أثارت حادثة إغلاق منطقة أثرية في محافظة
عجلون شمال الأردن، وانهماك آليات عسكرية بأعمال حفر فيها دامت قرابة 24 ساعة، زوبعة من ردود كبيرة بين المواطنين وباتت شغل مجالسهم الشاغل خلال الثلاثة أيام الأخيرة.
وأدى تخبط التصريحات الحكومية إلى مزيد من التشكيك بين المواطنين الذين ذهبت شريحة كبيرة منهم إلى اتهام السلطات بسرقة
كنوز ثمينة قالوا إنه يفترض أن تكون ملكا للشعب.
وراجت في مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات تربط بين الحادثة واستشراء الفساد في بلد يعاني ضائقة اقتصادية ويعيش مواطنوه أحوالا معيشية صعبة، إذ تساءل مواطنون عن مصير الكنوز والدفائن المستخرجة؟ ولمن ستعود ملكيتها؟ وبأي حق يتم التستر على أموال عامة؟ فيما تبادل آخرون صورا قالوا إنها لعمليات نقل
الذهب وبعض ما عثر عليه من الكنوز، بحسب تأكيدهم.
تفاصيل الحادثة
أكد مواطنون قابلتهم صحيفة "عربي 21"، أنه وفي تمام الساعة الرابعة من عصر الخميس أغلقت سيارات من قوات الأمن (الشرطة) طريق إربد عجلون تحديدا الشارع المحاذي لجامعة عجلون الوطنية حتى صباح الجمعة.
وأضاف شهود عيان أن شاحنات وآليات حفر وأشخاص غرباء (أجانب) يعتقد أنهم خبراء تمركزوا في منطقة كان يجري فيها الحفر بعناية تامة، حيث التقط بعض الشهود صورا قالوا إنها صناديق وتماثيل أثرية تم استخراجها من باطن الأرض بكميات كبيرة ومنع الشهود كما أكدوا من الاقتراب من الموقع الذي تم الحفر فيه والذي شهد تواجدا أمنيا كثيفا، حتى أن صاحب الأرض لم يسمح له بالدخول إلى أرضه لرؤية ما يحصل.
وتوافد عدد من المواطنين إلى مكان الحفر فور مغادرة الآليات وقوات الأمن من الموقع ، حيث شاهدوا بقايا معدات يعتقد أنها قد استخدمت للحفر، فضلا عن ترقيم للشارع الرئيسي بأرقام 70، 90، 100، 110، يعتقد أنها أرقام لإحداثيات تحديد مكان الكهف بشكل دقيق، وطمر لما يعتقد أنه مدخل لكهف تم
استخراج الدفائن والكنوز من داخله وإخفاء المعالم في مكان الحفر بدقة إلا أن بعض الشواهد على حفرها ما زالت ماثلة حتى اللحظة.
الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي
وقد بدأت الأحاديث والروايات المتعددة تنتشر بسرعة حول استخراج جهات حكومية لكميات كبرى من الذهب في منطقة الحفر، وأخذت الشائعات تنتشر حول الجهة التي استخرجتها والكمية التي تم استخراجها ، وتخمين مقدار هذه الكنوز التي أكد بعض المواطنين أنها بالمليارات من الدنانير.
ومن التعليقات التي برزت في صفحات التواصل الاجتماعي ، "أين ذهب الذهب؟" وآلاف التعليقات تحت هاشتاغ "#أين-ذهب-ذهب-عجلون" على موقعي التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" و"تويتر".
كما توافدت وسائل الإعلام إلى موقع الحفر والتقط صورا وأخذت إفادات من شهود عيان خلصت جميعها إلى أن جهة رسمية غير معلومة قدمت إلى المكان واستخرجت كنوزا وبكميات كبيرة.
تخبط في التصريحات الرسمية
من جهته صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الإعلام الدكتور محمد المومني بأن إغلاق طريق إربد عجلون جاء نتيجة انهيارات أرضية، وهي رواية رفضها أهالي المنطقة رفضا قاطعا وتناولها مواطنون على سبيل السخرية والاستهزاء، مشيرين إلى أن المنطقة تخلو من أي انهيارات.
وتساءلوا، ما علاقة الأمن والدرك بموضوع إصلاح انهيارات أرضية، وإغلاق الطرق لساعات طويلة، ويستدل مواطنون في دحض رواية الناطق الرسمي بأن المنطقة لم يتغير فيها شيء سوى أن الشارع مرقم، لافتين إلى أن مكان الحفر بعيد عن الشارع.
أما محافظ عجلون عبد الله السعايدة فقد صرح بأن إغلاق الطريق قد تم لأمر يتعلق بالقوات المسلحة، وليس للأجهزة الإدارية أي علاقة به، وهو تصريح مختلف تماما عما أكده الناطق الرسمي، الأمر الذي دعا أحد نواب محافظة عجلون وهو النائب علي بني عطا إلى جمع أهالي المحافظة الفقيرة والمهشمة للاحتجاج على ما وصفه بالتستر على استخراج كميات كبيرة من الذهب .
خبير فرنسي أشار للموقع على أنه للإسكندر المقدوني
هذا وتداول مواطنون فيديو يؤكد فيه خبير فرنسي من أصل جزائري خلال مؤتمر بباريس عقد عام 2013 بأن الكهف الذي جرى فيه الحفر يحتوي على كنوز ودفائن وأموال طائلة تعود ملكيتها للإسكندر المقدوني.
وأشار الخبير إلى أن المنطقة المحددة تحتوي على كميات هائلة من الذهب وتماثيل ذهبية، وأحواض من الذهب مرصعة بالياقوت وتوابيت كل من الإسكندر وكيلوباترا وبطليموس ومارك أنطونيوس، في كهف ذات ممرات ودهاليز متعددة تمتد عشرات الأمتار إضافة لصالتين كبيرتين مكدسة بالذهب في إحداها يوجد تابوت الإسكندر و 18 تابوتا آخر لعلية القوم، بحسب تأكيده.
لجنة نيابية
من جهته قال النائب خليل عطية لـ"عربي 21" إنه سيدعو لتشكيل لجنة نيابية تمتلك كافة الصلاحيات للوصول إلى الحقيقة في ظل تناقض التصريحات الحكومية .
وأضاف النائب بأن اللجنة سيكون لها صلاحيات كاملة في الذهاب للموقع والتأكد مما حصل هناك، والبحث عن الجهة التي قامت باستخراج تلك الكنوز والدفائن الأثرية.
وصرح مقرر لجنة النزاهة والشفافية وتقصي الحقائق النيابية النائب معتز أبو رمان في وقت سابق لـ "عربي21" بأن اللجنة ستطلب لقاء فوريا مع وزير السياحة والآثار نضال القطامين، للوقوف على حقيقة اكتشاف دفائن وكنوز ثمينة في محافظة عجلون، وبيان جميع التفاصيل والآلية التي تمّ التحفظ بها عن هذه الآثار الثمينة وصونها والإجراءات التي ستتبعها الوزارة بذلك الشأن والتأكد من صحة الأنباء التي تواردت عن أخبار محلية وخارجية تفيد بوجود ذهب وتماثيل ثمينة في المنطقة المعنية، مشيرا إلى أنه سيوجه سؤالاً نيابياً رسمياً لرئيس الوزراء بهذا الشأن.
وتشير المادة 21/أ من القانون الأردني، بما يتعلق بالدفائن والآثار جاء فيها: "تُعتبر مُلكاً للدولة جميع الآثار التي يتم
العثور عليها أثناء أي أعمال تقوم بها جهة أو شخص في المملكة".
أزمة ثقة بين السلطة والشعب
وبصرف النظر عن حقيقة ما جرى بالفعل، فقد أظهرت الحادثة مقدار أزمة الثقة بين السلطة والشعب، في بلد تقول المعارضة إنه بحاجة إلى إصلاح ديموقراطي يحد من التعدي على المال العام.