في قلب الضفة الغربية وفوق مدينة نابلس تطل مستوطنة
يزهار التي أصبحت عنوانا على حركة التطرف
الاستيطاني في الضفة الغربية، ليس بسبب
العنف الممارس ضد
الفلسطينيين فقط ولكن بسبب الهجمات ضد الجيش
الإسرائيلي الذي يحاول تفكيك الكتل التي يقيمها المستوطنون ويرى أنها "غير قانونية".
وفي الوقت الذي أنشأت فيه الحكومة الإسرائيلية منطقة لإسكان ألف عائلة في يزهار، إلا أن الكتل الاستيطانية تنتشر في أكثر من مكان وهو ما تراه الحكومة الإسرائيلية فعلا غير قانوني. ومن أهم الكتل الاستيطانية "ليفهات يزهار" التي تحتوي على خمسة كرفانات وستة بيوت دائمة تعيش فيها 10 عائلات استيطانية، ومزرعة شالهافيت التي تقع غرب مستوطنة يزهار، وهناك عدد من الكتل الاستيطانية التي تم تفكيكها.
وأصبحت يزهار علامة على العدوانية والعنف في نيسان/ إبريل عندما احتلت ممارسات المستوطنين فيها عناوين الأخبار، حيث بدأوا برمي الحجارة وحرق إطارات السيارات وإغلاق الطرق لمنع قوات الجيش الإسرائيلي من الدخول وتفكيك الكتل الاستيطانية.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن موشيه يعلون وزير الدفاع الإسرائيلي قوله: "في يزهار مقارنة مع
المستوطنات الأخرى عنف يقوم به أفراد، ولن نسمح لجماعة هامشية، عنيفة ومتطرفة أخذ القانون بيدها".
وخلال زيارة للمستوطنة قامت بها مراسلة موقع "ميدل إيست آي" الالكتروني، كيت شاتلوورث، نقلت عن المتحدث باسم المستوطنة عزري توبي الذي كان يتحدث وهو ينظر للقرى الفلسطينية التي تقع تحت المستوطنة وهي بورين وعوريف؛ قائلا إن غالبية المستوطنين لا يوافقون على استخدام العنف ضد الجنود، مضيفين أنهم قاموا باستفتاء محدد حول استهداف الجيش.
وقال: "قمنا بتصويت اتسم بالتوتر حيث صوتت نسبة 97% على عدم ارتكاب العنف ضد الجنود، وامتنعت نسبة 3% عن التصويت". وأضاف: "نحن في وضع حساس هنا، واتفقنا على رسم خط أحمر يقضي بعدم رمي الحجارة أو حرق الإطارات أو تمزيق الخيام".
وتقول شاتلوورث إن التوتر واضح، ففي 6 أيار/ مايو تم اعتقال امرأة حامل عمرها 22 عاما لأنها حرضت على العنف ضد الجيش، وحكم على إليراز فين بالإقامة الجبرية لمدة 7 أيام. وقالت فين في غرفة حوار على الانترنت (يزهارنيك) ان رمي الحجارة على حرس الحدود جائز "حتى لو أدى الحجر لمقتل الجندي". وتقول المراسلة إن يزهارنيك هو تلاعب بالكلمات بالماخنيك، وهي قوات النخبة في عصابة الهاغاناة التي أنشئت في فلسطين خلال فترة الانتداب، قبل إنشاء إسرائيل عام 1948.
ورد شاب عمره 17 عاما عبر الموقع بأن "قتل جندي لا يعد مشكلة". وأضاف أن القانون اليهودي يسمح بقتل أي شخص يخرق أو يدخل أو يهدد الحياة. وقد تم إرسال هذه التعليقات إلى الشرطة والقيادة المركزية من أحد المشاركين في غرفة الحوار.
ويدافع توبي عن تعليقات المستوطنين الشباب بقوله إنها جاءت بعد "ليلة صعبة" حيث راقبوا الجيش وهو يقوم بتدمير موقع استيطاني. "كل المشاركين في هذه المجموعة جاؤوا واستنكروا هذه التعليقات بقوة، وقالوا لمدير المجموعة إنه لم يفصل الشخصين فسيتركون المجموعة أنفسهم".
وتم إغلاق الموقع لكن هذا لن ينهي كما يقول توبي "بلاغان"، أي الفوضى التي حدثت أثناء المواجهات مع الجيش لتفكيك الكتل الاستيطانية في نيسان/ إبريل. وانتشر التوتر عندما دخل الجيش في 10 نيسان/ إبريل وسيطر على "يشيفا" أو مدرسة دينية. وبحسب الصحافة الإسرائيلية فقد سيطرت القوات العسكرية على المدرسة كرد فعل على العنف الذي يمارسه سكان المستوطنة ضد الجيش، ما أدى لنشر الجيش وحدة حرس الحدود لتمنع الدخول للمستوطنة.
وجاءت سيطرة الجيش على المدرسة الدينية بعد أسبوع من قيام 50 مستوطنا بتدمير قاعدة لجنود الاحتياط احتجاجا على تدمير أربعة كتل استيطانية، ودمر المستوطنون خيام الجنود وموقد التسخين وموزع المياه.
وقامت مراسلة "ميدل إيست آي" بزيارة المدرسة التي أحيطت بالأسلاك وترك لحراستها جندي واحد. وتقول إن توبي الذي انتقل ليزهار منذ 12 هروبا من حياة المدن حاول إبعاد نفسه عن عنف المستوطنين ضد الجيش. وقال: "الجيش لا يزال الشيء الوحيد الذي يوحدنا، وليس من ناحية عسكرية ولكن حقيقة أنه يجب علينا حماية أنفسنا. ويجب علينا ان نقدم أنفسنا لهذا، وهذا هو موقف أخلاقي". ويضيف توبي: " جئت إلى هنا لإيماني بأيديولوجية الشعب وكانت فرصة لتنفس هواء نفي بعد 25 عاما من العيش في المدينة".
والآن ينام توبي ومسدسه محشو بالرصاص. "لا أعرف إن كان سيأتي إرهابي عربي لبيتي ويذبحني وأولادي كما فعلوا من قبل". ومع ذلك لم يكن توبي قادرا على ذكر ولو هجوم واحد على بيوت المستوطنين، ولكنه قال إن رجلا يعمل كمعالج روحي كان في طريقه للمستشفى بعدما طعنه فلسطيني أثناء انتظاره أمام محطة الحافلات.
وتشير إلى شاتلوورث أن يزهار تحولت إلى خط أمامي في حركة المستوطنين التي تعرف باسم "حركة التسعيرة" أو الانتقام، والتي اتهمت بالقيام بسلسلة من الهجمات ضد فلسطينيين 48، وهي الهجمات التي يقول المستوطنون إنها "ثمن" يتم أخذه بسبب ممارسات الحكومة في الضفة الغربية.
ولم تطل الهجمات عرب 48 فقط، بل كانت موضوعا لعناوين الأخبار الدولية عندما طلبت الكنيسة الكاثوليكية من الحكومة الإسرائيلية اتخاذ إجراءات ضد حملة التي شوهت جدران مركز الكنيسة في القدس قبل زيارة البابا فرانسيس الأول للقدس. ومن الشعارات التي لطخت الجدران "الموت للعرب والمسيحيين ومن يكره إسرائيل".
وتشير شاتلوورث أن تاريخ يزهار مرتبط بحركة التسعيرة. ففي مدرسة دينية اسمها عود يوسف تشاي والتي كانت تدير قبر يوسف قرب نابلس ويرأسها الحاخام يتسحاق غيزنبيرغ، تم تشجيع الطلاب على مهاجمة الفلسطينيين وممتلكاتهم وكذا قوات الجيش. ومنعت الحكومة الإسرائيلية العديد من طلاب المدرسة من دخول الضفة الغربية جراء هذا. وفي عام 2003 وجهت محكمة لغيزنبيرغ تهمة التحريض على العنصرية في كتابه "تيبول شوريش" والذي دعا فيه لطرد العرب من من مناطق 48. وتم سحب الاتهامات بعد تراجعه عن مزاعمه. وفي 2010 اعتقل حاخام آخر اسمه يتسحاق شابيرا بعد رمي قنابل حارقة على مسجد، وأصدر كتاب اسمه "توراة الملك" والذي قال فيه أن القانون اليهودي يسمح بقتل المدني غير اليهودي، ودعا لطرد أو إبادة كل فلسطيني فوق عمر 13 عاما.
ويزعم توبي أنه لا يعرف شيئا عن الهجمات "التسعيرة" أو أي تحريض ضد العرب. ويقول: "فيما يتعلق بنا لا يمكن ربط هجمات التسعيرة ليزهار تحديدا، وإن وجد أشخاص هنا فهم ليسوا مسؤوليتنا، ولا يمكنني والحالة هذه الحديث عن هجمات التسعيرة". ونفى توبي القيام بتحريض ضد الفلسطينيين الذين يعيشون قرب المستوطنة.
وفي كانون الثاني/ يناير اعتقلت الشرطة رجلا وزوجته بتهمة محاولة حرق مسجد في أم الفحم، ورفض أميخاي ماتوكي (37 عاما) وزوجته نيرا (33 عاما) التعاون مع الشرطة.
وقامت وزيرة العدل تيسفي ليفني؛ بلقاءات مع المسؤولين هذا الأسبوع لمناقشة الهجمات الانتقامية هذه والبحث في طرق لاعتقال المتورطين، واعتبر بعض المسؤولين الهجمات نوعا من أنواع الأرهاب.
ولكن الحكومة اليمينية المتطرفة ليس متأكدة من الكيفية التي ستتعامل فيها مع المستوطنين المثيري المشاكل، وهم من المتطرفين مثلها، كما يقول الموقع.