نشر رئيس الشاباك الأسبق،
يوفال ديسكين، صباح الثلاثاء مقالا استثنائيًّا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"
الإسرائيلية. يتّخذ ديسكين، المحسوب على اليسار المعتدل في إسرائيل، والداعم المتحمّس للتسوية السياسية ولحلّ الدولتين، موقفًا متشدّدًا بخصوص القتال في غزة ويدعو الجيش وصنّاع القرار إلى عدم التوقّف الآن.
وكتب ديسكين: "دون المناورة السياسية إلى جانب المناورة البرّية التي ينفّذها الجيش الإسرائيلي؛ فلن تنتهي المعركة ضدّ
حماس في الفترة القريبة. حتى لو تمّ تحقيق وقف إطلاق النار في الأيام المقبلة، فسيعبّر عن عدم وجود نصر عسكري حقيقي وسيفعّل العداد الزمني للمواجهة القادمة".
وأضاف: "لدى إسرائيل قوة عسكرية ومتانة كبيرة لا تعرفان حدودًا، أكثر من حماس. الجبهة مستعدّة لدفع الثمن لحلّ مشكلة الصواريخ بعيدة المدى، وتقوم القبة الحديدية بعمل ممتاز وتساهم في قدرة الشعب على الصمود، وعملية تدمير الأنفاق الهجومية هي الأكثر حيوية، والموقف السياسي والأمني يجريان حتى الآن بحذر".
ويقول إن "المشكلة الأكبر هي أنّه ليس لدى حماس ما تخسره، وخصوصًا لأنّ وضعها سيّئ للغاية"..
ويزعم "إنّها واقعة في ورطة كبيرة مع مصر، ليس لديها حلفاء حقيقيّين باستثناء قطر وتركيا، وضع حماس وقطاع غزة الاقتصادي هو الأسوأ، ليس لديها قدرة على دفع رواتب أعضائها ورواتب موظّفي الخدمة في قطاع غزة، والشعور بالعزلة والحصار أعمق من أيّ وقت مضى. الأخطر من ذلك: أنّ عملية المصالحة، التي كانت بالنسبة لحماس خطوة استراتيجية معدّة لتحسين حالتها ولتلقّي الشرعية، قد فشلت حتى الآن. ما يستلزمه القتال في الميدان معقّد جدّا".
ويواصل ديسكين واصفًا ضعف حماس والوضع البائس الذي هي فيه، وبسبب ذلك تحديدًا، فإن "على إسرائيل أنّ تستمر في إنهاء المهمّة الآن، وأن تصل إلى حالة لا تمكّن حماس من التعافي قريبًا، أو تجديد إطلاق الصواريخ في السنوات القادمة". ويكتب مضيفًا: "حسب فهمي، ستوافق حماس على أن تكون مرنة إلى حدّ بعيد، فقط حين تفهم أنّ استمرار حكمها في غزة مهدّد بشكل وجودي".
ويحثّ ديسكين الحكومة الإسرائيلية على مواصلة بل وتعميق العمليّة البرّية إلى المناطق المأهولة بالسكّان، حيث يختبئ هناك قادة حماس ويتم دفن قاذفات الصواريخ. حسب كلامه، فمن الممكن أن يساهم هذا الضغط العسكري الفعّال في تقليل بل وفي الإيقاف النهائي لإطلاق الصواريخ وفي أن ينشئ - بالنسبة لإسرائيل - بعض الخيارات لإنهاء الأزمة، والتي من الممكن أن تتراوح بين احتلال كامل وتطهير القطاع حتى إيقاف العملية العسكرية في اللحظة التي تبدأ فيها حماس بالشعور بالضغط وتوافق على قبول الشروط التي توضع لها.
ويكتب ديسكين أيضًا أنّ على إسرائيل تحقيق إنجاز كبير جدّا قبل أن تبدأ مضاعفات أخرى مثل إيقاظ جبهات أخرى في الضفة الغربية، ومظاهرات المواطنين العرب أو اندلاع للجبهة الشمالية. وليس أقلّ خطرًا من ذلك؛ أنّ الموافقة الدولية النسبية التي تحظى بها دولة إسرائيل حتى الآن قد تتلاشى بسرعة.
ويشير ديسكين في النهاية إلى المحادثات السياسية لوقف إطلاق النار، ويعتقد أنّه يجب على المبادرة السياسية أن تقوم على ثلاثة عناصر رئيسية. الأول والأكثر ضرورة: مصر، والعنصر الثاني المرغوب جدّا: السلطة الفلسطينية وعلى رأسها أبو مازن، والعنصر الثالث الحاسم: الجامعة العربية والمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ويتضمّن الاتفاق المقترح من قبله وقفًا تامّا ودائمًا لإطلاق النار لجميع أنواع الهجمات، ونزعا تدريجيا للسلاح من القطاع من جميع أنواع الصواريخ، وإغلاق الأنفاق والإشراف الدولي.
وفي النهاية يلخّص ديسكين ويكتب: "من معرفتي الشخصية، فإنّ المنطق الرائد عادةً للقيادة السياسية، الشهوانية والمنفصلة لحماس، ليس بالضرورة أن يؤدّي إلى التسوية المطلوبة. ولكن إنْ تمّ إدارتها بحكمة؛ فليس لدى دولة إسرائيل ما تخسره من مبادرة كهذه، ستكسب فقط، تمامًا كما
أنّ على إسرائيل تفعيل
القبضة الحديدية ضدّ الإرهاب، فعليها أن تمدّ يدها الأخرى لتسوية سياسية".