توقعت مجلة "
إيكونوميست" البريطانية استمرار الحرب في
سوريا، وتقسيم البلاد إلى مساحات تحت حكم النظام السوري التابع لبشار
الأسد، وأخرى تحت حكم جبهة
النصرة، والدولة الإسلامية في العراق والشام "
داعش"، ومناطق تابعة لمؤتمر الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي قالت إن الأدلة تشير إلى تنسيقه مع النظام في المناطق التي يسيطر عليها شمال شرق البلاد.
وقالت إن الدعم الأمريكي يهدف لتمكين المعارضة العلمانية لهزيمة الجهاديين و"ليس حرف ميزان الحرب لصالحها".
وأشارت إلى أن "داعش" لا تظهر إلا نادرا الاهتمام بمواجهة النظام بقدر ما تهتم بقتال جماعات المعارضة الأخرى، و"هناك أدلة على تعاون تكتيكي بينها وبين النظام".
ورأت المجلة أن الانتخابات الرئاسية التي منحت بشار الأسد ولاية ثالثة بسبع سنوات جديدة في الحكم كان الغرض من تنظيمها هو منح رئيس النظام الشرعية، مع أنها لم تعقد إلا في المناطق التابعة له، والتي لا تزيد عن نصف مساحة البلاد.
وأضافت أن العملية الانتخابية تشير لمواصلة الأسد الحكم، بل والتقدم البطيء في مناطق المعارضة، مشيرة إلى أن النظام "لم يكن قادرا على تحقيق ما حققه بدون دعم من حزب الله والمرتزقة من الميليشيات الشيعية من دول أخرى وقوات الدفاع الشعبي التي دربتها إيران."
وتحدثت المجلة عن الحملة العسكرية التي قادها النظام بدعم من حزب الله حيث سيطرت قواته العام الماضي على بلدة القصير، وأخرج بحلول شهر آذار/ مارس من العام الحالي قوات المعارضة من جبال القلمون، مما يعني قطع خط الإمدادات.
وبحسب المجلة، تواجه قوات المعارضة الآن خطر الحصار في مدينة حلب المقسمة منذ أكثر من عامين.
وترى أن النظام "لم تكن باستطاعته تحقيق التقدم لولا الدعم المستمر من الدول الخارجية خاصة إيران وروسيا والأساليب الوحشية التي استخدم فيها النظام غاز السارين والبراميل المتفجرة على المناطق السكنية وسياسات الحصار ومنع وصول المواد الغذائية والطبية لمناطق المعارضة.
وتقول "إيكونوميست" إن اهم ما يميز النظام عن منافسيه في المعارضة هو انه "متماسك ولا يعاني من انشقاقات داخلية والجهات التي التزمت بدعمه كريمة" .
تضيف أن المعارضة اضطرت في الستة أشهر الأخيرة لفتح جبهة جديدة مما حرف نظرها عن مواجه الأسد، وذلك لمواجهة الجماعات الجهادية مثل "داعش" و"النصرة" .
وبحسب تقدير المجلة، فظهور الجهاديين كان سببا في تردد الدول الداعمة للمعارضة في تقديم الدعم العسكري لها. ولكنها مع ذلك لاحظت "إيكونوميست" أن الدول الرئيسية الداعمة للثورة، وهي الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، قطر والسعودية أخذت بتعزيز جهودها باتجاه دعم المعتدلين.
وتشير المجلة لعمليات تدريب عدد كبير من المقاتلين السوريين من شمال وجنوب سوريا في الأردن وقطر والسعودية، وتوفير المال لقادة الجماعات المسلحة لتقديم رواتب للمقاتلين، وإمداد الجماعات بأسلحة ثقيلة مضادة للدبابات وإن كانت بأعداد محدودة.
ولاحظت المجلة قطع متبرعين في الخليج الدعم عن عدد من الجماعات المتشددة بمن فيها الجبهة الإسلامية وأحرار الشام.
وبسبب هذه التطورات خسر المقاتلون طوال العام الماضي، وكانت انتصاراتهم متواضعة في محافظة حماة وإدلب وغرب محافظة حلب وكذا في القنيطرة.
وتشير المجلة إلى أن الدعم المقدم للمعارضة في الفترة الأخيرة ليس كاف لحرف ميزان المعركة مع أنه غير من طبيعتها وديناميتها. فقد "أدى لظهور فصائل لم تكن موجودة من قبل مثل (حركة حزم) وأحيا فصائل تراجع حظها قبل ستة أشهر مثل (جبهة ثوار سوريا).
وأهم ما جاء في تحليل المجلة هو رؤيتها للموقف الأمريكي الذي يظل مرتبطا بمخاوفها من انتشار الإرهاب على أراضيها نتيجة للحرب في سوريا، ولهذا السبب تحرص على أهمية هزيمة "داعش".
وتنقل المجلة عن نوح بونزي من "منظمة الأزمات الدولية" ومقرها بروكسل قوله "هناك حاجة لدعم المدخل الاستراتيجي بزيادة المساعدات للجماعات غير الأيديولوجية، لكن السياسة الأمريكية لم تتغير ويبدو أن القيادة الأمريكية لم تحسم أمرها".
وقالت إن باراك أوباما حتى إلقائه خطابه الأخير حول السياسة الخارجية في 28 أيار (مايو) في الأكاديمية العسكرية "ويست بوينت"، كان مترددا في دعم المعارضة.
وتقول "إيكونوميست" أن واشنطن تهدف من تقديم الدعم إمداد المقاتلين بما يكفي لهزيمة "داعش"، وليس من أجل حرف ميزان الحرب لصالحهم ضد نظام الأسد.
وتقول المجلة إن الكثير من أهالي دمشق لا يحبون نظام الأسد، ولكنهم يفضلونه على المعارضة التي لا تستطيع حسم المعركة. وما يريده السوريون اليوم هو وقف الحرب بأي ثمن.