الإعلام
المصري الذي احتفى بوائل غنيم عقب انتصار
ثورة "25 يناير" 2011، هو ذاته اليوم الذي يشن حملة
اغتيال منظمة ضده، ليس آخرها ما أقدم عليه عبدالرحيم علي؛ عنصر جهاز أمن الدولة المتنكر بزي باحث حيناً، وزي صحفي حيناً آخر.
فالباحث والصحفي عثر، من دون خلق الله، على تسجيلات تثبت تورط غنيم بعلاقة مع الإخوان المسلمين، نتج عنها مؤامرة "25 يناير".
والثابت أن وثائق "أمن الدولة" التي استولى عليها الثوار، كشفت أن علي لم يكن غير كادر في الجهاز يكلف بمهام إعلامية وأمنية. وبعد نجاح الانقلاب وعودة "أمن الدولة" بكل تفاصيله، تهيأت الفرصة للانتقام من كل من ساهم بثورة "25 يناير"؛ من الإخوان إلى حركة "6 أبريل" وصولا للشباب المستقل، مع أن هؤلاء كان لهم موقف سلبي من حكم محمد مرسي، وشاركوا في
مظاهرات "30 يونيو" 2013، لكنهم صدموا عندما تعرفوا على دموية الانقلاب.
ومع أن "6 أبريل" اتخذت موقفا معارضا لينا من العسكر، إلا أن هذا لم يشفع لها. والمفارقة الأكبر أن وائل غنيم الذي انسحب من المشهد تماماً تعرض لحملات التشويه والاغتيال.وائل غنيم ليس مخبرا فاشلا؛ هو قصة نجاح مهني. إذ عمل في "غوغل" التي يطمح إلى العمل فيها كل شاب في العالم.
ومثل أي راغب في التغيير، وكملايين من الشباب العربي، انخرط في عمل سياسي أثناء دراسته الجامعية، والإخوان هم التنظيم الأكثر حضورا. لكنه لم يبق في التنظيم طويلا، ووجد في فضاء شبكة الإنترنت إمكانات أرحب للتواصل والتنظيم والتأثير.
وكانت صفحة "كلنا خالد سعيد" الإلكترونية، ميدان الثورة الافتراضي الذي تجمع فيه الشباب المصري الغاضب، وكان مشرفو الصفحة من كل الاتجاهات.
في الصفحة كان عمرو القزاز؛ الشاب الإخواني، وأحد مؤسسي شبكة "رصد". وقد اختار معارضة الانقلاب، فاعتقل، وهو يواجه تعذيبا قاسيا.
وفي الصفحة عبدالرحمن منصور الذي أيد مظاهرات "30 يونيو"، لكنه انسحب بعدها ليكمل دراسته في أميركا. هؤلاء الشباب لم يكونوا أملا لذويهم فقط، ولا لمصر وحدها، بل لجيل كامل رأى فيهم مثالا وقدوة.
لن يحطموا المثال والقدوة، وسيظل هؤلاء الشباب ثورة لا تتوقف، ولو غيبتهم القبور أو المعتقلات أو المنافي. وقد كتب غنيم ردا مطولا على افتراءات "أمن الدولة"، يظهر فيه شيء من رفعته، كان مما جاء فيه: "لم أحقق أي مكاسب من ثورة يناير، ولم أتاجر أبدا بدوري الذي لم يتعد واجبا شخصيا ومسؤولية وطنية ساقني القدر إليها دون تخطيط مني.
وحرصت بعد الثورة ألا أخرج في وسائل الإعلام إلا فيما ندر، فعدد مرات ظهوري الإعلامي لي طوال عامين ونصف العام من الثورة لم تزد على أصابع اليد. ولم أسع طوال تلك الفترة للبحث عن منصب أو مصلحة شخصية أحصل عليها بشكل مباشر أو غير مباشر.
وعندما عرضت دار نشر أن أكتب كتابا يوثق تجربتي في الثورة، أعلنت بوضوح عن قيمة التعاقد عبر الإنترنت وفي وسائل الإعلام، وأن مليما واحدا من هذه الأموال لن يدخل في جوف ابن من أبنائي، في الوقت الذي دفع فيه الكثير من أبناء الوطن حياتهم ثمنا لما سأكتب عنه.
ووضعت العائد المادي من الكتاب كاملا لدعم أعمال الخير وعلاج المصابين ومساعدة أسر الشهداء... بل حتى وظيفتي الأساسية تركتها لمدة عامين ونصف العام للمساهمة في إنشاء مؤسسة أهلية لتطوير التعليم في مصر، وكذلك لمحاولة الخروج بالبلاد من تلك المرحلة الانتقالية الصعبة في تاريخنا الحديث".
[email protected]@