نشر موقع المحلل
الاقتصادي التركي "ماهفي إيلماز"
تقريرًا قيّم فيه تأثير زيادة
الحد الأدنى للأجور على
التضخم في
تركيا لعام 2024.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن
الإنتاج يتم من خلال مشاركة أربعة عناصر: العمالة، ورأس المال، والموارد الطبيعية،
والإدارة. ويتلقى كل عنصر إنتاج حصته من الناتج من خلال المشاركة في العملية
الإنتاجية. فمثلًا؛ يتلقى العمال أجورهم، ويتلقى أصحاب رأس المال فوائدهم، ويتلقى
أصحاب الموارد الطبيعية الإيجار، ويتلقى رواد الأعمال الأرباح، ومن هنا يظهر ما
نسميه توزيع الدخل في الاقتصاد.
ولأن العمالة هي أضعف عناصر الإنتاج من الناحية المالية، فإن
الحكومات تطبق نظامًا يسمى الحد الأدنى للأجور لضمان عدم تخفيض حصتهم من الإنتاج
(الأجور) إلى مستوى معين. ووفقًا لذلك، لا يجوز لأصحاب العمل دفع أقل من الحد
الأدنى للأجور المحدد للعامل الذي سيوظفه. ويتم تعديل الحد الأدنى للأجور وفقًا
لمعدل التضخم في الاقتصاد ويتم تحديده مرة أخرى بشكل دوري.
اظهار أخبار متعلقة
وذكر الكاتب أنه في ظل عدم القدرة على خفض التضخم، من الضروري
تعويض انخفاض القدرة الشرائية للطبقة العاملة، التي لا تملك القدرة على تعديل
دخلها وفقًا لذلك، من خلال زيادة الأجور، مبينا أن هذا ضروري ليس فقط لدعم العمال، ولكن
أيضًا للحفاظ على حيوية الاقتصاد، لأن انخفاض القدرة الشرائية المستمر يؤدي إلى
انخفاض الطلب من الناس، مما يؤدي إلى انخفاض معدل النمو، ثم ارتفاع معدل البطالة.
ومع ذلك؛ فإن زيادة الحد الأدنى للأجور، بالإضافة إلى الحفاظ
على حيوية الاقتصاد، تؤدي أيضًا إلى زيادة تكاليف الشركات، مما يؤدي إلى زيادة
الأسعار، وبالتالي ارتفاع التضخم أكثر.
وأضاف الكاتب أن الحكومة التركية رفعت الحد الأدنى للأجور لعام
2024 إلى 17.002 ليرة تركية (575 دولار)، بزيادة قدرها 49 بالمئة عن مستوى 11.402
ليرة تركية للعام السابق، كما أكدت الحكومة أنه لن يكون هناك أي زيادة أخرى في
الحد الأدنى للأجور في منتصف عام 2024،
وأن هذا الأجر سيظل ساريًا طوال العام.
ويتم حساب إجمالي تكلفة الحد الأدنى للأجور بقيمة 17.002 ليرة
تركية من منظور صاحب العمل على النحو التالي:
الحد الأدنى الإجمالي للأجور: 20.002,50 ليرة تركية
حصة العامل في التأمينات الاجتماعية (14 بالمئة): 2.800,35 ل.ت
تأمين البطالة (1 بالمئة): 200,03 ل.ت
الحد الأدنى الصافي: 17.002 ل.ت
حصة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية (15.5 بالمئة): 3.100,39 ل.ت
تأمين البطالة لصاحب العمل (2 بالمئة): 400,05 ل.ت
التكلفة الإجمالية لصاحب العمل: 23.702,94 ل.ت
لنحاول تقريبًا إيجاد تأثير زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 49
بالمئة على التضخم بناءً على حساب تقرير التضخم الثالث الصادر عن البنك المركزي
التركي لعام 2023 ، وفقاً للتقرير
اظهار أخبار متعلقة
وأشار الكاتب إلى إجراء الحساب لزيادة الحد الأدنى
للأجور في النصف الثاني من عام 2023، ويظهر أن كل زيادة بنسبة 1 بالمئة في الحد الأدنى
للأجور سيكون لها تأثير بنسبة 0.07 على مؤشر أسعار المستهلكين، فإذا افترضنا أن
هذا المعيار ينطبق أيضًا على هذا الارتفاع الأخير، فسيبدو أن زيادة الحد الأدنى
للأجور بنسبة 49 بالمئة ستؤدي إلى زيادة التضخم بنسبة 3.5 بالمئة تقريبًا في المدى
القصير.
وتابع الكاتب أنه إذا أخذنا في الاعتبار النسبة البالغة 0.12
المتوقعة للتأثير طويل المدى في نفس التقرير، فيمكننا أن نتوقع أن ترتفع معدلات
التضخم إلى ما يقرب من 6 بالمئة في المدى الطويل.
وأفاد أن السياسة المالية التي تنفذها الحكومة تبدو
وكأنها سياسة داعمة للنمو. يمكن رؤية ذلك أيضًا في تفاصيل الميزانية التي تم
قبولها في البرلمان، بالإضافة إلى زيادة الحد الأدنى للأجور.
اظهار أخبار متعلقة
من ناحية أخرى بحسب الكاتب، فإن السياسة النقدية التي يطبقها البنك
المركزي، تبدو على الرغم من أنها غير كافية، وكأنها سياسة تستهدف خفض التضخم. بالإضافة
إلى هذا المزيج المعقد للسياسة المالية والسياسة النقدية، تحاول الحكومة أيضًا
السيطرة على التضخم من خلال ممارسات غير تقليدية، مثل إبقاء أسعار الفائدة دون
مستوى التضخم ووضع سقف لزيادة الإيجارات أقل بكثير من مستوى التضخم.
واختتم الكاتب تقريره بأنه "إذا أردنا حقًّا مكافحة التضخم ودعم السوق أيضًا، فلا مخرج سوى البدء بوضع حد
للإسراف في القطاع العام".