دعا كتاب وأكاديميون ونشطاء بريطانيون حكومة
المملكة المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية في إنصاف الشعب
الفلسطيني الذي
يتعرض لحرب إبادة منذ أكثر من عام، بالنظر إلى مسؤولية
بريطانيا أولا في نشأة إسرائيل،
وأيضا بالنظر إلى التزاماتها تجاه القانون الدولي.
جاء ذلك في
ندوة نظمها مركز العودة
الفلسطيني (PRC) أول أمس الثلاثاء 26 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري في البرلمان
البريطاني بعنوان "الدفاع عن
الحقوق الفلسطينية: الجوانب الإنسانية
والقانونية"، برعاية النائب شوكت آدم.
وجمعت الندوة عددًا من الشخصيات البرلمانية
والأكاديمية، بالإضافة إلى مدافعين عن حقوق الإنسان وممثلين عن المجتمع المدني،
بهدف مناقشة جذور القضية الفلسطينية وتبعاتها الإنسانية والقانونية.
وفي مستهل الندوة أكد البروفيسور آفي شلايم،
أستاذ العلاقات الدولية الفخري بجامعة أكسفورد، خلال استعراضه للمسؤولية التاريخية
لبريطانيا في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، أن وعد بلفور لعام 1917 كان الأساس
في معاناة الفلسطينيين، مشيرًا إلى أنه منح حقوقًا وطنية للأقلية اليهودية (10% من
السكان آنذاك) على حساب الأغلبية العربية (90%).
وقال شلايم: "الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
صنع في بريطانيا. وعد بلفور كان الخطيئة الأصلية التي مهدت لإقصاء الفلسطينيين
وحرمانهم من حق تقرير المصير".
وأضاف أن "استمرار السياسات
الإسرائيلية مثل ضم القدس الشرقية والتوسع الاستيطاني قد قضى تمامًا على إمكانية
تحقيق حل الدولتين"، واصفًا هذا الحل بأنه "ميت كالدودو".
وتحدث شلايم أيضًا عن الأزمة الإنسانية في
غزة، مؤكدًا أن ما يجري يُعد كارثة إنسانية وإبادة جماعية. وأشار إلى أرقام صادمة
حيث قال: "أكثر
من 44 ألف شهيد، 70% منهم نساء وأطفال. تم تهجير أكثر من 90% من سكان غزة قسرًا،
وقُتل 17 ألف طفل. هذا ليس مجرد نزاع، إنه إبادة جماعية".
وأضاف أن تدمير البنية التحتية، بما في ذلك
المستشفيات والمدارس، يعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة تُعرف بـ”جز العشب”، التي تهدف
إلى سحق المقاومة الفلسطينية دون معالجة جذور الصراع.
من جهتها ناقشت البروفيسورة بيني غرين،
مديرة مبادرة الجرائم الدولية للدولة في جامعة كوين ماري، قصور القانون الدولي في
محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها. وأشارت إلى أن إسرائيل انتهكت أكثر من 28 قرارًا
لمجلس الأمن الدولي دون أي عواقب تُذكر، وذلك بسبب الدعم الغربي بقيادة الولايات
المتحدة والمملكة المتحدة.
وأكدت غرين على أهمية دور المجتمع المدني في
التصدي لهذه الجرائم، مشيرة إلى أن حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) تُعد وسيلة
فعالة للضغط على إسرائيل. وقالت: "المجتمع المدني دائمًا في طليعة الدفاع عن الحقوق. حملة المقاطعة ليست مجرد
أداة ضغط بل مسؤولية أخلاقية تضامنية".
أما الدكتور ليكس تاكنبرغ، المستشار البارز
في النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (ARDD)، فقد استعرض جهود إسرائيل لتقويض دور وكالة
الأونروا كجزء من مشروع استعماري استيطاني يسعى إلى إلغاء قضية اللاجئين
الفلسطينيين.
وتحدثت في ختام الندوة الدكتورة شهد
الحموري، المحاضرة في القانون الدولي بجامعة كينت والمستشارة القانونية الدولية،
عن التزامات الدول وفق قرارات محكمة العدل الدولية (ICJ) في ما يتعلق بفلسطين. وتناولت مداخلتها أهمية
فرض حظر الأسلحة، وحق العودة، ومسؤولية المملكة المتحدة في منع الإبادة الجماعية. واستشهدت بكلمات فريدريك دوغلاس لتوضيح الحاجة إلى المواجهة الأخلاقية، مشيرة إلى
التناقض بين مبادئ العدالة في القانون الدولي واستخدامها لتبرير العنف.
وأكدت أن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك مبادئ
أساسية مثل تقرير المصير وعدم التمييز العنصري. وشددت على أن استمرار الدعم الدولي
لهذا الوضع يُعتبر انتهاكًا للقانون الدولي. كما أنها دعت الدول، وخاصة المملكة
المتحدة، إلى فرض حظر على الأسلحة ووقف التعاون الاقتصادي مع إسرائيل. وأضافت أن
المجتمع الدولي يجب أن يتحرك بسرعة لمنع الإبادة الجماعية، ودعت إلى الاعتراف
بالمقاومة الفلسطينية كحق شرعي.
اختتمت الدكتورة الحموري مداخلتها بالتأكيد
على أن العدالة لن تتحقق عبر المساعدات الإنسانية فقط، بل بالاعتراف بالحق
الفلسطيني، مشيرة إلى أن هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على إنسانيتنا المشتركة.
يذكر أن مركز العودة الفلسطيني (PRC) هو منظمة غير حكومية تُعنى بحقوق اللاجئين
الفلسطينيين وتعمل على الدفاع عن قضاياهم في مختلف المحافل الدولية. وتأسس المركز
في بريطانيا ويعتبر من أبرز الهيئات الفلسطينية في الخارج، وهو مسجل رسميًا في
الأمم المتحدة ويُعد عضوًا في العديد من المنظمات الدولية والإقليمية.
ويتمتع مركز العودة بعضوية في مجلس حقوق
الإنسان التابع للأمم المتحدة، ما يعزز دوره في التأثير على السياسات المتعلقة
بحقوق الفلسطينيين في الساحة الدولية.
ويسعى المركز إلى تعزيز الوعي الدولي حول
حقوق اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك حق العودة، والمطالبة بالعدالة القانونية
والإنسانية. كما أنه يعمل على تقديم الدعم للفلسطينيين في الشتات من خلال حملات
إعلامية، وتقارير حقوقية، وتنظيم فعاليات ومؤتمرات في مختلف البلدان.