تحديات كثيرة
تواجه قيادة
سوريا الجديدة بعد نجاحها في إسقاط نظام
بشار الأسد، واستحقاقات
على الصعيدين الخارجي والداخلي.
منذ الساعات
الأولى لدخول الفصائل العاصمة دمشق، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي ضرباته على مواقع
عسكرية في مختلف أرجاء المحافظات السوري، وقامت قواته بتوغل بري في مناطق قريبة من
دمشق جنوب سوريا.
داخلياً، ما
زالت المدن السورية تعاني من بعض حالات الانفلات
الأمني، وعمليات السطو التي تقوم
بها عصابات تستغل حالة الفراغ الأمني، الناجمة عن تبدل الطرف المسيطر بشكل
دراماتيكي.
اظهار أخبار متعلقة
ضمان الاستقرار
ويبدو أن
"فرض الأمن" هو أولوية
الحكومة الانتقالية التي شكلتها إدارة العمليات
العسكرية برئاسة محمد البشير، وأكد مصدر لـ"عربي21" من دمشق، مبينا
أن "الحكومة تبذل جهداً كبيراً في سبيل تغطية كل المناطق السورية أمنياً".
وأشار المصدر
إلى "الفراغ الأمني" الكبير الناجم عن انهيار قوات النظام وجهاز الشرطة،
لافتاً إلى أن الحكومة "تبذل كل ما بوسعها لملء الفراغ، بالاعتماد على أجهزة
الأمن التي كانت تعمل في إدلب، وعلى المقاتلين".
بالتوازي،
افتتحت إدارة العمليات العسكرية أكثر من مركز للتسوية في مدن حلب وحمص وحماة وطرطوس
واللاذقية، وذلك بهدف تسوية أوضاع عناصر قوات النظام السوري، والسيطرة على انتشار
السلاح.
اظهار أخبار متعلقة
توحيد القوى
العسكرية
وعلمت
"عربي21" من مصادرها أن الفصائل السورية تبحث حالياً حل نفسها تمهيداً
لتشكيل جيش جديد، بهدف ضبط الجيش، ونزع السلاح.
وقال مصدر من
"الجبهة الشامية" التابعة لـ"الجيش الوطني"، إن "الخطوات
اللاحقة بعد حل الفصائل هي الإعلان عن جيش موحد يتبع وزارة الدفاع".
وأضاف المصدر أن
"العمل يجري الآن على إيجاد صيغة، تضمن ذوبان التشكيلات في جسم عسكري واحد".
اكتساب الشرعية
أما الباحث
بمعهد "الشرق الأوسط" في واشنطن سمير التقي، فيرى أن التحدي الأساسي الذي
يواجه قيادة سوريا الجديد، هو استكمال طريق الحرية، مبيناً أن "اكتساب
الشرعية ليس بالقوة والغلبة، بل عبر توسيع التحالفات ودائرة الاحتواء، وضبط
القانون العام والمجتمع بطريقة تسمح بحالة من الأمان والسلم الأهلي".
وأَضاف
لـ"عربي21"، أن تحقيق ما سبق يتطلب مخاطبة كافة المكونات السورية،
للمساهمة سياسياً في إنتاج دستور جديد، معتبراً أن "سوريا لا يمكن أن تحكم من
مكون واحد، أو عقيدة مسبقة تفرض على المجتمع".
وأوضح التقي، أن
المجتمع السوري هو من المجتمعات المتنوعة دينياً وعرقياً وسياسياً وثقافياً، وقال:
"هناك كتلة في المدن لها تصورات مختلفة عن تصورات الكتلة المتعصبة".
اظهار أخبار متعلقة
عيش مشترك
ومن بين
التحديات الملحة، وفق التقي، صياغة شروط عيش مشترك بين كل المكونات، وبشكل طوعي،
وقال: "لن يتم صياغة مشروع وطني سوري إلا في إطار توافق بين المكونات على
شروط العيش المشترك".
وبحسب التقي،
فإن شروط ذلك باتت ممكنة، من خلال الدعوة إلى مؤتمر وطني يبحث كل القضايا، من منطقة
شرقي الفرات، إلى الساحل السوري، والجنوب السوري.
إدارة الاقتصاد
ولعل الواقع
الاقتصادي من أبرز التحديات التي تواجه
القيادة السورية الجديدة، في ظل ارتفاع
معدلات الفقر، والبطالة، وتوقف الإنتاج، واعتماد اقتصاد البلاد على الاستيراد.
رئيس
"مجموعة عمل اقتصاد سوريا" أسامة القاضي، قال إن فرص تعافي الاقتصاد
السوري تبقى قائمة رغم المحنة الشديدة.
وأضاف
لـ"عربي21" أن "الاقتصاد السوري بدون هوية حقيقية، والبلاد تعاني
من أزمة بطالة، والفقر في مستويات مرتفعة، والفساد... وبالتالي فإن فرص
التعافي متوفرة في حال استقرار الوضع السياسي، لكن الأمر يتطلب تقريباً 5 سنوات".
وتابع القاضي،
بأن سوريا تمتلك مقومات النهوض، من النفط والزراعة والصناعة والسياحة، مستدركاً بأنه "لا بد من دفعة خارجية".
اظهار أخبار متعلقة
انتزاع الشرعية
الدولية
من جهة أخرى، فإن القيادة السورية الجديدة لا تزال بدون اعتراف دولي، ويقول الباحث سمير التقي:
"العالم يترقب الوضع في سوريا، والحكومة تحت المجهر، والشرعية تأتي من قدرة
القيادة على إقناع العالم".
ومن الواضح أن
هناك محاولات عربية لدعم سوريا وإعادتها إلى الفضاء العربي، سياسياً واستراتيجياً.
غربياً، يبدو
أن تعامل "هيئة تحرير الشام" التي تقود الحكومة الجديدة والفصائل، مع
الأقليات السورية هو العامل الحاسم الذي سيحدد قرار إعطاء الشرعية للقيادة السورية
الجديدة.