أدى وفد أمني سياسي برلماني رفيع المستوى
زيارتي عمل إلى الجزائر وتونس أجرى خلالها محادثات وزيارات شملت وزيري الخارجية
ورئيسي البرلمان في البلدين ومؤسسات ثقافية وفكرية بينها مؤسسة "بيت الحكمة"،
المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون، في قرطاج التونسية.
الإعلامي والأكاديمي التونسي كمال بن يونس
التقى إبراهيم عزيزي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان
الإيراني وحاوره حول محادثاته والوفد
المرافق له في الجزائر وتونس، مباشرة بعد اتفاق الهدنة بين لبنان وسلطات الاحتلال
لمدة شهرين وسط أنباء عن قرب إبرام وقف إطلاق النار في قطاع غزة واستعدادات
لمتغيرات كثيرة في المنطقة وفي العالم قبل استلام الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب مهامه مجددا في البيت الأبيض.
وفيما يلي نص
الحوار:
س ـ السيد إبراهيم عزيزي ما هي الرسالة وراء
زيارتكم على رأس وفد أمني برلماني سياسي رفيع للجزائر وتونس مباشرة بعد إبرام
اتفاق بين المقاومة الوطنية الإسلامية في لبنان مع سلطات تل أبيب برعاية دولية، في
وقت يتواصل فيه العدوان على الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة؟
ـ من بين أهداف جلسات
العمل التي عقدناها مع
مسؤولين مثقفين وبرلمانيين ورئيسي البرلمان من تونس
والجزائر ووزراء بينهم وزيرا الخارجية في تونس والجزائر، تأكيد دعم الدول
الإسلامية حكومات وشعوبا ونخبا للمقاومة الوطنية الفلسطينية وللدول والقوى في كامل
المنطقة والعالم التي تقوم بواجب إسنادها في كفاحها من أجل تحرير كل الأراضي
المحتلة والمقدسات وعلى رأسها مدينة القدس
المحتلة.
ونحن نعتبر في إيران منذ انتصار الثورة
الإسلامية الشعبية قبل أكثر من 45 عاما أن نصرة المجاهدين ضد الاحتلال وقوى
الاستكبار العالمي واجب شرعي إسلامي عقائدي وفكري وسياسي وطني.
مرجعياتنا الفكرية واضحة.. أن الإسلام
جاء لنشر السلام ورفض الاحتلال والظلم والهيمنة والسياسات الاستعمارية
والامبريالية.. وخلافنا مع سلطات الاحتلال التي تغتصب فلسطين ومناطق عديدة وتسعى
لتوسيع هيمنتها ليس مجرد خلاف سياسي ظرفي بحكم أبعاده الفكرية والفلسفية
والعقائدية والسياسية الشعبية والرسمية.
وقد سمعنا خلال جلسات العمل التي عقدناها في
الجزائر وتونس مواقف رسمية وشعبية مشرفة من المقاومة الوطنية ومن رفض كل
سياسات
الاحتلال وحلفائه وكل مشاريع "التطبيع" واعتبارها "خيانة وطنية و
جريمة".
جئنا إلى شمال أفريقيا لتأكيد دعمنا الجماعي
لفلسطين وللمقاومة الوطنية للاحتلال ولقوى الاستكبار العالمي التي تدعمه، وعلى
رأسها السلطات الأمريكية التي كانت وما تزال أول داعم للمحتل عسكريا وإعلاميا
وديبلوماسيا وبالفيتو على مشاريع قرارات وقف إطلاق النار وإرساء السلام التي تصوت
لفائدتها غالبية دول العالم الأعضاء في الأمم المتحدة.
وسجلنا بارتياح تطور الوعي بالأبعاد
الثقافية والعقائدية والسياسية والجيو استراتيجية للصراع مع الاحتلال في فلسطين
ولبنان. كما سجلنا تزايد المساندة لعدالة قضايا المقاومة الوطنية في فلسطين
والمنطقة منذ انفجار "طوفان الأقصى" داخل الأوساط الشعبية والرسمية وفي
صفوف المثقفين والنخب في دول المنطقة وعالميا.
وأجرينا حوارات حول هذه المسائل في تونس
والجزائر بمشاركة زملائي في الوفد ضمّ بالخصوص السيدين محمد رضا محسني ثاني وبهنام
سعيدي عضوي البرلمان الإيراني، والسيد علي قمشي رئيس دائرة غرب آسيا وشمال أفريقيا
بوزارة الخارجية الإيرانية.
فلسطين ولبنان إلى الخليج
س ـ بعض المراقبين
في العالم أجمع يتساءلون عن خلفيات مواقف إيران المساندة لحركة المقاومة الإسلامية
حماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وحلفائهما في لبنان والعراق وسوريا واليمن. ويتساءل كثيرون بعد إعادة
انتخاب دونالد ترامب رئيسا وغالبية من الجمهوريين لعضوية الكونغرس إن لم يكن من
مصلحتكم ومصالح الدول الغربية والعربية والمقاومة استبدال الصراع والمواجهات
المسلحة بالحوار الثقافي والحضاري والإعلامي بهدف وضع حد لمسلسلات الحروب
والنزاعات المسلحة الدامية مع تسوية "الخلافات حول الملف النووي" بالطرق
الديبلوماسية؟
ـ مرجعياتنا
الفكرية والعقائدية والثقافية الإسلامية تؤكد على السلام والمحبة ونحن مع كل من
يدفع نحو السلام قولا وفعلا.. ونشجع الحوار الثقافي والفكري والسياسي.. لكن خلافاتنا مع سلطات
الاحتلال ومع حلفائه المتطرفين الداعمين لمسلسل قتل الأبرياء في فلسطين ولبنان وفي
كل مكان تفرض علينا واجب دعم المقاومة ورفض السياسات الاستعمارية المكشوفة
والمقنعة...
ومنذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران قبل
45 عاما قرر الشعب وقيادة الثورة غلق سفارة الاحتلال وتسليمها للقيادة الفلسطينية..
ونحن ماضون في هذا الخيار ولن نخذل أبدا الشعبين الفلسطيني واللبناني ومقاومتهما
الباسلة..
وبالنسبة لنا ليس لدينا أوهام.. ونعلم أن
الخلافات بين "الجمهوريين" و"الديمقراطيين" وبين فريقي بايدن
ودونالد ترامب ثانوية جدا.. وخلافاتنا معهم جميعا فكرية ثقافية عقائدية نحن ندافع
عن قيم الإسلام وعن الاعتدال وهم يريدون دعم "معسكر الاستكبار" والهيمنة
والاحتلال..
الأهم بالنسبة إلينا هي السياسات والخطوات
العملية لإنهاء الاحتلال والبدء فورا بإيقاف العدوان على الشعب الفلسطيني
والمقاومة البطلة في قطاع غزة وفي مدن الضفة الغربية والقدس.. والاعتراف بحق شعوب
المنطقة ودولها في التحرر والتقدم والسيادة الوطنية.. وبالنسبة للخلافات حول الملف
النووي وغيرها قبلنا التفاوض حولها مع الأمم المتحدة والمنظمات المختصة والأطراف
المعنية.. واحترمنا تعهداتنا.. ونتمسك بحقوقنا.. لكن البعض عطل خطوات مهمة سابقا
كادت أن تؤدي إلى استرجاع إيران لكل حقوقها وأموالها المصادرة..
لن نتخلى عن فلسطين وعن غزة
س ـ البعض تساءل إن كان اتفاق إيقاف إطلاق
النار في لبنان لا يخفي "صفقة في الكواليس " تتضمن التخلي عن خيار "وحدة المسارات" وخاصة المسارين الفلسطيني واللبناني..
ـ الشعب
اللبناني وقياداته وزعماء مقاومته قرروا الحرب والهدنة ونحن ندعم خطواتهم بعد
الانتصار الذي حققته المقاومة وإجهاضها مخططات حكومة الاحتلال وزعيمه نتنياهو الذي
تبين للعالم أجمع أنه لم يحقق أيا من أهدافه التي أعلن عنها عندما بدأ عدوانه على
لبنان وقبل ذلك على قطاع غزة وعلى الضفة الغربية ..
كما لن يحقق "التطبيع" مع الشعوب
والدول والأطراف الفاعلة في المنطقة بعد جرائم الحرب التي أكدتها محكمة الجنايات
الدولية وبعد سقوط مئات آلاف الشهداء والجرحى بسبب غارات قوات الاحتلال المدعومة
أمريكيا..
نحن قدمنا للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية
ما طلبته من دعم سياسي وإعلامي ومادي وتدريب، ولن نتخلى عنهما اليوم وبعد انتهاء
مدة الهدنة مع لبنان. كما لن نتخلى أبدا عن قطاع غزة وعن المقاومة الوطنية
الفلسطينية.. ولسنا بديلا عنها..
حرب إيرانية إسرائيلية؟
س ـ قام سلاح الجو الإيراني مرتين بقصف أهداف
عسكرية إسرائيلية وتعرضت مدن إيرانية لقصف إسرائيلي مرتين، هل حسم الأمر، أم
ستردون على الغارات الإسرائيلية الأخيرة؟ وهل لا يمكن أن يؤدي ذلك إلى حرب ومواجهة
إقليمية دولية أكبر؟
ـ مرة أخرى نذكر
بكوننا أنصار سلام ومحبة، وفاء لعقيدتنا الإسلامية ومبادئ ثورتنا ومرجعياتنا
الثقافية والفلسفية..
ولا يخفى أن قوات الاحتلال اعتدت على أهداف
إيرانية مرارا داخل إيران وسوريا ولبنان بما في ذلك عندما اغتالت ضيفنا الزعيم
الوطني الفلسطيني إسماعيل هنية وعندما قصفت مقراتنا الديبلوماسية في سوريا بينها
قنصليتنا العامة في دمشق. وكانت النتيجة استشهاد عدد من الدبلوماسيين والموظفين
الإيرانيين.
كما اعتدت قوات الاحتلال على أهداف داخل إيران مرة ونحن سنرد بقوة وبنجاعة في
الوقت والمكان المناسبين.
لا نريد الحرب ونسعى إلى تطوير علاقاتنا
الاقتصادية والثقافية والأكاديمية مع كل من يناصر السلام والحق. ولذلك جئنا مرة
أخرى لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين في الجزائر وتونس تشمل قطاعات التنمية
والشراكة الاقتصادية والمتاحف والدراسات والعلوم والمتاحف والدبلوماسية..
الهجوم على حلب؟
س ـ أخيرا ما هو موقفكم من انفجار صراع مسلح
جديد في "ريف حلب" وداخل المدينة ذاتها بعد ساعات من الإعلان عن وقف إطلاق
النار في لبنان؟ هل هي الصدفة أم أن المنطقة محكوم عليها بالتورط في سلسلة جديدة
من "حروب الاستنزاف و"الحروب
بالوكالة"؟
ـ أولا
أعتقد أن ما وقع ليس صدفة بل مؤامرة جديدة على سوريا وعلى المقاومة وعلى كل
المنطقة.. في نفس الوقت أعتقد أن
إعادة تجميع فصائل انشقت عن "تنظيمات إرهابية معروفة" ودعمها مؤقتا
بالسلاح والمال خيار فاشل.. وستنتصر إرادة الشعوب والشعب السوري وسينهزم الإرهابيون
مجددا.. ولن تنجح مثل هذه العمليات
الإرهابية في صرف الأنظار عن القضايا الأهم وعلى رأسها دعم تحرير فسلطين وكل
الأراضي المحتلة وبينها غزة.