لاقت الأحكام القضائية التي تدين كل من ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين حظا وافرا في الصحف
المصرية من النشر الواسع الذي يصل إلى حد التشهير، في حين أن القضايا التي تتناول انتهاكات ارتكبتها عناصر محسوبة على الجيش أو الشرطة تتعرض للتجاهل التام، والتعتيم العمدي، حتى لا تجذب القارئ إليها، على عكس أخبار الإخوان، ورافضي الانقلاب.
في حين تجاهلت
الصحف المصرية الصادرة الأحد (8 حزيران/ يونيو 2014) الحكم الذي ألغت بمقتضاه محكمة جنح مستأنف الخانكة، السبت، الحكم الصادر ضد نائب مأمور قسم مصر الجديدة، المتهم الأول في قضية سيارة ترحيلات أبوزعبل، بالسجن 10 سنوات، وضباط القسم الثلاثة، على حكم حبسهم سنة مع إيقاف التنفيذ.
وكانت محكمة جنح الخانكة قضت بسجن نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة عمرو فاروق، 10 سنوات، وحبس ثلاثة ضباط آخرين بالقسم سنة مع وقف التنفيذ، في قضية اتهامهم بالتسبب في وفاة 37 مواطنا وإصابة آخرين من المتهمين المرحلين بسيارة الترحيلات من قسم مصر الجديدة إلى سجن أبوزعبل.
وتضمن الحكم الصادر إعادة أوراق القضية إلي النيابة العامة، وتكليفها باستكمال التحقيقات فيها.
وكانت النيابة العامة أسندت إلى المتهمين الأربعة من ضباط الشرطة تهمتي القتل والإصابة الخطأ بحق المجني عليهم.
وقام النائب العام المستشار هشام بركات بتكليف المكتب الفني بالتحقيق في الواقعة، فاستمعت النيابة العامة إلي سبعة من المجني عليهم الذين نجوا من الحادث، علاوة على 40 شخصا آخرين من قوات الشرطة والأطباء الشرعيين وخبير وزارة العدل.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن أن تعامل المتهمين مع مأمورية الترحيلات المكلفين بها، شابَهُ الإهمال والرعونة وعدم الاحتراز والإخلال الجسيم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم من الحفاظ علي سلامة وأرواح المواطنين، ولو كانوا متهمين.
وهكذا، مارست الصحف المصرية تعتيما شديدا على خبر إلغاء الأحكام. ولم تنشره أي صحيفة في الصفحة الأولى، بل تجاهلت صحف "الوطن" و"اليوم السابع" و"المساء" نشره تماما، في حين نشرته صحف أخرى بصفحاتها الداخلية على مساحات ضئيلة، وفي أماكن لا تجذب انتباه القارئ.
ونشرت جريدة "الشروق" على عمودين في الصفحة الثانية، ولـ"مصري اليوم" كخبر على عمود في الصفحة الثالثة، و"الأهرام" أسفل صفحة الحوادث (الداخلية) على ثلاثة أعمدة، و"الأخبار" على عمودين في الصفحة الثالة، فيما نشرته "الجمهورية" على عمودين بالصفحة الثالثة كذلك، وأيضا على عمودين في "الوفد".
وفي مقابل هذا التجاهل والتعتيم من قِبل الصحف المصرية الصادرة الأحد لقضية هؤلاء الضباط المدانين، اهتمت الصحف اهتماما شديدا بحكم إحالة عشرة من المتهمين في قضية قطع طريق قليوب، وبينهم عدد من قيادات الإخوان المسلمين والتحالف الوطني لدعم الشرعية، إلى المفتي تمهيدا لإعدامهم.
وتصدر الحكم الصفحة الأولى بجميع الصحف دون استثناء، ونشرته كل من صحف "الأهرام" و"الأخبار" و"الجمهورية" و"الشروق" و"اليوم السابع" و"الوفد" و"التحرير"، وهذه الأخيرة قالت بشماتة: "مصير القتلة الإعدام.. إحالة أوراق مفتي الإخوان و9 آخرين إلى مفتي الجمهورية".
ويرى محللون أن هذا النمط من المعالجات الصحفية يعكس حالة من الكيل بمكالين في الصحافة المصرية بين القضايا المتهم فيها الإخوان من جهة، والقضايا المتهم فيها رجال الشرطة من جهة أخرى.