من نفي التورط لاستجداء عدم الخروج.. ما وراء تدرج تصريحات السيسي حول "الدم" و"السرقة"؟
القاهرة- عربي2108-Jan-2504:37 PM
0
شارك
أثارت تصريحات السيسي المتكررة حول عدم تلوث يديه بالدماء وسرقة المال جدلا في مصر - إكس
أثارت تصريحات رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، المتتابعة منذ نجاح الثورة السورية في إزاحة المخلوع بشار الأسد عن الحكم في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بشأن الحاكم الملوثة يده بدماء شعبه وسارق أمواله، الجدل حول مقصد السيسي من إعادتها لمخاوف لديه من تكرار ما حدث في دمشق، في القاهرة.
ودفع تدرج تصريحات السيسي من نفي تلطخ يده بدماء المصريين وسرقة أموالهم، إلى مطالبة المصريين بالخوف على بلدهم وإن تلطخت يداه بالدماء وبالسرقة لأقواتهم، لإثارة جدل آخر خاصة وأنها تأتي قبل أيام من الذكرى الـ14 لثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.
وفي 15 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وعقب أسبوع من فرار الأسد من دمشق وتولي قائد "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع رئاسة إدارة سوريا الجديدة، قال السيسي أمام جمع مع قادة القوات المسلحة المصرية والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية والصحفيين بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الجديدة: "إيدي لا اتعاصت دم حد (أحد) ولا إيدي خدت (أخذت) مال حد".
لكنه مساء الاثنين الماضي، وخلال وجوده بكاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة لتهنئة المسيحيين بعيد الميلاد، طالب المصريين بالحفاظ على مصر، وعدم الخروج على الحاكم، حتى وإن كان قاتل أو سارق أموال المواطنين.
وقال: "وأنا كإنسان مسؤول عنكم لازم تطمنوا إن أنا كنت دائما بتعامل مع الأمور بشرف كبير وبأمانة كبيرة وبنزاهة كبيرة، لو كان المسؤول عنكم إنسان مش كويس خافوا على بلدكم لو إيده متعاصة بدم الناس خافوا على بلدكم لو إيده واخده أموال الناس خافوا على بلدكم".
اظهار أخبار متعلقة
"تهديد مبطن... ورسائل لهؤلاء" وفي قراءته لتدرج تصريحات السيسي من نفي تلطخ يده بدماء المصريين وسرقة أموالهم لاستجدائه منهم عدم الخروج على حكمه ولو تلطخت يداه بالدماء والسرقة، تحدث عضو "تكنوقراط مصر"، الدكتور سعيد عفيفي، لـ"عربي21".
وقال: "أرى أن تكرار حديث السيسي عن الدماء والسرقة بالأمس في الكاتدرائية أمر مختلف عن المرة الأولى، وأعتقد أنه لم يكن استجداء بعدم الخروج عليه، ولكنه كان تهديدا مبطنا".
وأكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية أن "السيسي يعلم جيدا أن المسيحيين في مصر يعلمون من ارتكب (مذبحة ماسبيرو) 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وإلى من تنتمي تلك المدرعة التي دهستهم بلا رحمة ومن أطلق عليهم النار".
وأضاف: "وبهذا يهددهم السيسي، بأنه لن يتورع عن استخدامهم كبش فداء لإثارة الفتنة الطائفية واستخدامها كورقة أمام المجتمع الدولي، وإراقة دماء جديدة بلا رحمة وإلصاقها بالثورة؛ وليس هذا فقط بل إنه في تهديد مبطن يحاول أن يكشف لهم عن نواياه أن من يخرج عليه سيتم التعامل معه كما حدث في السابق".
اظهار أخبار متعلقة
ويرى عفيفي، أن "السيسي هذه المرة يتكلم بلا فعل حقيقي، ومتخوف ومتوتر لأبعد الحدود، ودائما ما كان يلعب بورقة المسيحيين ودعمهم الدائم؛ لكن ما حدث بالسنوات الأخيرة من انهيار اقتصادي كان له نتائج سلبية على الجميع ومنهم المسيحيون، حيث قل الدعم، وحتى لو التزم الكثير منهم الصمت فهم لم يعودوا يدعمونه وأيضا لا يهاجمونه، وهذا وضع أخذ من شريحة دعم السيسي، الكثير".
وفي إجابته على السؤال: هل يعد تصريحه الأخير اعترافا منه بالخوف من حراك مصري محتمل؟ رد قائلا إن "الأمر لا يحتاج إلى محلل نفسي أو خبير في لغة الجسد"، مؤكدا أن "السيسي كان مرتعدا بشكل واضح للجميع، ولكنه الآن يتحدث ويهدد بالفوضى التي لم تعد تُجدي مع معارضة الخارج أو ثوار الداخل أو حتى المجتمع الدولي، ورغم ذلك يلوح بهذه الورقة، وهذا يدينه علنا".
ويعتقد عفيفي، أنه "يريد أيضا إرسال رسالة للغرب أنه يمكنني إرسال آلاف، بل ملايين المهاجرين الأقباط بافتعال حوادث ومجازر، لكن المجتمع الدولي لن يسمح بذلك، وسيكون ضد السيسي، وليس معنى التهديد بالمهاجرين المسيحيين أن المجتمع الدولي سيدعمه للبقاء وقمع الثورة".
وختم بالقول: "السيسي وصل لمرحلة التهديد لأنه لم يعد لديه ما يقدمه، وما يحدث الآن مجرد إرهاصات ما قبل الرحيل، والأمر مجرد وقت".
اظهار أخبار متعلقة
"يشعر بقرب نهايته" من جانبه، أشار السياسي المصري خالد الشريف، إلى المثل العربي القديم، القائل: "كاد المريب أن يقول خذوني"، موضحا في حديثه لـ"عربي21"، أنه "مثل يُضرب لمرتكب الجريمة الذي أوشك من كثرة شكه بنفسه، ومن كثرة خوفه أن يفتضح أمره، أن يعترف على نفسه من كثرة نظرات الاتهام".
القيادي في حزب "البناء والتنمية"، أضاف: "يبدو أن هذا حال السيسي، الذي تكرر خوفه وهلعه من افتضاح أمره وزوال عرشه خاصة بعد انتصار الثورة السورية وسقوط الأسد، لأنه يعلم أن رياح التغيير اقتربت من مصر التي عانت من طغيانه وظلمه".
وأكد أن "عدوى الحريات سرعان ما تنتقل من الشام إلى مصر والمنطقة، لما يجمعها من عدة عوامل على رأسها اللغة والثقافة والدين والوضع السياسي المشابه للطغيان والدكتاتورية، فضلا عن أن سوريا جزء من الربيع العربي الذي تم التآمر عليه".
أوضح الشريف أن "السيسي يشعر بقرب نهايته مع تصاعد الغضب الشعبي وفشله الاقتصادي والسياسي على كل الأصعدة"، مشيرا كذلك إلى أن "الكل يشعر برياح التغيير في المنطقة والتحالفات الجديدة في ظل طوفان الأقصى وانحسار إيران وانتصار الثورة السورية".
اظهار أخبار متعلقة
ولفت الشريف إلى جانب رابع في حديثه هو "رفع الغطاء الدولي عن المستبدين والطغاة الذين أصبحوا عبئا على أمريكا والكيان الصهيوني والذين كانوا صمام أمن لإسرائيل، والآن تم استنزافهم وانتهى دورهم، وعلى رأسهم بشار الأسد، وإيران التي انتهى دورها في ضرب المشروع السني بالمنطقة".
وخلص للقول إن "السيسي يعيش حالة من الخوف نتيجة جرائمه في حق الدولة المصرية والشعب المصري الذي تعرض للإبادة على يده والسجون التي عانى فيها ولا زال المصريون يعانون كما فعل بشار في (صيدنايا) و(تدمر)، بالإضافة إلى المذابح التي ارتكبها أمام كاميرات الفضائيات في (رابعة)، و(النهضة)، و(رمسيس)، و(سيناء)".
وختم مؤكدا أن "الأمر الأكثر إجراما كان تفريطه في السيادة المصرية سواء في سيناء وجزيرتي تيران وصنافير وبحقوق المصريين في مياه النيل"، مشددا على أنها "جرائم لا تسقط بالتقادم"، موضحا أن "السيسي يشعر بقرب نهايته والتي ستكون مدوية".
اظهار أخبار متعلقة
"توقيت دولي وإقليمي حرج" وتأتي تصريحات السيسي، تلك في توقيت إقليمي حرج، حيث تتواصل الحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وسط غضب شعبي من أدوار إدارة السيسي الداعمة للاحتلال الإسرائيلي التي تحتل محور صلاح الدين وتغلق معبر رفح البري منذ أيار/ مايو الماضي، وسط تراجع رضا تل أبيب عن نظام القاهرة.
كما تتزامن مع صعود تيار الإسلام السياسي، في سوريا، ذلك التيار الذي يعاديه السيسي، منذ انقلابه على أول تجربة حكم لتيار سياسي إسلامي ديمقراطي جاء بعد أول انتخابات نزيهة في تاريخ مصر، والإطاحة بالرئيس محمد مرسي، 3 تموز/ يوليو 2013.
وجاء الموقف الرسمي المصري من الإدارة السورية الجديدة مخالفا لما اتخذته أغلب العواصم العربية والعالمية التي توجهت بوفود إلى دمشق، بل إن القاهرة اتخذت عدة قرارات تشير لمخاوف كبيرة لديها بينها: حظر دخول السوريين، ورفض رفع علم سوريا الجديد على سفارتها بالقاهرة، ما وصفه الصحفي المصري جمال سلطان بأنه موقف "مرتعش ومرتبك".
ووفق مراقبين، يتخوف السيسي، من عودة تيار الإسلام السياسي للحكم في مصر على طريقة سوريا التي تشهد توهجا لهذا التيار، خاصة وأنه على الجانب الآخر تنامت آمال ذلك التيار في العودة للقيام بأدواره السياسية والمجتمعية، في توجه قد يعززه حالة الغضب الشعبي في الشارع المصري.
اظهار أخبار متعلقة
ودوليا، تأتي تلك التصريحات في توقيت يعود فيه إلى البيت الأبيض٬ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويغادر فيه الرئيس جو بايدن، الذي اتخذ قرارا مثيرا الاثنين الماضي، اعتبره مراقبون ضربة متأخرة من بايدن وموجهة لملف السيسي في حقوق الإنسان.
وقبل مغادرتها بأيام قررت إدارة بايدن تحويل مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليون دولار كانت مخصصة لجيش مصر إلى لبنان، وذلك رغم إعلانها في أيلول/ سبتمبر الماضي، تجاوز شروط حقوق الإنسان فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية، ومنح القاهرة مخصصاتها الكاملة البالغة 1.3 مليار دولار، ومنها 95 مليونا المرتبطة بإطلاق سراح السجناء السياسيين.
"الإسقاط العكسي" ردود الأفعال على تكرار حديث السيسي وتدرجه من النفي إلى الاستجداء، جاءت عديدة ومنها قول الإعلامي الفلسطيني نظام المهداوي: "يُطلق على هذا السلوك مصطلح الإسقاط العكسي أو الإسقاط الدفاعي، وأحيانا يُربط بآلية الدفاع النفسي مثل الدفاع الإسقاطي"، ملمحا إلى حالة يدرك فيها الشخص لذنب بداخله، يحاول نفيه أو التخلص من القلق المرتبط به عبر إنكاره بشكل مفرط أو غير مبرر.
اظهار أخبار متعلقة
في علم النفس، يُطلق على هذا السلوك مصطلح الإسقاط العكسي أو الإسقاط الدفاعي، وأحيانًا يُربط بـ آلية الدفاع النفسي مثل "الدفاع الإسقاطي".
هذا النوع من السلوك يشير إلى حالة يكون فيها الشخص مُدركًا على مستوى ما لصفة أو ذنب بداخله، لكنه يحاول نفيها أو التخلص من القلق المرتبط بها عبر… pic.twitter.com/HoxIGsMbrL
— نظام المهداوي - Nezam Mahdawi (@NezamMahdawi) January 6, 2025
وقال حزب "تكنوقراط مصر"، إن "السيسي يورط نفسه بكلمته من الكاتدرائية"، مشيرا إلى أنه "ظهر متوترا"، فيما تساءل عبر موقع "إكس": "هل نسي السيسي، مجازر ماسبيرو ومحمد محمود (2011)، واستاد بورسعيد (2012)، ورابعة والحرس الجمهوري (2013)، وأحكام الإعدام بتهم ملفقة".
السيسى يورط نفسه من جديد فى كلمته من الكاتدرائية فى احتفالات عيد الميلاد
حيث ظهر السيسى متوتر بشكل ملحوظ وحاول التأكيد مرار على أنه يرعى مصالحهم
وكرر انهم عليهم أن يخافون إذا كانت يداه تلوثت بدم احد او سرق مال احد
هل نسى السيسى
ماسبيرو و محمد محمود و رابعة و الحرس الجمهور واستاد… pic.twitter.com/ALruxZCQfa
وأكد الباحث المصري في الشؤون العسكرية محمود جمال، أنه "على السيسي ومستشاريه أن يعلموا أنه منذ تموز/ يوليو 2013، إلى الآن مدة ليست بالطويلة والدماء التي سالت في عهده لم تجف ومحفورة في الأذهان ومسجلة بالصوت والصورة".
وقالت الناشطة شيرين عرفة: حينما تحدث عن أن يده لم تتلوث بالدماء، ولم يسرق أموال الناس، أكد الفكرة، وتبعه إطلاق هاشتاغ "#الرئيس_المتعاص"، مضيفة أنه بتكرارها وبنفس الصيغة، "تعلم أنه وصل لحالة من الرعب والهوس والجنون، أفقدته السيطرة على ما يصدر منه من أقوال وأفعال"، مشيرة إلى "عيونه المنتفخة وتعبيرات وجهه المتشنجة".
حينما تفكر ..
بأن #السيسي مثل أي رئيس، لديه فريق من المستشارين والعقلاء، والذين نصحوه -بالتأكيد- حينما تحدث المرة الماضية عن أن يده لم تتلوث بالدماء، ولم يسرق أموال الناس، أن هذا الأمر قد أكد الفكرة .. وتسبب في إطلاق هاشتاج كان الأعلى في #مصر وهو #الرئيس_المتعاص
"وضع شعبي على فوهة بركان" وإزاء حالة الغضب الشعبي المتصاعد مع تفاقم الأسعار وتراجع مستوى الخدمات وزيادة نسب الفقر في البلاد، بحسب آخر تقارير البنك الدولي والتي احتسب فيها خط الفقر بنحو 6.85 دولار يوميا بدلا من 2.15 دولار يوميا، يقابل الأمن المصري أي تعبير عن الغضب بالاعتقال دائما، وبالقتل أحيانا أخرى.
اظهار أخبار متعلقة
وعبر هاشتاغات "#ثوره_تحرير_مصر"، و"#جاك_الدور_يا_ديكتاتور"، و"#الرئيس_المتعاص"، الذي أطلقه المصري المقيم في سوريا حمد حماد المنصور وهاجم فيه السيسي بعد اعتقال أفراد من أسرته، تحدث مصريون عن غضبهم من جرائم التصفية الجسدية والاعتقالات التي ترتكبها قوات الشرطة والجيش بحق المصريين.
وبحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، جرى اعتقال المحامية فاطمة الزهراء غريب (50 عاما)، من مدينة أسوان جنوب مصر منذ 20 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وإخفاؤها قسريا قبل أن تظهر بالقاهرة أمام نيابة أمن الدولة العليا، للتحقيق معها بتهمة كتابة عبارات "مسيئة" للسيسي على جدران شارع بأسوان، احتجاجا على سوء الأحوال المعيشية وغلاء الأسعار.
وذهب البعض للتعبير عن مخاوفهم من سيناريو الفوضى الذي لوح به السيسي مرارا، مشيرين لتعدد الحرائق الخطيرة بالقاهرة الكبرى، آخرها حريق مروع في خط أنابيب غاز بوتاجاز (بلبيس- الخانكة) شمال شرق القاهرة، نتج عنه مصرع شخص وإصابة 8 آخرين، ظهر الثلاثاء.
اظهار أخبار متعلقة
تبعه حريق في مطعم سوري شهير بمنطقة فيصل بالجيزة غرب القاهرة المكتظة بالسكان، مساء الثلاثاء، وذلك في توقيت تشدد فيه السلطات المصرية القيود على السوريين المقيمين لديها.
وقال السيسي في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، "ممكن أهد مصر بـ2 مليار جنيه، أدي باكتة (مخدر البانجو) و20 جنيه وشريط ترامادول لـ100 ألف إنسان ظروفه صعبة، أنزله يعمل حالة"، في إشارة لعمل اضطرابات في الشارع المصري.