مشكلة توني
بلير لمن لا يعرفه (رئيس الوزراء البريطاني السابق) والمبعوث الدولي للرباعية الدولية هي استمراره في الحديث عن التاريخ الذي سيحاكمه وهو حاكم عادل، وأنه مستعد للمحاكمة أمام التاريخ. كلام بلير بالنسبة لمارينا هايد في صحيفة "
الغارديان" ينضح بالعجرفة فهو يفترض "أبديته"، لأن مشكلة التاريخ أن من يحاكمهم عادة ما يكونون رحلوا، وفي حالة بلير هناك مشكلة، وهي كيفية وقوفه أمام قاضي التاريخ، إذ أن الأمر في حالته قد يكون متاحا إذا كانت الكرة الأرضية قد عقدت معاهدة تسليم المجرمين مع الغرفة السماوية رقم 357 التي يتخيل بلير أنه ذاهب إليها بعد مغادرته الأرض ويعيش هناك إلى الأبد!!
وتتمنى الكاتبة لو كانت هناك طريقة للاحتفاظ بجثة بلير مجمدة إلى حين تمكن الباحث في علم التبريد "كريجونيك" من استعادتها، حيث بردت في جبال الألب وإيقاظها من سباتها، وعندها سيكون أمام بلير فرصة لمواجهة التاريخ!!
ووجهة الحديث عن بلير هي تصريحاته التي أطلقها ودعا فيها إلى دعم الانقلاب العسكري في مصر، وقوله إن المشير عبد الفتاح
السيسي يقوم بوضع مصر على مسارها الديمقراطي مرة أخرى. وتتخيل الكاتبة محكمة في الحياة الأخرى ستكون مخصصة للذين يؤكدون على أهمية حكم التاريخ عليهم. ومن بينهم بالطبع بلير الذي سيجلس بالطبع على كرسي في الغرفة تلاحقه كتب التاريخ في غرفة الاستقبال المجهزة بكاميرا فيديو مصممة كي تنقل كل حركة وهمسة من الأفعال الخاطئة التي ارتكبها. وبالطبع سيكون الحدس هو ما سبب خطأ بلير في حكمه على التاريخ، وكل تدخل له في الشؤون العالمية للقرن الحادي والعشرين.
وتقدم الكاتبة سلسلة من التخيلات التي تتمنى حدوثها لبلير، خاصة أحكامه على مصر التي أعلن فيها أن إطاحة العسكر بأول رئيس منتخب "يمثل تقدما مثيرا في الشرق الأوسط، إلى جانب القمع العنيف وخرق حقوق الإنسان التي تبعت التدخل العسكري". ولا يُعرف إن كان بلير يلاحق أرنبا أبيضا لجحره، فهو يعيش في عالمه الغرائبي منذ زمن كي يقوم بتطبيق منطقه الذي يبدو مثل الهراء.
وتقول إن مواصفات الجودة التي منحت له بعد انزلاقه في طرق الرعب التي منحها له كل من سيلفيو برلسكوني ومعمر
القذافي إلى حسني مبارك علامة كفيلة بجعل أي شخص يحصل عليها يتخلى عن البحث عن تأمين وظيفة دائمة. وتشير إلى أن من يصاب بعدوى بلير يخسر مكانته ونفوذه، والمثال الأوضح هو عندما قضى المغني كليف ريتشارد عطلة صيف مع عائلة بلير المبجلة، ومنذ تلك الواقعة تغير المغني، وكأنه أصيب بداء الشؤم، وهو الارتباط ببلير.
وتقول الكاتبة إن بلير يبدو أن لديه أثر على الشرق الأوسط، وتستخدم هنا وصفا نابيا حول من يحب القيام بأعمال شاذة مع الفتيات، لكن أثر بلير التحرشي يصيب كل شخص إلا "ثروته الشخصية".
وتضيف إن اللغز هو عدم اعتراف بلير بأثر أفعاله على الآخرين، ولا تجد الكاتبة طريقة لوضعها وتذكيره بها، فهو على ما يبدو الآن شخص فقد عقله. وفي الوقت الذي كانت مارغريت تاتشر (رئيسة الوزراء البريطانية) نسخة طبق الأصل عن صورتها، فبلير الآن تماهى مع صورة تشبه "الرجل بالنظرة المجنونة" التي هي علامة فارقة في رسومات رسام الكاريكاتير ستيف بيل.
وتختم بالإشارة إلى تصريحاته حول مصر، والتي قال فيها "تعرف، يمكننا الجلوس ومناقشة الماضي، ولكن لن يقودنا إلى شيء" وهذا يؤكد كما تقول الكاتبة "تخصصه في التاريخ، ولكن من خلال رؤية شبه دينية ومستقبلية ترفض الحديث عن الوقائع الحالية".