مدونات

مصر في مشهد يختزل بداخله كل البشاعات!

الشهيدة الصحفية ميادة أشرف
الشهيدة الصحفية ميادة أشرف

خرجت لتوها مسرعة لتأدية واجبها الصحفي؛ لتغطي المسيرات المناهضة لترشح السيسي صباح الجمعة، وإذ برصاصة تطير كالعصفور المجنون لا تدري أين تستقر، اخترقت رأسها الصغير، وهي كنجمة هاربة من الموت، لم تستطع إيقافها.

رأسها الذي يحمل هم نقل الحقيقة وإيصالها للعالم، "ميادة أشرف" كانت تدرك بأن الوطن يحتاجها واقفة على قدميها!

رأسها لم يستوعب فكرة الظلم، والسكوت عنه، وضميرها الذي دفعها لتغطية الحدث كما هو مع علمها بصعوبة ذلك، جعل الكاميرا تصور خبرها، بدلاً من تصويرها خبرهم!

وينعكس الدور، في مشهد إجرامي، مبكٍ، مؤلم!

يرتفع به صوت عويل النساء واستغاثاتهم، وانكساراتهم كحروف مثقلة بالمعاني والخوف، وركض الرجال لإنقاذ ما تبقى فيها من رمق الحياة! لكن عبثاً يحاولون.

وهي تستذكر آخر أيامها، وحتما كانت تقسم بأن الوطن مقدس، ويستحق أن تسيل الدماء لأجله، لأنها أدركت أن للحقيقة ثمنا، وللدفاع عنها وإيصالها توهب الحياة!

في مشهد يختزل بداخله كل البشاعات، تغيب فيه العدالة، ويضيع الدم بين متهم ومنكر لذلك، وتقف القلوب المجروحة عاجزة عن استرداد روح فارقتها، ودم ساخن يتدفق مختنقا لاعنا الظلم والجور.

في ظل ترشح السيسي للرئاسة تزهق الأرواح، وترتفع إلى بارئها، لا تعلم بأي ذنبت قتلت. وغيرها يحكم بالإعدام دون أدنى تفكير بأن يدع الخلق للخالق! لا للزبانية والمضللين.

دعاية انتخابية تبدأ بقرارات إعدام جائرة وغير مسؤولة، ممتدة لدماء أضحت تغطي وجه مصر البريئة، ولو أن لها لسانا لنطقت: ربِّ إني بريئة مما يفعلون!

حتى متى ستبقى الدماء والأرواح لا قيمة لها وكأنها مسرحية لا تنتهي، ومشاهدها باتت معتادة للجميع. في حالات لا يمكن فهمها دون أن نفقد شيئاً من عقولنا ورزانتها!

كضرب من الجنون، لا نسمع إلا قمة عربية هنا، واجتماعا هناك، ولا نرى ما يسترد كرامة، ويرفع ظلم دولة.

بين مستنكر ومؤيد.. تبرز العديد من المواقف المضللة للحقيقة، والضبابية الملامح. راكضين طويلا نحو الوطن، وكلما اقتربوا منه، زاد ابتعادا وتقلصا..!

وفي السجون حكاية أخرى تجسد البؤس والديكتاتورية التي لا سبيل للتخلص منها في ظل تآمر الفرعونيين على من لا يملكون سوى قول: حسبنا الله ونعم الوكيل.

يحضرني قول: "قالوا يا فرعون مين فرعنك؟، قال: ما لقيت حدا يردني". ألا يكفيهم التاريخ المعلق داخل الإطارات القديمة؟ ألم يعتبروا من ماض كان كفيلا بشرح كل هذا؟
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم