تفاصيل رفض حقوقي مغربي وسام الدولة الفرنسية بسبب موقفها المناصر لإسرائيل
الموقف الغربي من العدوان على غزة نتيجة لتشرذم الموقف العربي الرسمي
دعم فرنسا لإسرائيل خيانة لمبادئ حقوق الإنسان وتناقض مع مبادئ الحرية والعدالة
يكشف الناشط الحقوقي
المغربي عبد العزيز النويضي، في هذا الحوار مع "عربي21" عن تفاصيل رفضه تسلم وسام الدولة الفرنسية "جوقة الشرف الفرنسي" بعد أن وقع الاختيار عليه من طرف
فرنسا، مرجعا السبب الرئيسي في ذلك الرفض للموقف الفرنسي الرسمي من العدوان الإسرائيلي على غزة وأيضاً بسبب منعه المواطنين بفرنسا التضامن مع المعتدى عليهم.
الرئيس المؤسس والسابق لجمعية عدالة لحقوق الإنسان، قال لـ"عربي21" إن الموقف الفرنسي والغربي عموما الداعم لإسرائيل ضد غزة وفلسطين يجد تفسيره في تشرذم الموقف العربي الرسمي اتجاه فلسطين وتراجعه، وزاد النويضي ماذا ننتظر من الغرب ودول عربية منها نصر تريد القضاء على فلسطين من خلا اعتقادها القصاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس.
الأستاذ الجامعي والمناضل الحقوقي يتناول في هذه المقابلة شروطه للتراجع عن الاعتذار وقبول وسام "جوقة الشرف الفرنسي" وأيضاً عما يراه مبادرات كان على الدولة الفرنسية اتخاذها بالنظر لتاريخها ولمبادئ ثورتها ولتعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وفيما يلي نص المقابلة:
*اعتذرتم في الرسالة التي وجهتموها للسفير الفرنسي بالرباط عن تسلم وسام "جوقة الشرف الفرنسي" على الرغم مما لهذا الوسام من قيمة وبريق ومغريات، ما هي أسباب الاعتذار؟
رفضت تسلم وسام "جوقة الشرف الفرنسي" بسبب موقف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند المتضامن مع إسرائيل على خلفية عدوانها الغاشم على غزة، في تناقض صارخ بين ما وقعت عليه فرنسا من مواثيق ومعاهدات دولية والتي تلزم كلها فرنسا بالترافع من أجل محاكمة المسؤولين الإسرائيليين كمجرمي حرب وأن تسعى لإحالتهم على الجنائية الدولية. وقد شكلت الرئاسية الفرنسية بهذا الوقف المشين خيانة لمبادئ حقوق الإنسان وخروجا عن المألوف وعن المواقف التاريخية المعروفة للرؤساء الفرنسيين خاصة الدوكوليين اتجاه التطورات الجارية بالشرق الأوسط، والتي كانت على الدوام مناصرة للقانون الدولي والحقوق العربية.
*كيف تلقيت قرارات الدولة الفرنسية بمنع الموطنين من التضامن مع قطاع غزة؟
هذه أيضاً من النقاط المستفزة من طرف السلطات الفرنسية، فكيف يسمح فرانسوا هولاند لنفسه بأن يتضامن مع المعتدين ويمنع الناس من التضامن مع الضحايا، وهو ما عمق من انحياز الرئيس الفرنسي للمحتل الإسرائيلي، وعزز صوابية موقف الاعتذار الذي عبرت عنه للدولة الفرنسية من خلال سفيرها بالرباط.
*ما قرأتكم لهذه الخطوات الفرنسية بالنظر إلى المبادئ التي قامت عليها الثورة الفرنسية وفي مقدمتها مبدئي الحرية والعدالة؟
طبعا هناك تناقض صارخ بين تلك المبادئ المتغنى بها والواقع الرسمي الذي يعبر عنه اليوم الرئيس فرانسوا هولاند بمواقفه تلك المناصرة للمحتل وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني الأعزل بقطاع غزة، فكيف يعقل أن يتم اختياري لتسلم وسام بسبب انتضال الحقوقي المؤطر بمبادئ حقوق الإنسان وأن يتم في ذات لوقت خرق هذه الأسس القانونية، ففرنسا تقوم اليوم عمليا بدعم أكبر الانتهاكات الحقوقية التي تتم في القرن الواحد والعشرين وقد انطلقت منذ القرن العشرين، فهل هناك ظلم اليوم أكبر مما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي في حق أبناء الشعب الفلسطيني؟، بل إن جرائم التقتيل والانتهاكات نتابعها اليوم على الهواء مباشرة.
*كيف تلقيت تصويت مجلس الأمن الأربعاء على قرار يقضي بفتح تحقيق في الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، خاصة طبيعة الدول الممتنعة عن التصويت والموقف الأمريكي الذي صوت ضد القرار؟
يلاحظ أن الموقف الفرنسي لا يخرج عن تراجع واضح على هذا المستوى من طرف العديد من الدول الغربية عموما والأوروبية بالأساس ومنها ألمانيا، فقد تابعنا كيف امتنعت 17 دولة عن التصويت لصالح قرار التحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، بل إن حتى بعض الدول الإفريقية مثل الغابون صوتت بالامتناع بمعنى أن حتى القلاع التقليدية بدأ ينال منها التشرذم والتمزق العربي الرسمي الحاصل اتجاه القضية الفلسطينية، أما الولايات المتحدة الأمريكية فعبرت عن موقفها المعروف دعما لإسرائيل بالتصويت رفضا على القرار.
*ماذا كنت تنتظر من الدولة الفرنسية، أو بماذا تطالبها بالأحرى اتجاه ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي بالأراضي الفلسطينية؟
كان عليها على الأقل أن تطالب بوقف العدوان فورا على غزة، لكن يبدوا أن التحليل السياسي يفيد أن العرب لم يعد لهم وزن في العلاقات الدولية، فلوا كنا أمام أنظمة عربية موحدة أو تعبر عن مواقف قوية تستند للمواقف التاريخية والثابتة لما كان الوضع كما هو عليه، لكن الغرب لاحظ ما يعرفه الموقف العربي الرسمي من تشرذم وتشتت، بل إن هناك من الأنظمة العربية من يريد تصفية حماس.
*من تقصد بتلك الأنظمة العربية؟
أقصد
مصر أساسا فهي اليوم تسعى لتصفية القضية الفلسطينية من حيث تعتقد أنها تصفي حركة حماس.
* هل تعلم القيمة المعنوية والمادية للوسام الفرنسي الذي رفضته؟
لم أبحث في ذلك، لكن أصدقاء لي أكدوا أنه يعطي موقعا مهما في السياسة الفرنسية وفي العلاقات الدبلوماسية، وأيضاً بروتكوليا في المناسبات والاحتفالات وغيرها.
*ما شروطك للتراجع وقبول وسام "جوقة الشرف الفرنسي"، أو هل تقبله إذا عدلت فرنسا من مواقفها؟
ما يجعلني أقبل الوسام من الصعب على فرنسا تحقيقه، ومنه أن تتراجع رسميا عن موقفها تلك وتقدم اعتذارا ويعبرون عن موقف آخر مناصر لأهل الحق المعتدى عليهم ويدين الظلمة والمعتدين.