تجددت انتقادات مثقفين وإعلاميين وكتاب
مصريين لدعوات الجنرال عبدالفتاح
السيسي للشعب المصري للتقشف والتبرع، مع توجيه حكومته لزيادة أسعار الغاز والماء والكهرباء والوقود، من أجل خفض العجز في الميزانية، في وقت كشفت فيه صحف مصرية النقاب عن أن حفل تنصيبه في الثامن من حزيران/ يونيو الماضي كلف خزينة الدولة أكثر من 92 مليون جنيه مصري، أي قرابة 14 مليون دولار.
تساؤلات مشروعة
تحت هذا العنوان، قالت جريدة "المصري اليوم" (الداعمة للانقلاب)، الخميس، إن خبراء اقتصاديين قدروا للجريدة حجم الانفاق على حفل تنصيب الرئيس بنحو 92 مليون جنيه، مشيرة إلى أنها توقعت صدور بيان رئاسي فوري ينفي مثل هذا الكلام، أو على الأقل يوضحه، لكن ذلك لم يحدث.
وأشارت الصحيفة إلى أن "الرئيس يتحدث عن استبدال السيارات بالدراجات الهوائية، ويتحدث عن تقشف على كل المستويات، مع ارتفاع في الأسعار بدأ يلقي بظلاله، ورفع للدعم قادم لا محالة، وقانون جديد للضرائب صدر بأيمان مغلّظة، مع تبرعات وصدقات وهبات من أجل عيون مصر"، على حد تعبيرها.
وذكرت "المصري اليوم" أن حفل
التنصيب كان مجرد حلف يمين، ثم لقاء بقصر القبة عبارة عن مقاعد وميكروفون، ولو كان تخلله عشاء لما تكلف آلافا عدة من الجنيهات، حسبما قالت.
وأضافت: "المؤكد أن هذا المبلغ لو أُنفق على كل الوحدات الصحية في بر مصر لأحدث بها نقلة نوعية، ولو أُنفق على محطات مياه الشرب لاختلف حالها، ولو أُنفق على مدارس مهترئة لكان أكثر فائدة، ولو استفاد به أصحاب معاشات الضمان الاجتماعي، وأطفال الشوارع، ومرضى السرطان، وذوو الاحتياجات الخاصة.. والأوجه المحتاجة لا حصر لها.. إلا أنه قصر نظر أصحاب المشورة والرأي والتخطيط".
وتابعت: "هذه القضية يجب أن تفتح ملفا غاية في الأهمية، هو مخصصات الرئاسة في الموازنة الجديدة التى اعتمدها الرئيس". وشددت على أنه: "لا يعقل أن يكون الرئيس في واد، ومؤسسة الرئاسة في واد آخر".
تتويج الإمبراطـور
من جانبه، وجه الدكتور حسن حنفي انتقادات عنيفة لتكاليف حفل التنصيب. وقال في مقال له بجريدة "المصري اليوم"، الخميس، بعنوان: "تتويج الإمبراطـور": "لقد تم تنصيب الرئيس ظهرا بخطبة قصيرة من الرئيس المؤقت، وأخرى مثلها من الرئيس المنتخب، دون تكلفة الدولة الكثير. والسؤال
هو: ما لزوم حفلة التنصيب الثانية في المساء؟، ودعوة جميع رؤساء الدول العرب والأجانب تقريبا، ورجالات الدولة وبعض الفنانين والكتاب لمهرجان مسائي في قاعة إمبراطورية في أحد القصور الملكية الذي ثار على القاطن فيها الضباط الأحرار في يوليو 1952؟
وتابع حنفي تساؤلاته: ما لزوم هذه الأضواء المبهرة، والبلاد تشكو من أزمة الطاقة والألوان الزاهية للعلم المثلث الألوان، وكأنها زينة أفراح؟ وتعددت الروايات في سبب هذه الأبهة والفخفخة، هل لإخفاء نسبة عدم المشاركين بالتصويت في الانتخابات الرئاسية السابقة التي تفوق نسبة المشاركين؟ هل لإضفاء مزيد من الشرعية على نظام لا شرعي، وما بُني على باطل فهو باطل؟ هل للحاجة إلى إخفاء عدد المعتقلين السياسيين بعشرات الآلاف دون تهمة أو محاكمة؟ هل لإخفاء معارضة الشارع التي ما زالت مستمرة منذ ما يقرب من عام، وسقوط عديد من الضحايا كل يوم أو كل أسبوع؟ هل الحاجة إلى الاعتراف الداخلي والخارجي بالنظام بدلا من التشكك فيه؟
وأضاف حنفي: "كلها روايات تدور في أوساط المعارضة والصحافة الدولية قد تصدق، وقد تكون أقل صدقًا، ومبالغا فيها تشفيا في مصر، وإنكارا لدورها الوطني في قلب أمتها العربية التي بدأت تنهار، دولة وراء أخرى في سوريا وليبيا والعراق واليمن والسودان والصومال".
وتابع: "الصعود بسرعة ينتهي إلى النزول بسرعة.. فالطبيعة أقوى من الصنعة.. والخوف أن تستمر المظاهرات في الشارع. تضعف مرة ثم تقوى مرة أخرى ضد مطالب مشروعة مثل الإفراج عن المعتقلين، وضد قانون التظاهر، ودفاعا عن استقلال الجامعات، ومنع دخول الشرطة الحرم الجامعي. ثم تنضم مظاهرات الطلاب إلى مظاهرات فئوية من أجل تحقيق مزيد من مطالب العمال، وإسقاط ديون الفلاحين. وقد كانت الفئتان تكونان في الستينيات نصف مجلس الشعب. وقد استمرت حتى الآن على مدى عام كامل، وليس هناك بوادر للمصالحة أو الحوار الوطني كي تتوقف".
وشدد الدكتور حسن حنفي على أن: "الخوف أن تشتد القبضة الحديدية على الحريات العامة، ويزداد عدد الممنوعين من السفر من المثقفين والمعتقلين السياسيين والمعارضة السياسية ورموز ثورة يناير 2011. ويشتد غضب الناس للإفراج عن رموز الفلول بالبراءة بعد كل ما قيل في اتهاماتهم بغسيل الأموال، وسفك الدماء".
الإجبار ينسف التبرعات
من جهته، تناول عماد الدين حسين في مقاله بجريدة "الشروق" الخميس، الموضوع نفسه من زاوية أخرى، هي زاوية التبرعات الإجبارية، إذ قال تحت عنوان: "الإجبار ينسف التبرعات": إنه "إذا صح أن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر قرر خصم جنيه من رواتب العاملين بالدولة لصالح صندوق التبرعات الذى أطلقه البنك المركزي، فذلك أمر غريب، ويفترض أن يتوقف فورا".
وأضاف حسين: "أفهم تماما الهدف النبيل من وراء إطلاق هذه الفكرة التي بدأها الرئيس بنفسه، لكن تخيلوا لو أننا أجبرنا موظفا على دفع جنيه واحد لا يريد أن يتبرع به، فكيف سيكون رد الفعل لديه، وكيف ستكون صورة الوطن في ذهنه، وما مدى قانونية هذا الأمر؟
وشدد على أن "هناك مليون وسيلة لدفع الناس للتبرع لأعمال خيرية أو إنسانية أو وطنية ولكن ليس من بينها الإجبار أو الإكراه أو تشويه صورة شخص قرر ألا يتبرع".
ويُذكر أن جريدة "المصري اليوم" نشرت الأربعاء انتقادات خبراء اقتصاديين لحجم الإنفاق على حفل تنصيب السيسي. ونقلت الجريدة عن الدكتور عبدالرسول عبدالهادي، أستاذ المحاسبة والضرائب بجامعة طنطا، انتقاده إنفاق نحو 92 مليون جنيه على حفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحسب تقديره.