ما حدث أمس لحركة
أحرار الشام، يشكل لغزاً قد لا يصعب فهمه، وإن كثرت تأويلاته، وتعددت رواياته، ما يزيد على عشرين قيادياً في الحركة، يشكلون جبة اغتيال دفعة واحدة، ويأتي الاغتيال في مرحلة التأهب لمحاربة "
داعش" من خلال حلف دولي يتكون على مهل، يضخم داعش حد الخيال، ويتوقع لحربها سنوات طوال.
حادث الاغتيال القيادي الجماعي يثير تساؤلات، فهل فعلاً نحن الآن أمام تصفية للمجاهدين على الساحة السورية، بعد أن تم تجميعهم في هذه المنطقة من مناطق شتى، وقد أصبحوا الآن وبعد سنوات من تحشيدهم، في منطقة جغرافية محدودة، وأماكن معروفة، ومنطقة تسرح فيها العيون وتمرح، وتحل إليها عناصر وترحل، وترصد فيها كامرات كل ساكن ومتحرك؟!
هل فعلاً استخدمت الساحة السورية كطعم مغري، لكل الجهاديين في العالم، حيث أصبح الجهاد في سوريا قبلة
المجاهدين والاستشاهديين، من كل أنحاء العالم، فهل صمت العالم على جرائم الأسد، وسكت على انتهاكاته الصارخة، لغاية كان يرجوها، وقد تحققت له الآن، خاصة أن الحشد الدولي الذي ينعقد الآن، لا ينسجم مع قدرات " داعش" وقوتها، التي صنعت فيما أظن على عجل، بل إن هذه الحشود توحي بحرب لغزو الفضاء، وليس لغزو " داعش"... فهل هو تحالف للقضاء على كل الجهاديين، والوصول إلى صيغة جديدة، للحكم في المنطقة كلها.
أغلب الظن أننا سنكون أمام سلسلة متواصلة الحلقات، كل حلقة منها تحمل لنا إجابات عن التساؤلات السابقة، وأن الغرب قد وصل إلى غايته في تجميع المجاهدين في منطقة واحدة تمهيداً لتصفيتهم والتخلص منهم تماماً، وأنه أوجد الفزاعة التي أفزعت العالم المحتشد اليوم من الإسلام، وقدمت صورة قاتمة عنه، والتي سيعمل على استخدامها كي يعيد احتلال المنطقة وتقسيمها من جديد، خاصة بعد أن ثبت بالفعل لا بالقول أن الأمة قد تنهض من جديد، خاص بعد أن ذاقت طعم الحرية، وحققت ولو لفترة من الزمن شيئاً من ربيعها، وأن عملاءها من الأنظمة لا تقوى على الصمود طويلاً أمام إرادة الشعوب الحرة.
قد نتهم أننا أسرى نظرية
المؤامرة، وبالرغم من ذلك أعطوني زماناً خلا من المؤامرات، غير أني لن أتخذها مبرراً ومسوغاً لكل ما نحن فيه.. نحن الآن أمام واقع يريدون رسم معالمه من جديد.. فهل سينجحون؟!