تمثل زيارة
السيسي
إلى
تركيا تحولا دبلوماسيا مهما في
العلاقات بين البلدين بعد سنوات من التوتر والقطيعة
السياسية. منذ عام 2013، شهدت العلاقات
المصرية التركية توترا كبيرا؛ بسبب الإطاحة
بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، الذي كان مدعوما من حكومة الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان وحزب العدالة والتنمية. ومع ذلك، شهدت الفترة الأخيرة بوادر تهدئة وإعادة تقارب،
والتي اختتمت بهذه الزيارة.
لتحليل هذه الزيارة
ووضعها في سياقها لا بد من فهم عدة أبعاد:
1- البعد الإقليمي
- تمثل زيارة السيسي إلى تركيا خطوة نحو إعادة
ترتيب التحالفات الإقليمية، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة. فتركيا تسعى
لتعزيز علاقاتها مع مصر لتحقيق التوازن في البحر المتوسط وشرق المتوسط، خصوصا فيما
يتعلق بملفات الطاقة والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الملف الليبي الذي يشكل نقطة خلاف
رئيسية بين البلدين.
تمثل زيارة السيسي إلى تركيا خطوة نحو إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة
- بالنسبة لمصر، فإن التقارب مع تركيا يعزز من
موقفها الإقليمي، ويتيح لها مساحة للمناورة مع قوى أخرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا؛
تشجع التهدئة بين البلدين لتعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
2- البعد الاقتصادي
- تشكل الزيارة فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي
والاستثماري بين البلدين، حيث تسعى كل من القاهرة وأنقرة للاستفادة من الفرص الاقتصادية
المتاحة. حيث تتطلع القاهرة وأنقرة إلى زيادة حجم التجارة الثنائية لتصل إلى خمسة عشر
مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
- تركيا تواجه تحديات اقتصادية، وتحتاج إلى توسيع
أسواقها وتعزيز صادراتها، بينما تبحث مصر عن استثمارات جديدة وفرص للتعاون في مجالات
الطاقة والبنية التحتية.
3. البعد الأمني
- يتضمن التقارب بين مصر وتركيا تبادلا محتملا
للمعلومات والتعاون في القضايا الأمنية مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، مما
يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
والسؤال المهم كيف
يمكن للمعارضة المصرية في الخارج الاستفادة من هذه الزيارة؟
1- إعادة تقييم العلاقة مع الحكومة التركية
- المعارضة المصرية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين
التي تتخذ من تركيا مقرا رئيسيا لها، قد تواجه تحديات نتيجة هذا التقارب. ومع ذلك،
يمكن للمعارضة استغلال هذه الزيارة لإعادة تقييم علاقتها مع الحكومة التركية والعمل
على تحسين ظروفها في تركيا أو إيجاد بدائل أخرى للتحرك في دول مختلفة.
2- زيادة الضغوط الدولية
- تستطيع المعارضة المصرية استخدام الزيارة لتسليط
الضوء على سجل حقوق الإنسان في مصر، ودفع الدول الأوروبية والولايات المتحدة للضغط
على كل من تركيا ومصر لتحسين أوضاع حقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين السياسيين.
3- تعزيز الحضور الإعلامي والسياسي
زيارة السيسي إلى تركيا قد تكون فرصة للمعارضة المصرية لإعادة تنظيم استراتيجيتها، والضغط على الحكومات والمنظمات الدولية لتحقيق أهدافها
- يمكن للمعارضة المصرية في الخارج استغلال الزيارة
لتعزيز حضورها في المشهد السياسي والإعلامي، من خلال تنظيم فعاليات وندوات تسلط الضوء
على قضاياها، وتطالب بتغيير السياسات.
4- التأكيد على الانقسام الداخلي
- استخدام الزيارة كدليل على انقسام النظام المصري
الداخلي ووجود ضعف سياسي يدفعه إلى محاولة تحسين علاقاته الخارجية مهما كان الثمن،
وهو ما يمكن أن يستغل لتسويق فكرة ضعف الشرعية الداخلية للنظام الحالي.
ختاما:
زيارة السيسي إلى
تركيا قد تكون فرصة للمعارضة المصرية لإعادة تنظيم استراتيجيتها، والضغط على الحكومات
والمنظمات الدولية لتحقيق أهدافها. ومع ذلك، يعتمد نجاح المعارضة في الاستفادة من هذه
الفرصة على قدرتها على التحرك بشكل منسق وذكي، بالإضافة إلى طبيعة التغيرات السياسية
في كل من مصر وتركيا خلال الفترة القادمة.