نشرت صحيفة "
ديلي تلغراف" تحقيقا قام على أدلة بصرية حول الحدود "الجديدة" لدولة
الاحتلال مع قطاع
غزة، بالتزامن مع تواصل العدوان الإسرائيلي للشهر الرابع على التوالي.
وقالت ناتاليا فاسيليفا وروبرت مينديك، معدا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن إسرائيل تقوم بتنظيف مساحة كيلومتر مربع للمنطقة العازلة وداخل قطاع غزة لكي تنشئ حدودا أمنية تؤدي في النهاية لتقليص مساحة المنطقة
الفلسطينية.
وبحسب الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية، فإن أكثر من 1,000 بناية دمرت حول المنطقة المقترحة منذ 7 تشرين الأول /أكتوبر الماضي.
وأشار التقرير إلى أن الدول الغربية الحليفة قد حذرت إسرائيل من المنطقة العازلة، ونفت إسرائيل أنها تقوم ببناء منطقة أمنية مع أنها اعترفت بتنظيف مساحات قريبة من الحدود. وتقول الصحيفة إنها شاهدت بالعين المجردة الدمار الشامل في زيارة قريبة للمنطقة.
وأخبر جيش الاحتلال الصحيفة أنه دمر البنايات التي اكتشف أن فيها وجودا لحماس. وكشفت الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية عن هدم مئات البيوت وتسوية حقول زراعية وبساتين بالأرض ومنشآت خدمية مثل المدارس والجوامع التي هدمت بالكامل. وتظهر مناطق حضرية عمليات هدم وتسوية تمتد على مساحة تزيد عن كيلومتر مربع من الجدار الأمني الذي تم اختراقه.
اظهار أخبار متعلقة
ولفت التقرير إلى أن منطقة بيت حانون، الواقعة في شمال شرق غزة، كانت المدخل للقوات الإسرائيلية للعملية البرية نهاية تشرين الأول /أكتوبر. فالمنطقة المحيطة ببلدة بيت حانون شهيرة بالمزارع وبساتين فاكهة التين والصبار. إلا أن معظمها بات مدمرا وجرفته جرافات الجيش الإسرائيلي لفتح طرق للعربات المشاركة في الغزو البري. وحرثت أشجار الفاكهة والحقول الدفيئات بشكل فاقم من نقص المواد الغذائية حسب منظمة "هيومان رايتس ووتش".
وفي بعض المناطق تركت الجرافات أثرها في التلال الترابية التي تراكمت ومحت أي إشارة عن الخضرة. في المنطقة الشمالية- الشرقية من بيت حانون، فقد تم هدم وتنظيف أكثر من 150 بيتا قريبة من "المنطقة العازلة"، أما البيوت في المنطقة القريبة فتعاني من آثار القصف بسبب الغزو، وفقا للتقرير.
وزعم جيش الاحتلال أنه هدم البنايات في المنطقة لتدمير الأنفاق والبنى التحتية العسكرية.
وفي الشجاعية، أحد أحياء مدينة غزة والذي كان يعتبر حتى كانون الأول /ديسمبر، من أكثر المناطق ذات الكثافة السكانية في العالم، زعم الجيش الإسرائيلي أنه عثر على "عدة أنفاق" استخدمتها حماس في البيوت والعيادات والمدارس في المنطقة، لكن طرف الحي يبدو مدمرا بالكامل وعلى طول الخط الذي يعكس مسارات حدود غزة وعلى مساحة كيلومتر. ومن بين العلامات المهمة للمكان والتي تحولت إلى أنقاض تل المنطار ومسجد المنطار.
وتحدث الغزيون في لقطات الفيديو التي بثت على منصات التواصل بأن التلة هي أعلى نقطة في القطاع وتستطيع منها مشاهدة المدينة، وكان الأطفال يتسلقون شجرة خروب للحصول على منظر أفضل. وقريبا من الخط الحدودي كانت هناك محطة بترول مدمرة وفي الجنوب منطقة سويت بالتراب بسبب الهدم والغارات والتي كانت يوما ما مدينة تفتخر بنفسها، حسب التقرير.
وتحدث التقرير عن منطقة البريج، شرق غزة، والتي تقع الآن في وسط "المنطقة العازلة"، حيث كانت محطة معالجة مياه الصرف الصحي والتي مولتها ألمانيا بـ 85 مليون يورو، وهي مزودة بألواح الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في بيوت سكان غزة وكانت تعالج المياه من بيوت مليون شخص، أي نصف سكان القطاع ومنذ بداية تشغيلها عام 2021.
وتقول الأمم المتحدة، إن المحطات الست لم تعد قادرة على العمل بسبب نقص المياه والكهرباء. وتم تدمير ألواح الطاقة الشمسية المرفقة بالمحطة وخلفت الجرافات أثرها في جزء من المكان. وتم هدم البيوت حول المحطة والواقعة داخل "المنطقة العازلة" وأبعد منها. وفي شمال المحطة وخارج المنطقة العازلة، فقد تم تدمير حي سكني بالكامل، فتجمع من 29 بناية ومسجدا وعيادة طبية وملعب كرة قدم، كلها هدمت. وفي جنوب المحطة، تظهر صور الأقمار الاصطناعية ما يبدو أنه طريق ترابي يقود إلى إسرائيل وحفرته على ما يبدو الجرافات.
وفي حي المغازي، الذي يبعد 600 متر عن الحدود حيث قتل 21 جنديا في الشهر الماضي. وبرر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري العملية بأنها من أجل خلق ظروف أمنية جيدة لعودة سكان البلدات الجنوبية في إسرائيل. وتشمل المنطقة العازلة مناطق قريبة من خانيونس، جنوب القطاع.
ووفقا للتقرير، فإن المنطقة كانت واضحة للعيان عندما انطلق مراسل الصحيفة من كيبوتس عين- هشلوشة، حيث استخدم المراسل والمصور الصحافي نفس الطريق الترابي الجديد ومرور في منطقة يباب إلى مدرسة يستخدمها الجيش الإسرائيلي كقاعدة عسكرية. والمدرسة هي المكان الوحيد الذي لا يزال قائما وما حوله حول إلى خراب، بما فيها فيلل راقية والتي سكنت فيها نخبة غزة حيث هدمت وحولت لأنقاض. ويزعم الجيش أن البيوت كان فيها مداخل أنفاق.
وذكرت دراسة أكاديمية نشرت قريبا أن 67% أو 704 بنايات من مجموع البنايات الـ 1,048 التي هدمت تقع في أطراف مدينة خانيونس. والجزء الأكبر من الدمار حصل في منطقة خزاعة في خانيونس، حيث يظهر الطريق الترابي وهو يقسمها. وواحدة من البنايات المدمرة هي مدرسة تابعة للأمم المتحدة والتي هدمت جزئيا في الحرب القصيرة عام 2014. وتم إعادة بناء المدرسة بتمويل من الحائزة على جائزة نوبل للسلام ملالا يوسف زاي في العام التالي. ومن بين البنايات التي قيمتها الصحيفة والتي دمرت مسجد ومدرسة ومحل لبيع ألعاب الأطفال والذي أعلن عن وصول كميات جديدة من الدمى والألعاب على صفحته في فيسبوك قبل هجمات تشرين الأول/أكتوبر.
ووفقا للتقرير، فإن صور الأقمار الاصطناعية تظهر دمارا شبه كامل لمسجد التقوى. وتكشف صور المسجد على فيسبوك مسابقات لتحفيظ القرآن وتوزيع الجوائز على الفائزين وأطفالا يلعبون كرة القدم في ساحته. وتم تسوية الأراضي جنوب البلدة والتي كانت مزارع للخيار والفلفل والبندورة بالتراب. ولم ينج أي من الدفيئات على ما يبدو.
وأشارت الصحيفة، إلى أن ما سيجري في غزة بعد الحرب هي نقطة خلاف بين إسرائيل وحلفائها الغربيين ودول الشرق الأوسط. ولكن المسؤولين الإسرائيليين أخبروا الصحافيين بشكل غير رسمي أنهم يفكرون بإقامة منطقة أمنية تمنع الهجمات في المستقبل.
اظهار أخبار متعلقة
وقالت صحف إسرائيلية إن برنامج الهدم سيطال كل البنايات الواقعة في منطقة الشريط الأمني وعلى مساحة كيلو متر مربع، ولن يطال البنايات التي تعود لوكالات الأمم المتحدة أو التي مولها الاتحاد الأوروبي.
وحسب التقرير، فقد وصلت نسبة الهدم في بعض الأماكن إلى 75- 100%. وفي دراسة أجراها أدي بن نون، المحاضر في الجامعة العبرية أن "إسرائيل" هدمت ما بين 1,072 من 2,824 واقعة ضمن المنطقة العازلة. وتقول الحكومة إن المنطقة الجديدة ستعجل من عودة سكان البلدات الجنوبية التي أخليت بسبب التهديدات، كما يقول نير بركات، وزير الاقتصاد والسبب لإخلائهم من بيوتهم هو التهديد بالغزو، وفي الجنوب لم يعد مهما ويجب على الناس العودة إلى بيوتهم.
ونقل التقرير عن هيو لوفات، المحلل في شؤون الشرق الأوسط بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله إن خطة المنطقة العازلة بعيدة المدى و"يزعم المسؤولون الإسرائيليون وبشكل دائم أن أعمالهم مؤقتة، والآن يشيرون لمنطقة عازلة لا يمكن نظريا تفكيكها، ولإسرائيل تاريخ في خلق حقائق على الأرض"، مشيرا إلى مزاعم "إسرائيل" بشأن الجدار العنصري والمستوطنات في الضفة الغربية.