تحضّر
مصر لعصر من الحكم المطلق والمتشدد، بعد ثلاثة أعوام من سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وذلك بعد أن منح المجلس العسكري المصري مباركته لقائد الجيش كي يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة المصرية التي سيعلن عنها قريبا.
وقالت صحيفة "الغارديان" إن عودة مصر لعصر حكم القوي يأتي في ظل النقاش المستمر حول إمكانية دخول
السيسي الرئاسة بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد
مرسي في تموز/يوليو.
وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي ترك الشارع المصري يتكهن حول رغبته في الرئاسة، ولم يعبر هو شخصيا عن نية ترشيح نفسه، لكن سلسلة من التحركات المصممة بشكل جيد تعطي صورة عن رغبته، وتؤكد أن دخوله الميدان السياسي بات محتوما.
وبدأت هذه الخطوات بإعلان عدلي منصور، الرئيس المؤقت عن ترقية السيسي إلى رتبة (مشير). وبعد ساعات من إعلان الرئيس سارع المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى إصدار بيان دعا فيه السيسي للاستجابة لواجبه الوطني ولرغبات الشعب المصري.
وينقل التقرير عن مصادر مقربة من السيسي قولها إنه ينتظر فتح باب الترشيحات قبل أن يعلن عن قراره، خاصة بعد تقديم الرئيس المؤقت منصور الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية في تعديل على خارطة الطريق، حيث ستجرى غالبا في إبريل/ نيسان، مع أن اللجنة العليا للانتخابات لم تقرر بعد.
ونُقل عن سامح سيف اليزل، الذي كان زميلا للسيسي في الاستخبارات العسكرية قوله "أتوقع ان يرشح نفسه للرئاسة"، ولكن "عليهم الإنتظار حتى تعلن اللجنة العليا للانتخابات عن المواعيد".
وبحسب ضابط في الشرطة ذكر نفس التوقعات، وأن السيسي ينتظر فتح باب الترشيحات "توقعاتي أنه سيذهب من أجلها، لأن معظم الرأي العام سيشعرون بالحزن لو لم يفعل، ولن يدعموا أي مرشح مدني".
وأشار التقرير إلى الحملات التي أعلنت لدفع السيسي كي يترشح؛ من المظاهرات في ميدان التحرير إلى المواد التذكارية التي تحمل صورته؛ من قطع الشوكولاتة إلى الملابس الداخلية التي تباع في كل أنحاء مصر، فيما يزعم مجموعة من داعمي المشير إلى أنهم جمعوا ملايين التوقيعات لحفزه على ترشيح نفسه. ونقلت الصحيفة عن مسؤولة الحملة قائلة "ترقيته اليوم لمشير أفرحت الناس".
ولكن الصحيفة تشير إلى صعوبة تحديد طبيعة الرد الشعبي، وفي الاقتراع على الدستور صوتت نسبة 98% عليه بنعم، ما يعني دعما شعبيا للسيسي، مع أن هذه نسبة المقترعين للذين شاركوا وهي نسبة لا تتعدى 38% بالمئة ممن يحق لهم التصويت. وأظهر استطلاع لمركز زغبي للاستطلاعات أجري الشهر الماضي انقساما مصريا حول قرار الجيش الإطاحة بمرسي في 3 تموز/ يوليو العام الماضي.
وعبر الناشطون العلمانيون عن إحباطهم بسبب ترشح عسكري آخر للرئاسة بعد ثلاثة أعوام من الإطاحة بالمخلوع مبارك، وكان السيسي مسؤولا للمخابرات الجوية وعضوا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي تولى السلطة بعد مبارك، وتعرض لانتقادات من الشعب المصري.
ونقل التقرير عن الناشط أحمد عبدالله قوله "ليس جيدا، ويرسل رسالة بأن 3 تموز/ يوليو كان إنقلابا". وأضاف " لم نذهب إلى 25 يناير أو 3 يوليو لنحصل على هذا" أي السيسي.
ويقول محللون إن السيسي يتمتع الآن بشعبية واسعة، ولكن مشاكل مصر عظيمة، وقد يندم على تركه الجيش ودخوله السياسة.
ونقل عن المحلل المصري مايكل حنا في "مؤسسة القرن الجديد" قوله: "على المستوى الشخصي هي مقامرة كبيرة"، وكرئيس "لن يجد السيسي مدنيين كي يلقى عليهم الغضب الشعبي عندما لا تتحسن الأمور، وسيفوز في الانتخابات لكن المصريين أثبتوا أنهم شعب متقلب عندما يتعلق الأمر بدعم الشخصيات العامة".
وقرار السيسي ليس مقامرة شخصية له وحده، بل للجيش أيضا، لأن فشل السيسي سينعكس على المؤسسة العسكرية وسيشوه سمعتها، "ولكن من الصعب تخيل قيام الجيش بعمل نفس الأمر الذي فعلوه مع مرسي، وحدث لمبارك بعد عدد من السنوات، ويبدو من الصعب حدوث هذا مرة أخرى".
وتقول الغارديان إن كبار الضباط يدعمون السيسي، ونقلت عن ضابط بارز قوله "صحيح أن الرئاسة كأس مسمومة، ولكن من بين كل المرشحين، هو الشخص المؤهل لحل مشاكل مصر، إنه مقاتل".