تعالت في
مصر الأصوات المطالبة بإقالة
وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم في أعقاب التفجيرات التي وقعت أمس الاثنين، في محيط قصر الاتحادية الرئاسي وكشفت عن تراخٍ وفشل أمني كبير.
وكانت سلسة تفجيرات قد أسفرت عن مصرع ضابطين وإصابة 13 آخرين على بعد أمتار من مقر رئاسة الجمهورية، بالرغم من إعلان جماعة "أجناد مصر" أنها زرعت العبوات الناسفة قبلها بنحو أسبوعين وتراجعت عن تفجيرها خشية إصابة مدنيين، وطالبت الداخلية قبل الحادث بأربعة أيام بتفكيكها بعدما حددت أماكنها بدقة.
وبالرغم من كل هذه المعلومات، إلا أن الداخلية تعاملت مع الأمر بلا مبالاة، بل أعلنت يوم السبت الماضي أن قصر الاتحادية مؤمن تماما دون أن تقوم بواجبها في تمشيط تلك المنطقة الحساسة التي تضم أهم مؤسسة في البلاد.
ويقول خبراء أمنيون إن مشاهد فيديو أظهرت تعامل خبراء المفرقعات بصورة "مثيرة للشفقة" مع القنابل أثناء محاولة إبطال مفعولها، بشكل خلا من أبسط قواعد المهنية والسلامة، حيث تجمع الضباط حول القنابل وسمح للمارة والسيارات بالتواجد في المكان أثناء تفكيك العبوات الناسفة.
وسببت التفجيرات حرجا بالغا للنظام الحاكم الذي بدا عاجزا عن التعامل مع تهديد بسيط، وفشل في تأمين مقر إقامة عبد الفتاح
السيسي قائد الانقلاب الذي قدم نفسه في صورة الرجل القوي الذي سيعيد الأمن للبلاد، فإذا به يتعرض للهجوم في عقر داره.
وزير فاشل وضعيف
وبعدما كانت البرامج الحوارية والصحف المؤيدة للانقلاب لا تتدخر وسعا في الدفاع عن الداخلية ووزيرها وتلتمس له كل عذر بعد كل تفجير، تحولت كلها بشكل مفاجئ لنعت الوزير بالفشل والمطالبة بإقالته فورا.
ورصد المتابعون لتلك البرامج ليل الاثنين - التي تشكل إلى حد كبير الرأي العام في مصر - تأكيدها على رسلة واحدة وهي أن الوزير لا يجب أن يستمر في منصبه أكثر من ذلك، وأن مساندته للانقلاب على الرئيس مرسي ليس "منة" منه، وأنه كان مضطرا لاتخاذ هذا الموقف.
ويقول معارضون للانقلاب ونشطاء إن أوامر عليا - على ما يبدو - قد صدرت بالأمس لوسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب بذبح وزير الداخلية إعلاميا، ومهاجمته بشكل عنيف وتحميله مسؤولية عمليات التفجيرات التي لم تتوقف منذ عام تقريبا.
وهاجم الإعلامي يوسف الحسيني - أحد أشد مؤيدي الانقلاب - وزير الداخلية ووصفه بالوزير منعدم الرؤية وأنه لا يفهم طبيعة المرحلة ولا طبيعة عمله، مضيفاً: ''تعرف الفاشل حينما يقع في الخطأ عدة مرات رغم النُصح''.
وتساءل الحسيني في برنامجه على قناة ''أون تي في'': ''لماذا الإبقاء على وزير الداخلية الحالي؟ أقسم بالله نحن بحاجة لوزير داخلية آخر لتوفير الأمن لرجاله أولاً ثم للمواطن، الوزير الحالي فاشل وضعيف''.
أما الإعلامية لميس الحديدي، فقالت "إن هناك تقصيرا من جانب وزارة الداخلية في مواجهة الإرهابيين، كلفنا أكثر من 500 شهيد من الشرطة، هذا التقصير يجب ألا يمر دون حساب".
وأضافت: "هناك إهمال شديد في عملية تفكيك العبوات الناسفة في محيط قصر الاتحادية، ما حدث اليوم لا يوصف إلا بأنه عبث".
وهاجم الإعلامي جابر القرموطي وزارة الداخلية، قائلا: "فين الخطط الأمنية؟ إزاي مش عارفين تأمنوا قصر الرئاسة؟ مش هنستحمل الناس تموت بالطريقة دي كل يوم".
مطالب بالعزل والمحاكمة
ومنذ الانقلاب على الرئيس مرسي في تموز/ يوليو الماضي شهدت مصر في ظل تولي "إبراهيم" وزارة الداخلية نحو 20 تفجيرا، من بينها تفجير مبنى مديريتي أمن القاهرة والدقهلية، واغتيال المئات من رجال الشرطة. بل إن وزير الداخلية الحالي نفسه نجا من محاول اغتيال قتل فيها عدد من حراسه.
وعقب كل حادث يكتفي الوزير بالتأكيد على تعقب الإرهابيين ويشارك في تشييع القتلى من رجال الشرطة، حتى إن ألقابا أطلقها عليه نشطاء من بينها "وزير الجنازات" و"متعهد دفن الضباط". وأصبح النشطاء يتندرون عليه بالقول إنه لا يجد وقت للعمل على إعادة الأمن للشارع بسبب انشغاله المستمر في تشييع جثامين رجال الشرطة.
ووجه القيادي الإخواني المنشق ثروت الخرباوي - عبر صفحته على "فيسبوك" – رسالة للسيسي قائلا: "لماذا تبقي على وزير الداخلية رغم فشله؟ اعلم أن دماء المصريين التي سالت من رجال الشرطة ستتحمل نصيبا منها أمام الله فأصدر قرارك بتغيير هذا الوزير الفاشل الذي نقل مقره الدائم إلى مسجد الشرطة حيث أصبح متخصصا في تشييع الجنائز".
وحمل مجدي حمدان - القيادى السابق بجبهة الإنقاذ - وزير الداخلية مسؤولية مقتل رجال الشرطة، قائلا: "عندما تقوم جماعة إرهابية بنشر بيان تعلن فيها أنها سوف تقوم بتفجير منطقة معينة بل وتحدد أماكن المتفجرات، ثم ينام المسؤول "ويكبر دماغه"، وفي النهاية يقوم رجاله بتفكيك قنبلة بدون أي واق فيقتلون، فيجب وقتها عزل وزير الداخلية من منصبه ومحاكمته".
وشنت حركة 6 إبريل هجوما على وزارة الداخلية، وقالت في بيان لها: "الداخلية فاشلة، تفرغوا لملاحقة وقمع المعارضين وفشلوا كالعادة في مهمتهم الأصلية، في حفظ الأمن، رحم الله ضحايا فشلهم".
وخدم إبراهيم مع ثلاثة رؤساء حيث اختاره الرئيس محمد مرسي للوزارة، ثم احتفظ بمنصبه بعد الانقلاب، وظل عاما تقريبا مع الرئيس المؤقت عدلي منصور، وأخيرا جدد السيسي ثقته فيه.
السيسي يلتقي بإبراهيم
وألقى العميد خالد عكاشة - الخبير الأمني - بالمسؤولية في
تفجيرات الاتحادية على وزير الداخلية وأجهزته الأمنية، وقال إنها "تتعامل باستهانة وروتينية مع الأمور اعتمادا على إحساس بالسيطرة على المشهد".
وأكد "عكاشة" خلال مداخلة هاتفية على فضائية "أون تي في لايف"، أن "حادث استشهاد الأربعة جنود برفح منذ أيام، ومحاولة هروب الإرهابي عادل حبارة، وتفجيرات الاتحادية تؤكد أن هناك تراخيا فى إجراءات الأمن"، على حد قوله.
وفي اليوم التالي للتفجيرات، وعقب تزايد الاتهامات للأمن بالفشل والتقصير، اجتمع المشير عبد الفتاح السيسي، باللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية وكبار مساعديه.
وصرح المتحدث باِسم رئاسة الجمهورية، بأنه تم أثناء الاجتماع الاتفاق على إيفاد الضباط المصريين للدراسة والتدريب في الخارج لرفع كفاءتهم وتوفير المعدات اللازمة لهم، كما أنه أكد على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين الضباط أثناء أداء مهامهم، ورفع روحهم المعنوية ومطالبتهم بحسن معاملة المواطنين.