكان فراد استقال من "الأفافاس" العام 2004، بعد خلاف مع قيادته حول الخط السياسي للحزب.
وشدد فراد على أن الحزب الذي كان ينتمي إليه، "اضمحل بعد انسحاب زعيمه أيت احمد من المشهد السياسي، والآن، أرى أن القيادة الحالية صارت تغازل السلطة أكثر".
لكن امحند شريفي، عضو قيادة الحزب
الجزائري، لا يعتبر أن هناك سند للانتقادات التي يواجهها الحزب بسبب تقاربه مع السلطة، وقال في حديثه لـ"عربي21"، "نريد أن نشرك جميع الأحزاب بمن فيها الموالاة والمعارضة على طاولة واحدة تحضيرا لندوة الإجماع الوطني التي سوف نعقدها قبل نهاية العام الجاري".
وأضاف شريفي، الذي يشتغل خبيرا بهيئة الأمم المتحدة بنيويورك، "أعمل منذ 20 سنة بهيئة الأمم الأمم المتحدة وكنت مبعوثا للعديد من مناطق النزاع، وكونت فكرة بشأن كيف يمكن أن نخرج من الأزمة". وتابع "لا نريد أن يحدث لنا كما يحدث بسوريا أو ما حدث بمصر أو ليبيا".
والتقت قيادة الحزب، ضمن مشاورات التحضير لندوة "الإجماع الوطني" بقيادة الحزب الحاكم بالجزائر"جبهة التحرير الوطني"، الأربعاء 22 تشرين الأول / أكتوبر.
وقال عمار سعداني، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني "سننظر في المبادر التي تفضل بها إخوتنا في جبهة القوى الإشتراكية وسنرد عليها في أقرب الآجال".
بالمقابل، انتقد سعداني قيادة "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" التي تدعو إلى التغيير دون إشراك النظام، وشدد: "ندين كل من ينشط خارج الأطر السياسية وسنقف بالمرصاد لكل من يريد زعزعة استقرار البلاد".
كما التقت قيادة حزب "الأفافاس" مع قيادة "حركة
مجتمع السلم"، المعارضة، والمنتمية لتنسيقية الحريات والإنتقال الديمقراطي، الخميس 23 تشرين الأول / أكتوبر.
وقال عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم" لـ"عربي21"، بعد اللقاء "إن مبادرة الأفافاس لم تأت بأي شيء جديد".