تقارير

ترقوميا الفلسطينية.. جسر ومحط أنظار الرحالة والمسافرين والتجار

بوابة ترقوميا باتجاه مدينة الخليل
بوابة ترقوميا باتجاه مدينة الخليل
توسطها بين عدة بلدات وقرى تحيط بها من كل جانب سمح لها بأن تكون كالقلب للجسم، حيث كان طلاب هذه البلدات يدرسون في المرحلة الإعدادية والثانوية في ترقوميا، كذلك تمر الطريق الموصلة من هذه البلدات إلى الخليل وفلسطين المحتلة من وسط ترقوميا ما جعلها محط الأنظار.

ويعتبر معبر ترقوميـا عند مدخلهـا الغربي حلقــة وصــل بـيـن الضفــة الغربية وكل مــن الأراضي المحتلة عام 1948 وصولا إلى ربط الضفة الغربية بقطاع غزة.

كذلك تتبع أهميتها أيضا لوقوع أراضيها بين الخليل وبيت جبرين ما جعلها قبلة الرحالة والمسافرين والتجار.


                               توسط ترقوميا سمح لها بأن تكون مركزا لعدة بلدات

تبعد ترقوميا عن مدينة الخليل 12 كيلومترا، وتبلغ مساحتها نحو 21 ألف دونم، وتحدها من الشمال بلدة بيت أولا، ومن الشرق جبال الخليل وبلدة بيت كاحل وتفوح، ومن الغرب بلدة بيت جبرين والخط الأخضر، ومن الجنوب بلدة إذنا وسوبا.

وهي تتشكل من مجموعة من التلال الجبلية، وتربط بين السهل الساحلي الفلسطيني ومرتفعات جبال الخليل. وتشتهر بزراعة الزيتون والعنب والخضراوات والحبوب، والتين واللوز والتفاح والمشمش والبرقوق، ويعتمد سكان المنطقة أيضا على الثروة الحيوانية.

وبلغ عدد سكان بلدة ترقوميا في عام 1922 نحو 976 نسمة، ثم ارتفع عام 2007 إلى نحو 14 ألف نسمة، وحسب الجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء فقد بلغ عدد سكانها في عام 2023  نحو 22 ألفا نسمة.

وتزخر ترقوميا بمجموعة من الآثار التي تعود إلى العصور الكنعانية وما بعدها، مثل النواميس ومعاصر العنب والزيت والكهوف والمقابر المنحوتة في الصخر، كما أنه تم العثور على أدوات فخارية وزجاجية، ونقود معدنية قديمة.

وفي المنطقة مساجد أثرية، منها المسجد العمري ومسجد الأتقياء ومسجد الخلفاء الراشدين ومسجد الشافعي، وتضم أيضا مواقع أثرية والخرب، ومقام الأمير قيس ومقام النبي صالح.

عرفت بلدة ترقوميا في عهد العرب الكنعانيين باسم "يفتاح"، واستبدل الرومانيون اسمها ليصبح "تراكومياس" وتعني "القرى الثلاث"، وفي رواية أخرى ذكر أنها تحريف لـ"تيراكوميا" التي تعني "أرض القرى الأربع" .

وعندما احتلها الصليبيون أطلقوا عليها "تراكيميا" وهو الأقرب لاسمها الحالي.

كانت ترقوميا تتبع مدينة بنت جبرين أيام سيطرة الرومان على فلسطين عام 332 ق.م، وبعدها خضعت لسيطرة البيزنطيين حتى الفتح الإسلامي عقب معركة أجنادين التي وقعت قرب أراضيها في عام 634 .

وفي العهد العثماني كانت ترقوميا جزءا من سنجق القدس، و ركز العثمانيون على تثبيت السكان في أراضيهم من خلال مسح الأراضي وتوزيعها، ومع ذلك، شهدت البلدة إهمالا في مجالي التعليم والصحة لتركيز العثمانيين على الجانب العسكري.

وشاركت ترقوميا في معظم الأحداث النضالية التي شهدتها فلسطين، منها ثورة البراق عام 1929، والهجوم على الصهاينة في الخليل، وثورة "36 شعبان" لوقف الهجرة اليهودية ومنع بيع الأراضي الفلسطينية ووقف مشروع التقسيم البريطاني.

وانخرطت ترقوميا في معركة "صوريف" عام 1947، وشاركت في حرب عام 1948، وفي معركة "كفار عصيون"، إضافة إلى معارك الحدود التي دارت بين عامي 1949 و1950.

وأصبحت ترقوميا جزءا من الأردن بعد نكبة عام 1948. وشهدت خلالها تطورا تدريجيا في مختلف نواحي الحياة، ونظرا لموقعها الاستراتيجي القريب من خط الهدنة، فقد وضع فيها مقر لكتيبة من الحرس الوطني داخل منطقة دوقاس.

واحتلت ترقوميا بعد سقوط الضفة الغربية بيد الاحتلال الإسرائيلي إثر  نكسة عام 1967.

وفي عام 1973 أنشئ في البلدة أول مجلس قروي تم تعيينه من جميع عشائر البلدة، حيث كان يقدم الخدمات للأهالي من مياه وهاتف ثم الكهرباء فيما بعد.

وعند مجئ السلطة الوطنية الفلسطينية بعد اتفاقيات أوسلو صدر في عام 1997 قرار من وزير الحكم المحلي في السلطة الوطنية الفلسطينية بترقية المجلس القروي إلى مجلس بلدي، وفي عام 2005 انتخب أول مجلس بلدي حيث تم انتخاب 13 عضوا من أهالي البلدة.

وفي عام 1982 أقام الاحتلال الإسرائيلي مستوطنات على أراضي البلدة، منها مستوطنة "تيليم" على مساحة ألف دونم، ومستوطنة "أدورا "على مساحة ألف دونم أيضا، وأنشأ معسكرا للجيش مقتطعا مئات الدونمات من الأراضي الزراعية، ما أثر سلبا على معظم السكان الذين كانوا يعتمدون على الزراعة. إضافة إلى اقتلاع آلاف أشجار الزيتون والعنب واللوزيات وغيرها.


                                            مشهد جانبي لبعض منازل ترقوميا

ولم تتوقف ممارسات الاحتلال ومضايقاته تجاه أهل البلدة إذ يواصل اقتحام البلدة واعتقال أبنائها وهدم منشآتهم الزراعية ومصادرة أراضيهم.

وبقي أهل ترقوميا ولا يزالون  منخرطين في العمل الوطني وفي مقاومة المحتل الإسرائيلي، فشاركوا في الانتفاضة الأولى عام 1987، وفي الانتفاضة الثانية عام 2000.

وساهمت بدورها في التصدي للعدوان الإسرائيلي عليها بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية بعد عملية "طوفان الأقصى"، وسطع اسمها  في الشهر الحالي بعد أن قتل 3 من عناصر الشرطة الإسرائيلية في هجوم مسلح على سيارة عند حاجز ترقوميا.

وقام مستوطنون متطرفون بهدم  47 منزلا ومنشأة زراعية في بلدة ترقوميا باستخدام آليات هدم ثقيلة، مستغلين إغلاق جيش الاحتلال المنطقة لمدة أسبوع بعد عملية ترقوميا.

وقبل العملية قام الممستعمرون، بحماية قوات الاحتلال، بإحراق أراضي المواطنين الواقعة بمنطقة الطيبة شرق ترقوميا، ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تمنع قوات الاحتلال المزارعين من الوصول إلى أراضيهم في مناطق الطيبة، والهردش، والمطينة، وغيرها من الأراضي المهددة بالاستيلاء عليها لصالح المستعمرين.

المصادر:

ـ "بلدة ترقوميا.. نقطة الوصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة"، الجزيرة نت، 1/9/2024.
ـ د إدريس جرادات وعبد الهادي الفطافطة، كتاب"خزانة فلسطين الجغرافية"، دائرة المعارف الفلسطينية،2017.
ـ "مستعمرون يحرقون مساحات واسعة من أراضي ترقوميا غرب الخليل"، وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، 3/6/2024.
ـ مصطفى مراد الدباغ، خربة الصفا وترقوميا، محافظة الخليل، بلادنا فلسطين، صفحة 255.
التعليقات (0)