في نوبة صراحة نادرة، اعترف أحد وزراء حكومة الانقلاب بالحالة المتردية التي وصل إليها
الاقتصاد المصري بعد خمسة أشهر فقط من إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
وقال وزير التجارة والصناعة
منير فخري عبد النور إن مصر تواجه أزمة اقتصادية طاحنة، ولا بد أن يعمل الجميع من أجل مصر التي "أفلست بالفعل"، لا بد أن نعي ذلك للخروج من الأزمة.
وأوضح خلال لقائه اتحاد العمال يوم الثلاثاء الماضي أن المصريين لا بد ان يعرفوا الحقائق كاملة، مشيرا إلى أن الدين العام أصبح يساوي تقريبا 100% من الناتج القومي.
وأضاف أن الأسعار ترتفع بشكل كبير، والدخل ليس مساو لارتفاع الأسعار، مطالبا المصريين بأن "يشدوا الحزام".
وتابع: الجزء الاكبر من المشكلات هو عجز الموازنة العامة، موضحا ان حجم المصروفات أكبر بكثير من حجم الإيرادات، وربع الإنفاق يذهب إلى دعم الطاقة والربع الثاني ينفق على سداد الديون والربع الثالث للأجور والربع الأخير يصرف على باقي الخدمات مثل الصحة والتعليم والمرافق العامة، محذرا من انهيار المجتمع إذا لم يتم تحقيق العدالة الاجتماعية الشاملة.
أعلى تضخم منذ 2010
ويعاني المصريون من ارتفاع كبير ومتواصل في الأسعار، حيث قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الثلاثاء الماضي إن التضخم بلغ 13 في المئة في تشرين الثاني/ نوفمبر مقارنة مع 10.4 في المئة في تشرين الأول/ أكتوبر مسجلا أعلى مستوى منذ 2010.
وأظهرت البيانات ارتفاع مؤشر أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 في المئة تقريبا. وقال معهد الشرق الأوسط في واشنطن في تقرير حديث؛ إن المشاكل الاقتصادية مثل ارتفاع معدلات البطالة وانقطاع الكهرباء ونقص البنزين كانت وراء الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وإذا لم تستطع الحكومة الجديدة أن تظهر التقدم على تلك الجبهات، فإن الجماهير ستنزل إلى الشوارع مجددا، والوقت يننفذ.
ويقول مراقبون أن الحكومة تتفادى إجراءات التقشف لتجنب رد فعل سلبي جارف قبل الانتخابات المقبلة، لكنها في نفس الوقت لن تستطيع الاعتماد على مساعدات الخليجيين التي بلغت 12 مليار دولار منذ الإطاحة بمرسي، فحينما زار وفد مصري الإمارات الشهر الماضي قال نائب رئيس الوزراء الإماراتي الشيخ منصور بن زايد آل نهيان إن مصر لا تستطيع إصلاح اقتصادها بالاعتماد فقط على المساعدات الخليجية.
خفض الفائدة يرفع الأسعار
وبدلا من اتخاذ اجراءات تخفف من ارتفاع الأسعار، أعلن البنك المركزي المصري عن تخفيض أسعار الفائدة بالبنوك للمرة الثالثة خلال الثلاث شهور الماضية بنحو 50 نقطة مئوية، لتصل إلى 8.25 في المئة، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع والخدمات، بحسب مراقبين.
ويسعى المركزي المصري بقرار تخفيض سعر الفائدة إلى تدعيم النمو الاقتصادي والاستثمار المحلي عن طريق سحب المودعين لأموالهم المحفوظة في البنك وضخها في استثمارات أخرى تساعد على التشغيل والإنتاج وتنشيط الاقتصاد.
واعتبرت مؤسسة بلتون البحثية في مصر أن تخفيض سعر الفائدة بالبنوك للمرة الثالثة في عهد حكومة الببلاوي خطوة غير حكيمة، خاصة مع الأزمة السياسية التي قد لا تؤدي إلى تنشيط الاقتصاد والاستثمار، بقدر ما قد تسفر عن ارتفاع في الأسعار والخدمات، وهو ما قد يزيد من حدة الأزمة الاقتصادي في مصر، بشكل خاص على الفقراء ومحدوي الدخل.
انخفاض احتياطي النقد الأجنبي
وتراجع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري بنحو 825 مليون دولار خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مسجلا انخفاضا للشهر الثالث على التوالي، وأرجع محافظ البنك هشام رامز، ذلك الانخفاض إلى سداد مصر التزامات خارجية والظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
وكانت مصر قد ردت لقطر وديعة بقيمة 500 مليون دولار في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بعد انتهاء أجلها المقرر بنحو عام.
ويغطى الاحتياطى الحالى من النقد الأجنبى نحو 3 شهور من واردات مصر السلعية، وهو معدل مقبول دوليا حسب محللين.
تراجع الجنيه لمستويات قياسية
وقال متعاملون في سوق الصرافة في مصر إن سعر الدولار وصل في السوق السوداء لمستويات قياسية أمام الجنيه، هي الأعلى منذ بداية تموز/ يوليو الماضي، حيث قفز سعر صرف الدولار إلى 7.35 جنيه مصري للشراء، 7.39 جنيه للبيع، فيما استقر وفقا للبنك المركزي عند 6.88 جنيه للشراء و6.91 جنيه للبيع.
وقال محللون إن "ارتفاع سعر الدولار يعود إلى انخفاض المعروض منه بسبب ضعف السياحة، مع زيادة الطلب لاستيراد الحديد، وشراء الدولار كنوع من الادخار، بعد تراجع أسعار الذهب".
وبسبب الوضع المضطرب في مصر، فقد تعرضت السياحة - التي تعد أكبر مصدر للعملات الأجنبية في مصر وأحد أكبر قطاعات التوظيف - لضربات موجعة في الأشهر الأخيرة. ونقلت وكالة رويترز عن رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية شريف سامي أنه بسبب ضعف قطاع السياحة وعزوف الأجانب عن الاستثمار المباشر في البلاد فإن مصر حاليا تعيش "على جهاز التنفس الصناعي".