سيطر
الجنون الإجرامي على المشهد في غزّة ولبنان بشكل كامل، هناك فظائع تحدث لم يكن
يتخيّلها أحد.. أن تقصف المشافي بهذه الوحشية وأن تعطّل وتخرج عن الخدمة، خيام
النازحين تضرب بصواريخ الالفي رطل، مدارس تؤوي نازحين ترتكب فيها
المجازر المرّة
تلو الأخرى، وعدّد بعد ذلك المساجد، والكنائس، والجامعات، والأسواق، والمخابز، وسيارات
الإسعاف، وطواقم الإنقاذ، والصحافيين، وموظفي الإغاثة.. لم تعد هناك حرمة لشيء إلا
وضربت بأبشع الطرق وكان الضحايا آلاف الأطفال والنساء والمسنّين..
والسؤال:
كيف استدرجت هذه العصابة المجنونة بنفسيّتها العنصرية المتطرفة العقل البشري ليصبح
ما تفعله مألوفا ومعقولا وممكنا؟ حتى وزيرة الخارجية الألمانية برّرت قتل
المدنيّين، واللسان الأمريكي دائما يدعو للتخفيف وفعل ذلك بجرعات أقلّ دموية لذرّ
الرماد في العيون.
كيف استدرجت هذه العصابة المجنونة بنفسيّتها العنصرية المتطرفة العقل البشري ليصبح ما تفعله مألوفا ومعقولا وممكنا؟ حتى وزيرة الخارجية الألمانية برّرت قتل المدنيّين، واللسان الأمريكي دائما يدعو للتخفيف وفعل ذلك بجرعات أقلّ دموية لذرّ الرماد في العيون
كيف
استدرجت هذه العصابة
الشعوب العربيّة لتصل إلى تلقّي هذه الصور الفظيعة بدم بارد
وإدمان ومشاعر فاترة لا تصل لإحداث أيّ سلوك أو فعل يرتقي لمستوى هذا المشهد
المريع، إلا بعض الاستثناءات؟
آلاف
العائلات شُطبت من السجل المدني، قصص قتل الأطفال ملأت الفضاء ودهمت قلوبنا بكلّ
قسوة وألم، كنّا نصدم كلّ عدة سنوات بمجزرة ترتكبها هذه العصابة المجنونة فتفجّر
ذاكرتنا على كلّ المجازر السابقة، كيف بنا اليوم عشرات المجازر تصدمنا صورها كلّ
يوم؟
لم
يتوقّف الجنون على ذاك المجرم، وإنما وصل هذا العالم الداعم للجريمة أو الصامت
عليها والمدمن على برود المشاعر وضعف الحيلة وبلادة الحسّ الإنساني الطبيعي، وكأنّ
العالم كله قد شرب من نهر الجنون في القصّة المعروفة.
والسؤال
كيف يعاَلج المجانين؟ وإذ لا يمكن أن يعالج من يرتكب الجريمة ولا من يدعمه ويصطف
معه، فماذا بنا نحن
العرب حيث أصبحنا مدمنين على بلادة الحسّ؛ نحن المسلمين الذين
تربطهم مع الضحيّة روابط كثيرة وعميقة معروفة؟
لقد
لفّنا جنونهم تحت جناحيه، والمطلوب انتفاضة أو هزّة عنيفة تزلزلنا وتخرجنا من هذه
البلادة التي أصابتنا بعنف. لم يعد هناك وقت للمجاملة والمهادنة وتزييف الواقع، لا
بدّ من تشخيص الحالة بموضوعية ومنطق سديد ثم تحريك إرادة الخروج من هذه البلادة..
أن نستشعر تماما ما بتنا فيه ونفكّر مليّا بإرادة الحريّة والتحرّر من هذه
البلادة.
لقد لفّنا جنونهم تحت جناحيه، والمطلوب انتفاضة أو هزّة عنيفة تزلزلنا وتخرجنا من هذه البلادة التي أصابتنا بعنف. لم يعد هناك وقت للمجاملة والمهادنة وتزييف الواقع، لا بدّ من تشخيص الحالة بموضوعية ومنطق سديد ثم تحريك إرادة الخروج من هذه البلادة.. أن نستشعر تماما ما بتنا فيه ونفكّر مليّا بإرادة الحريّة والتحرّر من هذه البلادة
وهنا
لنا أن نقف تاريخيّا مع حالة مشابهة يوم توحّش التتار في الأمّة قتلا وذبحا، ووصل
بهم المطاف مشارف مصر كنانة الله في أرضه، لقد سجّل التاريخ في حينها موقفا للعالم
الربّاني العز بن عبد السلام؛ موقفا أعاد فيه للامّة بوصلتها، انتفض وهدّد بثورة
وصدع بالذي يجب أن يُصدع به في وجه المتقاعسين من أمراء ومماليك. بقية القصة
تعرفونها، حيث وقف المماليك بقيادة قطز والظاهر بيبرس الوقفة المطلوبة وحقّقوا
الانتصار الساحق على تلك الجحافل المتوحّشة.
نحتاج
هذه الأيام كإجراء عاجل إلى عز بن عبد السلام جديد في كل قطر وفي كل مدينة وقرية
وفي كلّ مسجد. نعرف المتغيرات وأنّ التاريخ لا يعيد نفسه وأنّ مماليك اليوم
يختلفون عن مماليك الأمس، وأن العمل على شعوبنا ودولنا كان منهجيّا ومؤسساتيّا وقد
سيطروا على الاقتصاد والسياسة والأمن والإعلام.. ومع هذا كلّه هل نبقى صامتين دون
حراك، جمهورا لطيفا بليدا لمشاهد المجزرة؟ لا بدّ للعلماء أن يقوموا بدورهم وأن
يعملوا ما بوسعهم لنهضة شعوبهم ضمن خطة طويلة الأمد. أمّا ما هو سريع وعاجل فهو
قيادة جماهير شعوبهم للتظاهر أمام السفارات المشاركة في العدوان وعلى رأسها أمريكا
وبريطانيا، وليكن الشعار: "من أيديهم ملطّخة بدمائنا فليرحلوا عن بلادنا".
عندما
تصرخ الشعوب في وجه الظَلَمة لا بدّ من أن تكون بداية الحريّة والتحرّر ولعب دور
هام في القضية المركزية للامة قضية فلسطين، ولا بدّ وأن نُفهِم هذا الجبروت
العالمي الطاغي والمتماهي مع المجازر أننا لسنا قطيعا وأن مصالحهم في بلادنا في
خطر.