وصف الدكتور كمال
الجنزوري رئيس الحكومة
المصرية الأسبق، الحكومة المقبلة في مصر بأنها ستكون أشبه بـ"حكومة الحرب".
وقال الجنزوري، رئيس الحكومة الأسبق، ومستشار الرئيس المنتخب محمد مرسي، وأهم شخصية
اقتصادية تستعين بها سلطات
الانقلاب حاليا لمواجهة الأوضاع الاقتصادية المتردية بمصر: "لابد أن ندرك أننا في حالة حرب، لأننا نعيش في فترة فارقة في تاريخ مصر، وسنكون كدولة ونظام وحكومة في المرحلة القادمة في مرحلة حرب، ليست بمعني حمل السلاح، ولكنها حرب تتطلب أمورا ضرورية كي نواجهها".
وأضاف -في حوار مع جريدة أخبار اليوم الصادرة السبت 14 شباط/ فبراير 2014- : "أتوقع من الرئيس والحكومة ومجلس الشعب أن يشعروا بأن مصر في حالة حرب، والدليل علي ذلك أننا كنا نصطدم في عام 1956 مع 3 دول: إسرائيل وفرنسا وانجلترا، ولم نهاجم، وفي حرب 73 لم نهاجم، والنهاردة شعرنا بأن وسائل الإعلام الغربية تهاجمنا بشراسة".
وقال: مطلوب أن ننظر إلي بعيد كي نري ما يواجهنا فمشكلتنا ليست في الحدود الشرقية ولا الغربية ولكن مع ما يدبر ويخطط إعلاميا ومخابراتيا، فعدد أجهزة المخابرات الموجودة حاليا في مصر كأجهزة مخابراتية لدول الغرب يفوق أي رقم لأي دولة في العالم، وبالتالي المطلوب نظرة أبعد من النظرة الضيقة للحدود الجغرافية فقط، وفي الوقت نفسه يجب عدم النظر للخلف بمعنى عدم الانشغال بالماضي.
وتابع أنه ما دام الأمر أنها حالة حرب، فعنصر الوقت مهم، والوقت يُحسب في حالة الحرب بالساعة، وليس باليوم أو الشهر، كما أنه في حالة الحرب لابد أن تكون هناك وحدة للشعب، فالشعب يتناسي كل شيء، في حرب 6 أكتوبر 1973 لم تسجل الداخلية أي جرائم سرقة، ومن 25 يناير إلي 11 فبراير 2011 لم تسجل إصابة أو طوبة على كنيسة".
واسترسل: "المهمة المباشرة لنا في حالة الحرب أن تجد الشعب آمنا ثم تحقق الشق الثاني الاقتصادي لأن السياحة والاستثمار يأتي لك مع الاستثمار المصري ثم صوتك يظهر للعالم فتتحسن علاقاتك الخارجي. وحالة الحرب هي التي تفرض التعامل مع المحاور الثلاثة في وقت واحد، والأولوية للأمن الذي سيتحرك بعده الوضع الاقتصادي ثم الخارجي مع الأمن وعلاقته بالخارج، لذلك لابد أن نتحد، ولو سنة واحدة بس".
وطالب الجنزوري بالرؤية الشاملة للقريب والبعيد، ومعرفة أن أبعاد الأمن القومي لا تقف عند مجرد تأمين الحدود، وانما تمتد إلي كل جوانب الأمن الداخلي، والمطالب الأساسية: من عدالة اجتماعية، وما ترتكز عليه من عدالة توزيع الدخل، بما يحقق توفير لقمة العيش، وتحسين التعليم، وتطوير الصحة، وتوفير الإسكان، والنهوض بالإعلام والثقافة، وتحقيق العدالة الناجزة والأمن الفاعل.
وأشار إلى أنه بعد خروجه من الوزارة قابل المشير
السيسي مرات عدة، وأن محور الحوار بينهما تناول الوضع العام في مصر، والحديث عن أمور أمنية، وسياسية.
الوضع الاقتصادي:
وحول الوضع الاقتصادي قال إن فيه صعوبة لو قورن بأي فترة مضت.. مثلا عام 2000 كان الدين المحلي الحكومي الذي يظهر في الموازنة العامة للدولة يقدر بـ 147 مليار جنيه. النهاردة هذا الدين أصبح 1600 مليار جنيه بما يوازي عشرة أضعاف، ولا نستطيع أن نقول أن السنوات الثلاث الأخيرة هي السبب لأن الدين في عام 2010 كان يقترب من تريليون جنيه، ونفس الأمر فيما يتعلق بالدين الخارجي الذي كان 33 أو 34 مليارا وأصبح الآن يتجاوز 50 مليارا.
وأضاف: بالطبع نتيجة توقف الإنتاج زادت الواردات سنة بعد أخري إلي أن وصلت إلي 60 مليار دولار، مما يعني أن قيمة الواردات 5 مليارات كل شهر بما يتساوي مع دخل قناة السويس في السنة.
وتابع: إذا تركنا الدين الحكومي والدين الخارجي نجد معدل النمو أقل من 2%.. بما يعني أن معدل النمو أقل من معدل النمو السكاني فمعني هذا أن مستوي معيشة الفرد يقل يوما عن يوم، ولو وصلنا للبطالة سنجد حجم القوي العاملة 27 مليون نسمة بينما القوي العاملة الرسمية التي تعمل بالفعل عددها 23 مليون نسمة. معني ذلك أن لدينا 4 ملايين عاطل رسميا لكن الحقيقة أكبر من هذا، فرقم البطالة يصل إلي 14 %، وهذا رقم كبير مقارنة بأي دولة في العالم.
واسترسل: إذا جئنا للحديث عن التضخم سنجده وصل إلي ما يفوق 15 أو 16 %، وكل هذه المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن الوضع الاقتصادي غير محتمل فلو وضعنا الشأن الأمني ثم الشأن الاقتصادي ثم الشأن الخارجي سنجد أننا في وضع سيئ.
وتابع: لو أخذنا المفردات التي تتعلق بالمواطن، وأساسيات حياته سنجد القمح إنتاجنا منه 66% ونستورد 44% وهو أمر خطير لأنه يتعلق برغيف العيش، والسكر ننتج منه 66% ونستورد الباقي، وزيت الطعام وهو شيء أساسي ننتج منه 20 % ونستورد 80% أما إذا جئنا للبروتين الحيواني فالشق الخاص باللحوم الحمراء ننتج 700 ألف طن، ونستهلك مليون طن، ولو أخذنا الإنتاج الحيواني كله من لحوم حمراء وبيضاء والبيض والألبان سنجد نصيب الفرد بمصر 19 جراما في اليوم يعني ما يقرب من 7 كيلو جرامات في العام، بينما المعدل العالمي من 11 إلي 29 كيلو جراما في السنة.
وأشار إلى أنه من ضمن الخلل الموجود الخلل في الموازنة فعجز الموازنة هذا العام «2014/2013» بلغ 715 ملياراً منها 24% أجورا، و30% دعما لذا في أي تحرك لابد أن أذهب للدعم أو للضرائب، لكن عندما تحرك الدعم أو تحرك الضرائب فلن يدفع الثمن إلا الفئة المتوسطة والفقيرة، هذا مع وجود البطالة وزيادة الاسعار. وسوف يأتي يوم نضطر أن نتعامل فيه مع الدعم والضرائب، لكن بعد أن يدور الإنتاج وتشتغل العمالة لتكون الوطأة أخف".
من هنا نبدأ
ولعلاج الوضع السابق اقترح الجنزوري في حواره وضع خطة عاجلة مدتها عام أو عام ونصف العام، "نبدأ فيها من الغد تتعلق بالزراعة والصناعة والتشييد، وخطة بعدها للخروج من الوادي القديم قد تستغرق 4 سنوات، ولا مخرج لنا سواها".
واستدرك: لكن قبل هذه الخطة العاجلة، هناك ناس جعانة وعريانة ومحبطة وشديدة الفقر.. الطبقة محدودة الدخل والمعدمة.. كيف نُشعر المواطن البسيط أن هناك شيئاً جديدا مختلفا.. كيف أقدم له النموذج الثالث القريب من نظام ثورة يوليو الذي يتوجه للغالبية العظمي من الناس؟ وكيف أعمل بخطوات عاجلة على أن يشعر المواطن بأن هذا الوطن له مكان ونصيب فيه؟
وتابع: "هناك حلول إذ يمكننا تقديم إعانة بطالة لمدة عام أو عامين لنحو 3 ملايين عاطل حتي يجدوا عملا، ويمكننا إيجاد وسيلة مناسبة لربات الأسر «المرأة المعيلة» والمعاقين كقرض حسن لإقامة مشروع أو معونة شهرية لمدة عام حتي تتحرك عجلة الإنتاج، ولا يمنع أن أوفر 20 مليار جنيه لهذا الغرض من أجل طمأنة الناس.
وأوضح أن العدالة الاجتماعية ليست مجرد تحسين دخل الفرد لكنها تتحقق بتعليم افضل ومسكن يوفر الحد الادني من سبل المعيشة الصالحة، ومع كل هذا كفالة الأمان لحياته في الشارع والمدرسة والعمل.. ولكي تتحقق لابد أن تكون كل هذه الخدمات موجودة: خدمات صحية لا اقول مثالية ولكن أفضل حالا.. وكذلك التعليم والإسكان والعدالة الناجزة والأمن.
ولكي يشعر المواطن بأن هناك تنمية حقيقية لا أقف على محور السويس فقط، وإنما يحتاج المواطن إلى أن يشعر بأن هناك طفرة كبيرة هائلة تتحرك في الوطن المصري كله لأن مواطن جنوب الصعيد لن ينتظرك وانت شغال في سيناء ومواطن شمال الصعيد مش حيشوف انت فين غير لو كنت عنده.
واقترح وجود كتائب للتعمير لتنفيذ هذه المشروعات، وليس المقصود كتائب التعمير العسكرية فالأمر يتطلب كتائب تعمل ملتزمة بالانضباط.. فيكون هناك من الجنود المسرحين من الجيش لا خوف، وهذا حصل بمديرية التحرير في الخمسينيات عندما استصلحنا 230 ألف فدان، وظلت إلي اوائل التسعينيات هي التي تعطينا الخضر والفاكهة للمجمعات الاستهلاكية بنصف السعر.
من هو كمال الجنزوري؟
كمال الجنزوري (ولد في 12 يناير 1933 بالمنوفية)، رئيس وزراء مصر الأسبق، وقد كلفه المجلس العسكري بتشكيل الحكومة في 25 نوفمبر 2011، وكان قد تولى رئاسة الوزارة قبل ذلك بالفترة من 4 يناير 1996 إلى 5 أكتوبر 1999، وهو صاحب فكرة الخطة العشرينية التي بدأت في 1983 وانتهت عام 2003، إذ دخلت مصر بعد ثلاث خطط خمسية مرحلة الانطلاق.
ولُقب بوزير الفقراء والوزير المعارض لما ظهر منه في وقت رئاسته الوزراء وعمله الذي اختص برعاية محدودي الدخل. وكان محافظاً لـ(لوادي الجديد) ثم محافظاً لـ (بني سويف) قبل أن يدير معهد التخطيط القومي ثم يصبح وزيراً للتخطيط فنائباً لرئيس الوزراء، ثم رئيسا للوزراء 1996-1999.
وبعد خروجه من رئاسة الوزراء، اعتزل العمل السياسي، وصرَّح في لقاء تلفزيوني في فبراير 2011 بأن نظام مبارك ضيَّق عليه، وحاصره إعلامياً بعد مغادرته رئاسة الوزراء حتى إنه لم يتلق مكالمة هاتفية واحدة من أي وزير، ثم رشحه المجلس الأعلي للقوات المسلحة منذ ثورة 25 يناير برئاسة المشير طنطاوى لرئاسة الوزراء، وكلّفه بتشكيل الحكومة معلناً أنه سيكون له الصلاحيات كافة ، يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، حتى رحل في عام 2012، ثم عينه الرئيس المنتخب محمد مرسي مستشارا له، وأخيرا: عينه الرئيس المؤقت مستشارا له أيضا.